رم - وسط البلد ذاك المكان العمّاني العريق ليس مكانًا عاديًا خاصة في شهر رمضان المبارك، فعبر شارع الملك طلال أطول شوارع عمّان وأكثرها ازدحاماً بالمشاة والمركبات، تعلو البهجة وجوه الصَّائمين وهم يحيون عادات قديمة متجددة، يسيرون على الأقدام في حركة دؤوبة طيلة النهار وحتى ساعات متأخرة من الليل، قضاء للحاجات أو البحث عن أطعمة شهية بأسعار منطقية تناسب الجميع.
وكالة الأنباء الأردنية (بترا) رصدت المشهد الرمضاني في وسط البلد الذي يقع بين عدد من جبال عمَّان السَّبعة أبرزها جبل القلعة و الجوفة، حيث تسود أجواء شهر الصِّيام وتتزيين الشوارع وتعج بالعائلات والأفراد شيبًا وشبابا، خاصة في ساعات ما قبل الإفطار حيث ترى أثر الصِّيام على وجوه الكثيرين تفيض منها نفحات رمضان الإيمانية.
ومع اقتراب أذان المغرب تتسارع خطا الجميع لحجز مكان على طاولة في مطعم ما، وآخرون يفضلون الحصول على وجباتهم باليد عائدين إلى بيوتهم وسط ترتيل للقرآن الكريم من قلب المسجد الحسيني الكبير.
الحاج مصباح حبوب "أبو العبد" صاحب مطعم شهرزاد في زقاق سينما عمان القديمة يقول إن والده الحاج عبد الرحمن حبوب بدأ مشوار المطعم منذ عام 1960 كمتخصصين في المشاوي والكفتة وعرائس اللحمة التي سميت بذلك كناية عن وجه العروس المحُمر في ليلة زفافها من شدة جمالها الممزوج بالخجل، لافتا الى أنه بدأ العمل في عمر 11 عاما كصاحب للمطعم برفقة أخيه جمال.
وأوضح بأنَّه جرت العادة خلال السنوات السابقة في شهر رمضان أن تغلق أبواب المطعم للصيانة لكن الحاج مصباح قرر وللمرة الأولى فتح أبوابه مع فترة الغروب، واصفاً المشهد بغير المتوقع بفضل الله.
وأكد استمرار العطاء وتقديم خدمة الطعام للصائمين في رمضان وخلال العام على الدوام، حيث انَّ شهر رمضان له خصوصيته، مشيرا الى أن الأجانب والسياح من كل الجنسيات يرتادون وسط البلد ومطاعمها.
أم ليث تقول إنَّها اعتادت النزول الى وسط عمان كل اسبوع او أسبوعين، مشيرة الى أن عمها حسنين البريم أحد تجار الجملة في وسط البلد.
ولفتت إلى أنَّ الأسعار مناسبة للجميع، ويشهد المكان تطورًا ملحوظا وملموسا حيث لعبت منصَّات التَّواصل الاجتماعي دورا كبيرا في إبراز جماليات وسط عمان وزيادة أعداد الزوار المحليين والأجانب من كل دول العالم.
أم سليمان اكدت أنَّ الأردن أجمل بلد في عينها ورغم أنَّها زارت اكثر من بلد لكنها لم تجد بلدا أكثر أمنا منها، مشيرة الى أن بإمكان المرأة الخروج من المنزل والتسوق والتجول والعودة الى بيتها في أي ساعة وهي آمنة على نفسها.
وتشير العاملة في مجال تسويق منصَّات التَّواصل الاجتماعي سارة لبيب والتي تسكن جبل عمان إلى أنها تستمتع بأجواء رمضان من خلال الزينة والناس والأجواء العامة في وسط البلد لقرب المسافة من بيتها أولاً، ولأن خروج الكثير من الناس يشعرها بالسعادة وبالدفء.
ولفتت إلى الحركة الدائبة في شوارع وسط البلد وزينة الشوارع التي تعكس الفرح، مؤكدة أنَّ وسط البلد هو المكان الحقيقي الذي يشعرها بأجواء رمضان مع الكنافة وعصير قصب السكر والآيس كريم.
وتصف مهندسة العمارة رانيا ماهر المشاعر الحميمية تجاه وسط البلد بأنها مهما غابت عن هذا المكان إلا تجد شوقا يقودها اليه لأنه لا يمكن للمرء أن يمل منه رغم الازدحام.
وأكدت أهمية المحافظة على الطابع الخاص لوسط البلد ومنع العبث به والمحافظة عليه كمكان تراثي، فيما تمنح البسطات والعشوائيات المكان خصوصية لأنها بدون تصنع او تكلف، مشيرة الى أنَّ عمان تشتهر بنمط معماري جميل.
(بترا