رم - بترا- رزان المبيضين
"لا ينبغي أبدا أن تشكل الإصابة باعتلال الصحة النفسية سببا لحرمان إنسان من حقوقه المكفولة له أو استبعاده من اتخاذ القرارات المتعلقة بصحته، ومع ذلك ما يزال كثير من المتعايشين مع اعتلالات الصحة النفسية يعانون في أنحاء عدة من العالم مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان"، بحسب ما تؤكد منظمة الصحة العالمية.
وبمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية اعتبرت المنظمة أن هذا اليوم يتيح الفرصة من أجل تحسين المعارف وإذكاء الوعي والدفع قدما بالإجراءات التي تعزز وتحمي الصحة النفسية للجميع، باعتبارها حقا عالميا من حقوق الإنسان الأساسية المكفولة.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة للعالم بهذه المناسبة الى "واحدا من كل ثمانية أشخاص على صعيد العالم يعاني من اضطرابات الصحة النفسية، على أن هذه الاضطرابات تنتشر بين النساء والشباب بدرجة غير متناسبة، ومن بين كل أربعة أشخاص يعانون من هذه الاضطرابات، يتلقى ثلاثة أشخاص علاجات غير كافية أو لا يتلقون أي رعاية وكثير منهم يواجهون الوصم والتمييز".
محليا، يعمل 120 طبيبا ما بين مقيم وأخصائي واستشاري على تقديم الخدمات الطبية النفسية في وزارة الصحة من خلال مستشفى المركز الوطني للصحة النفسية والأقسام التابعة له والعيادات الخارجية المنتشرة في جميع محافظات المملكة وعددها 52 عيادة موزعة ما بين المستشفيات العامة والمراكز الصحية الشاملة وحماية الأسرة ومراكز الإصلاح والتأهيل بطاقة استيعابية تبلغ 305 أسرّة.
يقول اختصاصي الطب النفسي مدير مستشفى المركز الوطني للصحة النفسية الدكتور حسن السخني، إن وزارة الصحة تقدم الخدمات الطبية النفسية من خلال مستشفى المركز الوطني للصحة النفسية والأقسام التابعة له وعيادات خارجية منتشرة في جميع محافظات المملكة، ومن خلال العيادات النفسية في المستشفيات الحكومية كافة وعدد من المراكز الصحية وعيادات الطب النفسي في إدارة حمايات الأسرة ومراكز الإصلاح.
وأضاف، تفعل الوزارة برامج التوعية ونشر الثقافة في مجال الصحة النفسية من خلال التعاون الدائم مع كافة المديريات المعنية وعلى رأسها مديرية تشخيص الإعاقات والصحة النفسية، إضافة إلى تطبيق برنامج سد الفجوة (mhGAP) بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والهيئة الطبية الدولية.
وبين السخني أن الوزارة تقوم على إشراك الاطباء والكوادر الطبية العاملة في اختصاص طب الاسرة والطب المجتمعي في الرعاية الصحية ونشر الوعي، إلى جانب التنسيق الدائم والمشاركة الفعالة في الدورات وورشات العمل والنشاطات مع المؤسسات كافة فيما يخص الثقافة بالصحة النفسية .
وبحسب إحصائية الدخولات لمستشفى المركز الوطني للصحة النفسية في الفترة بين كانون الثاني وآب الماضيين راجع المستشفى حوالي 14 ألف مريض وتم إدخال 1794 مريضا، لافتا الى أن الفئة العمرية من 19- 30 تصدرت قائمة الإدخالات بـ 645 مريضا.
بدوره أشار اختصاصي أول الطب النفسي رئيس جمعية الأطباء النفسيين الدكتور علاء الفروخ، الى أن ثنائية الجهل وثقافة العيب لهما دور كبير في تراجع عدد من ينبغي عليهم مراجعة العيادات النفسية إذ يشكل هؤلاء ما حوالي 30% من إجمالي المرضى.
وأكد ضرورة توعية وتثقيف الشباب والطلاب في الجامعات والمدارس لتجاوز ثقافة العيب في مسألة العلاج النفسي،
موضحا أن الأمراض النفسية لا تعزى لسبب محدد بل تجتمع مجموعة من الأسباب تساهم في ظهور المرض النفسي لكنها تتوزع بين عاملين هما العامل الوراثي، والعامل البيئي الضاغط.
المركز الوطني لحقوق الإنسان أكد أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة بمفهومها الشامل الذي كفلته المعايير الدولية لحقوق الانسان وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي أكد ان لكل إنسان الحق في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه من الصحة الجسدية والعقلية.
وعلى الصعيد الوطني تناول قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2018 وتعديلاته في المواد 13 إلى 16 آلية التعامل مع أمراض الصحة النفسية والإدمان، وشهد عام 2021 مراجعة وتطوير الخطة الوطنية للصحة النفسية والإدمان.
وتبرز أهمية تطوير التشريعات والسياسات التي تحمي حقوق الأفراد في الصحة النفسية بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، كواحد من المحاور الأساسية التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار لتعزيز وحماية الحق في الصحة النفسية، إلى جانب توفير خدمات الصحة النفسية عالية الجودة، وزيادة الكوادر المختصة في هذا المجال مع الأخذ بعين الاعتبار القدرة في الوصول الى هذه الخدمات.
ولفت المركز إلى أهمية توفير برامج توعوية لتغيير الأنماط السلوكية وكيفية التعامل مع المرض النفسي وايجاد سجل وطني للصحة النفسية.