رم - الدكتور ليث عبدالله القهيوي
في قلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، يبرز قطاع غزة كمثال صارخ على التحديات الجسيمة التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع. العمل الصحفي في غزة، تحت الاحتلال الإسرائيلي، ليس مجرد مهنة بل مهمة تحفها المخاطر، حيث يجد الصحفيون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع آلة عسكرية لا تتوانى عن استخدام القوة لإسكات أي صوت يحاول نقل الحقيقة.
قطاع غزة، بتاريخه الطويل من النزاعات والحصار، يوفر خلفية معقدة للعمل الصحفي. هذا القطاع، المحاصر منذ أكثر من عقد من الزمان، يعاني من تدهور مستمر في الأوضاع الإنسانية والاقتصادية. في غزة، لا تُعد حوادث استهداف الصحفيين نادرة. العديد من الصحفيين تعرضوا للإصابة، الاعتقال، أو حتى القتل أثناء تأدية واجبهم. من بين أبرز الأمثلة الأخيرة، استشهاد الصحفي سامر أبو دقة وإصابة زميله وائل الدحدوح في القصف الإسرائيلي الأخير على غزة. التحديات التي يواجهها الصحفيون في غزة متعددة الأبعاد. يعانون من قيود حادة على الحركة والوصول إلى المعلومات، بالإضافة إلى الرقابة والتهديدات المستمرة من الاحتلال. رغم الاهتمام الدولي المتزايد الغير كافي بوضع حقوق الإنسان في فلسطين، لا تزال ردود الفعل تجاه استهداف الصحفيين في غزة غير كافية.
استهداف الصحفيين يخرق القانون الدولي ويعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. في غزة، يمثل استهداف الصحفيين هجومًا ليس فقط على الأفراد بل على الحق في الحصول على المعلومات وحرية التعبير.على الرغم من الخطر، يوجد في غزة العديد من قصص الشجاعة والإصرار. صحفيون يواصلون تغطية الأحداث ونقل الحقائق، متحدين العقبات والتهديدات.
من الضروري العمل على توفير حماية أكبر للصحفيين في غزة، سواء عبر ضمان حرية الحركة أو توفير معدات وتدريبات أمان. كما يجب تشديد الضغوط الدولية لوقف الاعتداءات عليهم ومحاسبة إسرائيل.
في غزة، الدفاع عن حرية الصحافة هو دفاع عن حقوق إنسانية أساسية. واستهداف الصحفيين محاولة فاشلة لإسكات صوت الحقيقة وكسر إرادة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني.
في الواقع، تزداد حدة الهجمات ضد الصحفيين في غزة بشكل متصاعد مع كل جولة من أعمال العنف، حيث تستهدف إسرائيل الصحفيين بشكل متعمد في محاولة لمنع وصول المعلومات والصور إلى الرأي العام الدولي.
وقد وثقت منظمة "مراسلون بلا حدود" العديد من حوادث استهداف وقتل الصحفيين، من بينها اغتيال المصور عز الدين أبو عيشة برصاص قناص إسرائيلي عام 2008. كما شهدت الحروب الأخيرة على غزة استهدافا متعمدا لمقرات وسائل الإعلام.
وتتسبب سياسة إسرائيل بتقويض الجهود الرامية إلى بناء مؤسسات إعلامية فلسطينية قوية ومستقلة. فالقيود المفروضة على حرية تنقل الصحفيين تحد بشدة من قدرتهم على جمع المعلومات ونقل الأحداث.
إن التصدي لهذه الانتهاكات يتطلب ضغطا دوليا أكبر لحماية الصحفيين الفلسطينيين ومحاسبة إسرائيل. كما ينبغي على المنظمات الدولية تقديم الدعم المادي واللوجستي لوسائل الإعلام في غزة لتمكين الصحفيين من مواصلة رسالتهم بالرغم من الظروف الصعبة.
فالصحافة في غزة ليست مجرد وظيفة وإنما رسالة إنسانية سامية، تستحق التضحية والدفاع عنها. ولا بد من وقف استهدافها كخطوة أساسية نحو تحقيق العدالة والسلام العادل في المنطقة.
إن الهجمات المتكررة على الصحفيين في غزة تكشف عن النهج القمعي الذي تتبعه إسرائيل تجاه الفلسطينيين بشكل عام. فهدف إسرائيل هو فرض رواية واحدة على الصراع من خلال منع وصول أي معلومات مغايرة لسياساتها وأعمالها.
كما أن استهداف الصحفيين يندرج في سياسة أوسع لترويع المجتمع المدني في غزة وقمع أي معارضة أو انتقاد للوضع الراهن. حيث تستخدم إسرائيل أساليب الاغتيالات المستهدفة والتدمير الواسع لتخويف الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان من القيام بدورهم.
كما تستغل إسرائيل بيئة الفوضى في غزة لفرض مشروعها الاستيطاني من خلال توسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي بينما تمارس سيطرتها الكاملة على المعابر والحدود والموارد.
وفي ظل صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الممارسات غير القانونية، تجد إسرائيل نفسها قادرة على ارتكاب مزيد من الانتهاكات بحق الفلسطينيين دون عقاب أو رادع.
لذلك من الضروري أن تتحمل الدول المؤثرة مسؤولياتها لوضع حد للإفلات من العقاب الذي تتمتع به إسرائيل، بما في ذلك توفير الحماية الفعلية للصحفيين الفلسطينيين