رم - د. عزت جرادات
*مقدمة:
نشرت مجلة (الفورن اثيرز) استطلاعاً مع عدد من السياسيين على مستوى عالمي حول تساؤل هام: في ظلال حرب غزة وتداعياتها المجهولة، هل مازالت هناك فرصة للحياة لحل الدولتيْن للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وعلى الرغم من أن غالبية الآراء كانت تبدأ بالصعوبات القائمة والمحتملة الأ أن معظمهم ينتهي بإبقاء جذوة الأمل الضعيف.
فما هي البيئة السياسية العالمية الواقعية والمحتملة حول هذه المسألة؟
*بعد انفعالات قادة العالم الغربي مع (7/أكتوبر)، تراوحت تلك الانفعالات بين الدفاع قولاً وفِعلا عن الكيان الإسرائيلي، وبين السباق للوقوف بجانبه. فكان ذلك أشبه بالبكاء والعويل على مستقبل ذلك الكيان، باعتباره المشروع الوحيد الباقي من عهد الروح الاستعمارية وتمكنهم من الخلاص من اليهود في مجتمعاتهم وتهجيرهم إلى فلسطين.
*بعد (7/أكتوبر) والإبادة الجماعية التي مارستها إسرائيل في شعب غزة وعمرانها، أصيب قادة الغرب أو بعضهم بصدمة- أي راحت السّكْرة وجاءت الفكرة- فبدأت أصوات منهم تدعوا إلى وقف الحرب أو حماية المدنيين أو تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وظهرت مواقف تدعو إلى أحياء (حل الدولتيْن) باعتباره الحل الوحيد للتوتّر في المنطقة.
فهل ثمة فرصة لحل الدولتيْن؟
*في المشهد العالمي:
الدول الغربية تعاني من آفات اجتماعية، وظواهر مجتمعية سلبية، وضياع جيل الشباب وانهيار القيم الإنسانية التي كانت تدعو إليها؛ وزاد الأمر سوءاً تسابقها (لشرعنة) السلوكيات الشاذة والمنافية للطبيعة الإنسانية، فأصبح ذلك شغلها الشاغل أكثر مما يجري من عمليات الإبادة الجماعية، وإهلاك الحرث والنسل.
*لم يعد الغرب مؤهلا أخلاقياً وثقافياً وحتى سياسياً، لم يَعُدْ مؤهلاً للقيادة لحل المشكلات العالمية، ومنها القضية الفلسطينية، وحرب غزة وأوكرانيا، فحل الدولتيْن لم يَعُدْ لها أولوية. وهذا ينطبق على الدول التي تجري في فَلَكِ العالم الغربي.
*أما روسيا التي حرص الغرب على استنزاف قوتها في حرب أوكرانيا، فأنها بدأت تفقد دورها الفاعل في القضايا العالمية، ومنها القضية الفلسطينية.
*واما منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية المنبثقة عنها، فهي أي المنظمة تعيش بلا مخالب أو سلطة لتنفيذ قراراتها: فمجلس الأمن يحمل أحد أعضاءه بطاقة الفيتو المرفوعة مقدماً عند بحث أي أمرٍ يتعلق بالكيان الإسرائيلي، وكذلك الأمر في سلطة منظمة الأمم المتحدة القضائية، فهي لا تمتك السلطة لتنفيذ قراراتها.
*وأما النظام العربي، فقد سلّم أمره للخيار الاستراتيجي الوحيد، وهو خيار السلام، دونما قوة أو سلطة فعّالة لوضع ذلك الخيار الوحيد موضع الاهتمام العالمي وهذا ينطبق على المنظومة الإسلامية أيضا.
*في ظل هذه البيئة السياسية، دولياً وإقليمياً وعربياً وإسلامياً، هل ما تزال هناك فرصة لحل الدولتيْن؟.