رغد وقصص أخرى قصيرة جدا .. حسين جداونه


رم -

رغد
سأل العجل أمّه التي ترتع إلى جانبه في المزرعة:
ـ أمّاه، ما نهاية هذا العيش الرغيد؟
أجابته، من دون أن تلتفت إليه:
ـ إن كتبت لنا الحياة، سننتهي إلى الجزار...
*****
غابة
سأل الشبل الفتوّة أباه العجوز:
ـ ممَّ تخشى عليّ يا والدي؟
تململ العجوز ببطء، أخذ نفسًا عميقًا، تحسّس جرحًا غائرًا في صدره، تلفت يمينًا ويسارًا، ثم قال له:
ـ لا أخشى عليك أحدًا سوى الإنسان.
انتفض الشبل بعصبية، وقال لأبيه مزمجرًا:
ـ وما الإنسان يا أبتاه؟
ربت العجوز على كتفي ولده، وهو يقول له:
ـ الإنسان يا ولدي، مخلوق ظلوم؛ يأكل النباتات واللحوم، ويأكل الأخضر واليابس، حتى لحم أخيه يأكله حيًّا وميْتًا!
*****
مجمّع
غصّ المجمّع بالباصات والسيارات والناس والذباب..
في الحاويات وحولها تكدّست أكوام النفايات، ماج الخلق في جميع الاتجاهات، قبع طفل خلف حاوية يلتهم شيئًا ما، بجواره وقف كلب يلتهم شيئًا ما..
لا الطفل يعبأ بالكلب، ولا الكلب يعبأ بالطفل...
*****
طبع
ربّاه على الدلال..
لبّى جميع احتياجاته.. وعندما وصل إلى سنّ البلوغ زوّجه..
كلما فقده، عثر عليه في الحاوية...
*****
تربّص
جلس يراقبها..
تزينت بألوانها البراقة، تحركت في جميع الاتجاهات برشاقة، غاصت في أعماق الماء، طفت على السطح. بدت له فرحة بنفسها، ساهية لاهية عن كلّ شيء خارج محيطها..
حرّك ذيله يمنة ويسرة، ثمّ غمغم: حتمًا، ستسبحين يومًا ما في بطني!
*****
غاب
حضر جميع المدعوّين إلى الحفلة التنكرية، وضعوا أقنعة لحيوانات مفترسة على وجوههم، بدوا في غاية الإنسانية...
*****
فراسة
سأل الشبل أباه العجوز: الغزال الذي نصطاده، ماذا يأكل؟
أخذ العجوز نفسًا عميقًا، ملأ الفضاء زئيرًا غاضبًا، ثمّ لطم ابنه بقوّة على صدغه..
عندئذٍ، ستصير فريسة لكلّ الكلاب...
*****
عيش
خالية الوفاض، حطّت على العشّ، في سفح الجبل..
تسابق نحوها فراخها الأربعة.. ألقمتهم بقايا الطعام المتناثرة تحت أقدامهم.. استمرّوا بالنعيب.. قبل أن تغادرهم.. انقضّت على رابعهم.. التقطته بمنقارها..
ألقته خارج العشّ...
*****
سعادة
في الخارج؛
استيقظ مع الفجر.. ملأ الفضاء صياحًا.. هبّت زوجاته من مراقدهنّ.. صعد على العليّة.. اشرأبّ بعنقه يراقب شروق الشمس.. تناول إفطاره وشرابه.. بينما زوجاته يتفتّلن حوله...
في الداخل؛
كان يشحذ سكينه جيّدًا...
*****
نظام
استدعى الأسد مجلس الشورى..
صوّتوا على تحريم دماء الحيوانات بعضهم على بعض..
أقام لهم بهذه المناسبة وليمة دسمة...
*****
حياة
أوشك على الهلاك..
عثر على بركة ماء.. اقترب منها.. تلفّت حوله.. اقترب أكثر.. توقّف.. أنعم النظر في الماء.. بحذر.. أخذ يطفئ ظمأه..
أطبق فكيه على عنقه...
*****
كاتب من الأردن





عدد المشاهدات : (5444)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :