خرج الأطفال يبحثون عن طائر اليمام الأزرق الذي يجلب السلام، رأوه مرة على شاطئ غزة ومرة ينزلق على ضوء القمر ومرة في حديقة الزيتون ومرة و مرة و مرة .
داروا في الأزقة وسلكوا الطرق الآمنة التي أعلن عنها جيش الاحتلال الإسرائيلي يحملون أعلاما بيضاء ركضوا وكان الرصاص يركض بينهم لكنهم سبقوه . كانت حلا بائعة الشاي الصغيرة معهم تحمل الإبريق و أكوابا وضعتها في جيوبها وبعض قروش جمعتها منذ الصباح ، هي لا تستطيع أن تبيع الشاي ساخنا دائما فالوقت شتاء والبرد يخطف الدفء وتنطفئ النار في ساحة المدرسة مركز الإيواء فلا وقود ولا حطب لكنهم يشترون رحمة بسنها الصغيرة فقد كانت في الصف السادس يوم كان هناك مدارس في غزة .
مازن كان معهم يحمل قنينتي ماء جمعها من مياه المطر لا يتردد في بيعها رغم عطشه وجفاف شفتيه ليشتري رغيف خبز ذهبي أو قطعة سكر .
كانت مجموعات عدة من الأطفال يدورون و يبحثون عن الطائر الأزرق .
ذهبوا إلى ساحات اللعب حيث رأوه مرة، كانت هناك دبابات الاحتلال ترمي القذائف باتجاه الأحياء السكنية بطريقة عشوائية، هربوا خوفا باتجاه الجامع الكبير. كانت مئذنة الجامع ساجدة على الأرض، كان يقف عليها الطائر يوم كانت رافعة رأسها إلى السماء بالدعاء.
قال مازن لنذهب إلى الكنيسة جنوب البلدة القديمة ، ساروا باتجاهها متجنبين الطرق التي اتضح أنها لم تكن آمنة، وجدوا مباني مهدمة ، ركاما و دخانا و غبارا و أجراسا حزينة ، لم يكن هناك طيور زرقاء و لا بيضاء ولكن طيورا معدنية سوداء تدور في السماء، لها صوت أزيز كأزيز الرصاص، تلقي بالموت هنا و هناك على رؤوس كل من يتحرك.
في طريق عودتهم خائبين إلى مركز الإيواء بعد أن مروا بقصر العدل الذي تهدم و المشفى و السوق و الأحياء التي تهدمت، سقطت قذيفة قريبا منهم ، نار و صوت مرعب و ضباب أبيض وشظايا أصابت إحداها مازن ، تدحرجت من يديه قنينتي الماء وسقط متوسد الأرض و شخص إلى السماء وطيف ابتسامة يرف على شفتيه وهو يرى طيرا أزرق يرف مبتعدا يلج قصر السماء.
بكت حلا تسأل نفسها متى تنته الحرب متى يحل السلام؟
سمعت أحدهم يولول ويكلم نفسه ،فمن يستمع !
ابيضت عيوننا حزنا و كتبنا مراثينا ولم تنته الحرب !
كتبنا المدائح فيمن يمسكون خيوط اللعبة و أشدنا بمهاراتهم في تحريك الدمى و لم تنته الحرب !
دفنت العائلات شهداءها ودفنت أشلاء من ظنت أنها تخص أفراد منها وها هم يجلسون على الرصيف ينتظرون ضربة أخرى و لم تنته الحرب !
اقترب العيد ولاحت أضواؤه من بعيد ! فمتى تنته الحرب؟
ومتى يعود اليمام الأزرق إلى سماء غزة؟
سعيد ذياب سليم
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |