مقال بعنوان " الأيام الأجمل"


رم - الأيام الأجمل
أرى وأنا على أعتاب العمى والظلام ما لم أره منذ زمن، فعلا نرى الأشياء ولا نبصرها. مناسبة ما سبق تأتي في سياق الحديث عن الأمل والتفاؤل والأيام الأجمل لم تأت بعد، كما يُصرَح في شتى اللقاءات، وعبر أثير الفضاءات.

ولأني كما أظن أمارس التدرب على العمى فلا أرى وأحاول أن أعوض ذلك بالبصيرة، صرت أتخيل الأيام الأجمل التي لم تأتِ بعد، أيام تكون فيها المعاشات تطول وتتمدد ليصل رأسها سنام المعاش القادم، وأيام تكون فيها البطالة في نسبها المعقولة، ولربما تصبح أقل أو في تناقص، وأيام تكون فيها الأكتاف متساوية والرؤوس متفاوته، فلا يكون التمايز إلا في العقول وشهادات التفوق الأكاديمي والكفاءة، فتحقق العدالة الإجتماعية.

كنت أمارس التدرب على العمى والتدريب على البصيرة لعلي أكون مخطئا في رؤيتي للواقع، فربما يكون لدى صاحب المكانة الرفيعة بصيرة لا تدركها رؤيتي الحقيقية للأشياء، بيد أني وفي غمرة انشغالي في التخيل تشاغلني تصريحات مشاكسة تنقلني من مساحة اللاشعور والطمأنينة إلى مركز القلق والتوجس، ولا أخفي سرا إن قلت أيضا أن بعض تلك العبارات تنقلني إلى مرحلة الفصام الإداري فلا أميز كنه وظيفة المتحدث؛ هل هو وزير مفوض بيده الحل والعقد أم هو نائب يطالب الحكومة بأداء واجباتها، أم هو مواطن تعصف به المخاوف من تبعات مالية جديدة لا يقوى على تبعاتها.

نعم، تشاغلني تلك التصريحات وتشاكسني، بل وتفعل بي ما يفعله الخمر في "مالك" من دوار وترنح وانكفاء على الذات. فبينما أحاول التفاؤل في الأيام الأجمل التي لم تأت بعد، تأتي تلك التصريحات لتؤكد تأثر البلد بتبعات الحرب الأوكرانية الروسية، وعدا عن كون هذا التصريح لا يليق بمسؤول؛ لأنه ببساطة معلوم وبديهي، إلا أنني أواصل الاستماع مجبراً غير مخيرٍ إلى تصريحات من المسؤول ذاته، يؤكد فيها أهمية البحث عن تأمين المستلزمات الغذائية من قمح وزيت وغيرهما من مصادر أخرى آمنة، متصلة غير منقطعة، وبعيدة عن دول النزاع. وهنا يبدأ الترنح والدوار فأهذي وأتساءل؛ إن كنت أيها المسؤول تطالب وتؤكد وتناشد ، فمن تطالب؟ ولماذا تؤكد؟ ومن تناشد؟!!

جميل هو التفاؤل ولطيف هو الأمل، ولا أريد أن أبدو كواضع العصا في خاصرة العجلة، لكن الأمل والتفاؤل لا يكون إلا مستندا إلى جدار العمل الجاد، والتفكير الاستباقي، واستشراف المستقبل، وتوقع المخاطر، ومستندا أيضا الى خطط وضعت مسبقا لمواجهة العقبات قبل حدوثها. وليس التفاؤل المبني على الخيال والأمنيات.

وهنا لا أعرف هل أركن إلى بصري وإدراكي الحقيقي للأشياء أم أبقى أمارس التدرب على العمى، فلا أرى؟!!
ويبدو لي أن الثانية مريحة أكثر!!!!



عدد المشاهدات : (6409)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :