رجل الكهف


رم -
م. انس معابرة.


يتصدّر سوء التفاهم بين الرجل والمرأة قائمة أسباب الخلاف بينهما، خصوصاً بين الزوجين، إذ كثيراً ما ينشب الخلاف بينهما بسبب عدم إدراك أحدهما لتصرف الآخر، وذلك من ناحية الأسباب التي دفعته لذلك التصرف، أو النتيجة المترتبة عليه.

ونلاحظ أيضاً أننا نلجأ الى طرق وأساليب مختلفة في التعامل مع المشاكل التي تواجهنا، فتعامل بعض الرجال مع المشكلات يختلف عن بعضهم الآخر، ومن المؤكد أن طرق تعامل الرجال مع المشكلات يختلف إختلافاً جوهرياً عن طرق تعامل النساء معها.

إذ أن المرأة تلجأ الى الآخرين من أجل إيجاد حلول لمشاكلها، تتكلم مع قريباتها وصديقاتها وجيرانها، وتسهب كثيراً في شرح المشكلة لهم، علّها تجد حلاً مناسباً عند أحدهم.

أما الرجل؛ فهو يلجأ الى الصمت عند مواجهته لأي طارئ، يحتاج الى التفكير بهدوء وروية، بعيداً عن الأصوات المرتفعة والنقاشات الحادة والآراء المتباينة، يحاول أن يدرس الأساليب المختلفة لحل المشكلة، الى أن يتوصل الى الحل، وإن عجز عن ذلك؛ فإنه يلجأ لطلب المشورة من أصحابها.

وترجع أسباب الإختلاف بين الجنسين الى طبيعة كل منهما، فالأنثى تحب أن تكون في حماية أحدهم، وتخشى من مواجهة مشاكل الحياة دون ساتر يحميها ويدافع عنها، وهذا لا يعيبها بطبيعة الحال، بل هو المعنى الكامل للأنوثة والنعومة، وحقها في الحياة الرغيدة بعيداً عن المشاكل.

وإذا أردت مثالاً للتوضيح؛ إبحث عن زوجة تقوم بكافة واجبات البيت الداخلية والخارجية بعد أن ترك لها زوجها المسؤولية كاملة، ستجد أن التعب والكد ينزع منها الجزء الأكبر من الأنوثة اللازمة للمرأة.

أما الرجل؛ فهو معتد بنفسه كثيراً، يحب أن يواجه الصعاب والمشاكل ويحلها، وذلك يرفع من قيمته أمام الجنس الآخر، خصوصاً أمام أمه وأخواته وزوجته وبناته، هل رأيت يوماً فتاة لا تعشق والدها، وتعتبره رجلاً نادراً لا يتكرر بين الرجال؟ لا تنسى المثل القائل: "كل فتاة بأبيها معجبة".

بقي لديّ نقطة هامة أحب أن أوضحها؛ وهي أن الرجل قد يدخل أحياناً في فترة من الصمت، يبدأ فيها بتحليل إحدى المشكلات التي تواجهه، قد تكون مشاكل في العمل، أو مشاكل مادية، أو عطل في السيارة، أو حتى يفكر في طريقة لتنفيذ مشروع ما، عند هذه المرحلة بالذات يجب أن تلتزم المرأة الصمت، وألا تقتحم عليه خلوته.

يشرح جون غراي هذه الفكرة في كتابه "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، كما أشار اليها الكاتب أدهم شرقاوي في كتابه: "للرجال فقط"، والفكرة تتلخص في أن الرجل يحتاج أحياناً الى الإختلاء بنفسه، أن يجلس صامتاً يفكر في حل لمشكلة ما، أن يدخل الى الكهف الخاص به بعيداً عن المقاطعات، عندها وجب على المرأة أن تحترم خلوته، وألا تقاطعها أبداً.

قد يصل التفاهم بين الزوجين الى مرحلة يذكُر فيها الزوج أنه بحاجة الى دخول الكهف، أو يطلب من زوجته أن تتركه لوحده، أو أنه لا رغبة له في الحديث والنقاش حالياً، فتتفهم المرأة الواعية تلك الحاجة وتحترمها، وبالمقابل يقدّر الرجل ذلك ويثني على تصرف المرأة بحكمة ودراية بعقلية الرجل وحاجاته.

إن السبيل الأمثل لعلاقات ناجحة بين الرجال والنساء كزوجين، أو كأفراد أسرة، أن يفهم كل منهم طبيعة الآخر ويحترمها، أن يقدّر كل طرف منهم حاجة الآخر ويساعده على الحصول عليها، كأن تدرك المرأة أن حاجة الرجل الى الإختلاء بنفسه لا تعني أنه لا يطيقها، وأن يفهم الرجل أن كثرة الشكوى من المرأة لا تعني تقصيره.



عدد المشاهدات : (3508)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :