حصاد الورد


رم -

حَصَاد الوَرد

أنا طِفلَةٌ من وَرد ، شَجَرتِي تُمارِسُ الصُعود نحوَ الشمسِ ، لا تميلُ صَوب العتمِ .. لا يَحجُبها غَيمٌ ، تَتدَّلى النُجومُ كَي تَزيدها وَسامة ، أما القمَر فَيخجَل أن يَبدِي في حُضورِها أدَنى ابتسامَة .. أنا طِفلَةٌ وردَة ، لِيْ بَتلاتٌ من نُور ، و فَساتيني تُراقِصها الريح و تَطربْ .. نَظرَتِي شُموخٌ و لَونِيْ دَلال ، أرضِيْ تُربَة سارَ عليها الأنبياءِ ، و ماءُ سُقيايَّ دُموع !

أَتَوْا يُمطُرونَ مُبيدهم النارِيَّ فوقَ رأسِيْ ، فانصهرت احلامِيْ ! ، جاؤوا مُدَّجَجينَ بالثِقَلِ يحمِلون الكواكِبَ ضِدِّي ، و انا فِي مَهَبِ صِراعَهُم غصنٌ أخضَر يتمايَلُ و لا يَسقُطْ ! ، كَسروا عُنقِيْ و لَا زِلتُ أتنفَّسْ ، رأوا بُرعماً اخبئوهُ فِي جَيبِي ، فقاصَصونِيْ بِتقليمِ أصابِعِيْ .. عَجزتُ عَن حَمْلِ الأقَاح فَوزَّعتُ عِطرِيْ و غَنيَّتْ ، .. طَعنوا قَلبِيْ بِسكينٍ و تُهمَة ، عاثوا فِي أضلاعِيْ قَطفاً و قَصفاً .. ، أزهرتُ رغماً عَنهُمْ ، فَجُرحِيْ يَطرَحُ الجُورِيْ الأحمَرْ .

حِصَارهُم بِشائِكٍ و سِياج لنْ يَحنِيَ من هِمَّتِيْ ، فأنا أكبُر كُلَّما انسابَ دَمعِي ، أتّجَذَرُ فِي كَبدِ الأرضِ .. أتغَلغَلُ و أسمو نحوَ السَماءِ ، أنفضُ عَن أوراقِيْ غُبار الغارَةِ و أُينِع بالأخضَر و شراييني ، بريقُ عينيَّ لا يَشيخُ ، و ذَهبُ تفاصيلِي لا يَصدأ ، و تاريخِيْ ؛ وَسمٌ أقبِضُ عليهِ في قَلبِي كَي أحميهِ .. أحفرُ أسماءَكُم فيهِ ، و أبرعِمُ مِراراً .. مَهماَ تحدانِيْ حَصادَهُمْ .

ريم الكيالي ،
من حصاد الورد ، نصوص في الشتات الفلسطيني .




عدد المشاهدات : (4767)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :