رم - عصام قضماني
بفترض أن يتيح التضخم العالمي وارتفاع التكاليف وصعوبات سلاسل التوريد فرصة لنهوض الصناعة الوطنية التي تنتج سلعا اقل تكلفة وباسعار مناسبة، لكن المؤشرات لا يقول ذلك!.
على العكس سجل الرقم القياسي العام لكميات الإنتاج الصناعي خلال أول ١١ شهراً من العام المنصرم انخفاضا بنسبة 2.68 بالمئة، إذ انخفض من 92.73 في نفس الفترة من عام 2022 إلى 90.24..
ووفقًا لتقرير دائرة الإحصاءات العامة الشهري، يُظهر أن هذا الانخفاض الشهري ناتج عن تراجع إنتاج قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 3.66 بالمئة، وهي الصناعات الاساسية في حين ارتفعت كميات إنتاج قطاع الصناعات الاستخراجية بنسبة 3.70 بالمئة.
معنى ذلك أن الصناعة الأساسية التي توظف أعلى نسبة من العمالة، ما زالت في حالة تراجع، بينما كانت في ظل ازمة وباء كورونا اكثر نشاطا وانتاجية، التي كانت يفترض بها ان تكون سنة سيئة.
الحكومة لم تتجاهل الصناعة وخفضت تكاليف الطاقة.
ما زالت الصناعة تعاني منافسة قوية من المنتجات المستوردة التي تتمتع باعفاءات عدا انها قليلة التكاليف، وايضا بفضل اتفاقيات الشراكة كما في الحالة الاوروبية.
كنا حثثنا على مراجعة هذه الاتفاقيات التي بلا شك ان الاردن هو الطرف الخاسر او الضعيف فيها وكان يقال لنا ان مثل هذا الظلم تعوضه المساعدات والمنح الاوروبية لكن هل هي كافية.
وكنا اقترحنا ان تتحول هذه المنح والمساعدات الى منح صناعتنا التكنولوجيا الثمينة واقترحنا ايضا ان تفتتح بعض المصانع الاوروبية الكبيرة فروعا لصناعاتها الفرعية في الاردن لكن ذلك لم يحدث بل بالعكس فرضت اوروبا قواعد منشأ صعبة خففتها لاحقا لكن السلع التي قبلت ان تستوردها من الاردن هي لصناعات في معظمها غير موجودة!.
الأنظمة الراهنة تمنع دعم الصناعة الوطنية بشكل مباشر، والمنتجات الأوروبية والتركية والخليجية تدخل الأردن بدون قيود معفاة من الرسوم الجمركية، والانفتاح التجاري تام، مما أدى الى اجتياح السلع المستوردة لأسواق الأردن وتراجع فرص الصناعة الوطنية، حتى مبدأ المعاملة بالمثل، لا يتم تطبيقه كما يجب وقد لاحظنا مدى الصعوبات التي تواجهها السلع الاردنية في اهم اسواقها الاستراتيجية وهي العراق.
هل من المفيد التدخل بموجب مبدأ الحماية الانتقائية والحماية الإغلاقية لبعض السلع ومراجعة الاتفاقات التجارية التي لا تتجاوز بصادرات الأردن ثلث مستورداته.
طالما ان الواقع الراهن على هذه الصورة فان الاستثمار في القطاع الصناعي مهدد، سيبقى محدودا وغير جاذب.