سلامٌ على وصفي


رم - د.سامي علي العموش
لم يكن وصفي شخصاً عادياً بل كان بالمطلق مختلفًا بحكم الظروف فقد ولد لأب كان شاعراً متنقلاً لا يؤمن بالحدود وأم عراقية (كردية) أعطته من الصفات ما يكفي؛ فقد كان عنيداً بحكم التربية وقومياً بحكم التنشئة لم يعرف للخوف طريق فوالده عرار، ثم ما تقلبت به الظروف في أماكن مختلفة فقد عمل جنديًا في فلسطين وعلى ثرى فلسطين أدرك حجم الصراعات ومن هنا كان إيمانه المطلق بأن الحفاظ على فلسطين هو حقيقة ثابتة، وكان فكره يسبق التوقعات وهو عروبياً وقومي لم يسجل عليه نظرة إقليمية، فكان أردني بحجم الأردن وعمل لها ومن أجلها وهو مقياس ينظر إليه كل من يؤمن بالمسؤولية العامة تجاه الوطن، فقد آمن بربه ووطنه وقيادته وكان أبو مصطفى -رحمه الله- يؤمن بالعمل ويشجع الزراعة ويدعمها وقد كانت هي الأساس، وعمل على إيجاد يوم يقابل فيه الناس لحل مشاكلهم المستعصية، فهكذا هو وصفي يسجل له ولا يسجل عليه، فمن جاء بعده يريد اللحاق بركبه إلا أنه لم يسجل لأحدهم البصمة التي سجلت لوصفي وهذا قدر شاء من شاء ورضي من رضي (وفي الميادين عند تزاحم الخيل لا تستحي من السبق فالنتيجة هي المهمة) وعلى مدار سنوات العمر لم يستطع كائناً من كان أن يزيل صفحة ولون وصفي فمن ينظر إلى النظافة والشجاعة والإيثار يجب أن يكون المقياس هو وصفي وهذا إن دل على شيء إنما يدل على النظافة والطهر والبعد عن الذات والانتماء للوطن هذه العناوين قد لا يستطيع أن يسلكها كثير مِن مَن تبوؤوا المسؤولية فوصفي امتلك الحب المقرون مع العمل ومحاربة الشخصنة.
فالوصفيون اليوم هم مدرسة أخلاقية تفكر بصوت عال بحب الوطن والانتماء إليه بالعمل والعدالة والشفافية واحترام الآخر، وإن قضايا الوطن لا يجوز الاختلاف عليها، فالخطأ فيها يعادل الخيانة والانفتاح هو ممارسة الولاية العامة بأبعادها المختلفة مما يعطي لوصفي نكهة خاصة مقرونة بمزاج عام يعادل راحة الضمير، فلم يسجل على وصفي لا قضية فساد ولا ضعف في القرار ولم يكن بحاجة إلى دعم من الدولة العميقة ولا من أي جهة كانت إنما كان مصدره إيمانه المطلق بعدالة قضيته وقوة شخصيته في طرح المواضيع فقد أخذ من أمه وأبيه ما يكفي وأرضعته أمه حليب الشجاعة ولم يكن وصفي يمسك العصا من النصف بل كان يمسكها من طرف واحد وهو طرف الوطن بكل مكوناته يسعى إلى استقراره وحفظ أمنه ليكون الوطن النموذج.
فقد عاش في كل بيت يحب الأردن وقيادته مؤمناً بالعدالة والتسامح منفتحاً على الجميع مقداماً شجاعاً وما عزز ذلك ابتعاده عن الأنانية وجماعات الضغط والمصالح ولم يكن يؤمن بالرصيد والحسابات البنكية ومات مديناً (أخو عليا) كما كان يحب أن يقال له، إنما كان إيمانه بالأردن والعمل من أجل مصالحه واستقراره التي كانت فوق كل اعتبار، فسلامٌ على وصفي وعلى روحه التي لن تموت أبداً في نفوس كل الأطهار.



عدد المشاهدات : (8705)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :