احمد عبدالباسط الرجوب
أثار تجهيز جيش دولة المشروع الصهيوني البريطاني لإطلاق عملية عسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، المحاذية للحدود المصرية، مخاوف مصرية واسعة من "العواقب الوخيمة" لمثل هذا الإجراء في خضم تكدس النازحين الفلسطينيين البالغ عددهم ما يقارب 1.4 مليون نسمة ، يأتي ذلك في الوقت الذي تتابع فيه القاهرة عن كثب الموقف في رفح الفلسطينية ، ويكمن تخوف مصر الرئيسي في أن تدفع العملية العسكرية التي تخطط لها عصابة الحرب الصهيونية، مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين تجاه الأراضي المصرية في سيناء واختراق الحدود، فضلًا عن احتمال قيام الجيش الصهيوني بشن هجمات في محور فيلادلفيا وهو أمر ترفضه القاهرة ، وبينما يرتفع صخب الحديث عن اقتراب موعد بدء جيش دولة المشروع الصهيوني البريطاني لعملية اقتحام مدينة رفح، باعتبارها التتمة الضرورية التي يتوقف عليها حصاد المراحل السابقة من حربه على غزة، وفقاً لوصف رئيس حكومة الكيان الصهيوني نتنياهو الذي قال إن من يدعو لعدم القيام بعملية رفح إنما يدعو لحرمان " دولة الكيان " من فرصة النصر.
وبالرغم من نفي وزير الخارجية المصري سامح شكري للتهديد بتعليق اتفاقيات السلام الموقعة قبل أكثر من أربعة عقود بين مصر و دولة المشروع الصهيوني البريطاني ، أكدت وكالة أنباء أسوشيتد برس وصحيفتا وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز ما تمّ نشره السبت لجهة أن القاهرة حذرت من إمكانية تعليق معاهدة السلام، إذا أرسل " الكيان " قوات إلى رفح الفلسطينية، المحاذية للحدود المصرية، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية عن وول ستريت جورنال التحذير ذاته. ومن جهة مقابلة أكدت مصادر قريبة من قوى المقاومة أن مستقبل التفاوض حول وثيقة باريس وحياة الأسرى الإسرائيليين سيكونان أولى ضحايا عملية رفح ..
لا استبعد أن يكون التهديد بعملية رفح محاولة منسقة بين واشنطن وتل أبيب عشية مفاوضات القاهرة، لرفع السقف التفاوضيّ لصالح دولة كيان الاحتلال، لوضع وقف العملية كثمن مقابل لمطالب صهيونية تفاوضية، بما يشبه وضع وقف الحرب على غزة كثمن مقابل لطلب التطبيع السعوديّ مع دولة المشروع الصهيوني البريطاني ، كما ورد في صيغة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن التي قدمت لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
خلاصة القول:
يبدو بأن الهجوم الصهيوني على رفح أصبح جاهزا وينتظر موافقة المستوى السياسي، وان قطعان الجيش الصهيوني سيركز خلال الهجوم على هدفين هما محور فيلادلفيا و كتائب حماس، هذا بالإضافة إلى إجلاء مواطني غزة إلى مناطق أخرى في القطاع..
لقد وصل السعار الصهيوني ذروتة في تصريحات وزير مالية الكيان سموتريتش، التي لمح فيها إلى "مسؤولية مصر" عن هجوم حماس في 7 أكتوبر ، وهو ما يؤكد فشل جيش الكيان واجهزته الامنية بمعرفة مسبقة والتنبؤ بهجوم قوات المقاومة في غزوة السابع من اكتوبر ، وهو ما سارعت وزارة الخارجية المصرية إلى التعليق على هذه التصريحات الرعناء بأن مثل تلك التصريحات "غير مقبولة جملة وتفصيلا، حيث تسيطر مصر بشكل كامل على أراضيها، ولا تسمح لأي طرف بأن يقحم اسمها في أي محاولة فاشلة لتبرير قصور أدائه".
نرى بأن العملية الصهيونية المزمع تنفيذها في رفح ان حدثت فإنها تضع العلاقات المصرية – الصهيونية على المحك وفي اختبار هو الأصعب منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.. وفي اطار هذا التسخين الصهيوني على رفح فإن مصر لديها خيارات كثيرة للتعامل مع هذا الوضع، حيث قامت مصر على بناء مسار سياسي رافض للشيطنة الصهيونية في اجتياح رفح، بدعم من الدول العربية والإسلامية، وكذلك حشد الدعم الدولي لإثناء الصهاينة عن خطتهم بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي التي أعلنت رفضها للعملية العسكرية بمدينة رفح.
ختاماً.. نرى بان الكيان الصهيوني اذا ما اقدم على مغامرة اجتياح رفح بانها خطوة ليست لصالحة وستُشكل تلك الخطورة أكبر خسارة لدولة الكيان الصهيوني ، وهنا سيكون لدى مصر اتجاهين للتعامل مع هذا العدوان من خلال:
أ. التهديد بتوقيف العمل باتفاقية كامب ديفد ، وما تمثلة هذه الاتفاقية من انها أكبر مكسب للكيان الصهيوني ، وبالتالي تعليقها لفترة مؤقتة وليس الإلغاء مما يعني التحلل المؤقت من التزاماتها الواردة في المعاهدة إذا قامت دولة الكيان بخرق جسيم لالتزاماتها فيها.
ب. أو قد تنسحب مصر من دور الوساطة بين الكيان وحماس، وهذا سيضر بمحاولات دولة المشروع الصهيوني البريطاني للإفراج عن "رهائنها"،
ج. التلويح باتفاقية "الكويز" وهي اتفاقية تجارية تضم كلاً من مصر والكيان وأميركا، وتسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الولايات المتحدة دون جمارك بشرط أن يدخل فيها مكون صهيوني بنسبة محددة.
باحث ومخطط استراتيجي - الاردن
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |