أحمد عبدالباسط الرجوب
عاش الاردن بلدًا مستقلا على امتداد مائة عام من تاريخه المديد، وتحققت هذه المأثرة لارث تاريخي لم يتطرق له الاردنيين كثيرا في مجالسهم وندواتهم الشعبوية، فمنذ قدوم الأنباط الى الاردن من الجزيرة العربية، واستقروا في الأردن الحالي بين القرنين السادس والرابع قبل الميلاد حوالي سنة 312 ق. م. ، حيث كانت مملكة الأنباط نموذجاً حضارياً مميزاً على كل الأصعدة، وهم من قاوموا أنتيغون، أحد خلفاء الإسكندر فكان الاردن - فعلا وليس قولا - مقبرة للغزاة الطامحين المارقين..
لست من أنصار نظرية المؤامرة، التى يفسر بها البعض ما تعرضت له بلادنا الاردنية من غزوات فى تاريخها القديم ابان دولة الانباط في البتراء التي اشرت اليها ، وما تعرضت له فى تاريخها الوسيط من الاحتلال الرومانى الى الحكم العثماني، وما تعرضت له بلادنا فى تاريخها الحديث من احتلال بريطانى وعدوان صهيوني، وما تتعرض له فى حاضرها من تهديد الإرهاب الرافع زيفا وبهتانا راية الإسلام والمدعوم إقليميا وعالميا، وتهديد حقوقها من المياه في نهري الاردن واليرموك .
لكننى لا أنفى وجود المؤامرة، بل إننى أسلم بحقيقة أن إضعاف الاردن (المكانة)، إضافة الى الأطماع فى الاردن المكان والموقع، كان أهم دافع وراء استهدافنا على مدار الــ 75 عاما المنصرمة وبخاصة منذ قيام دولة المشروع الصهيوني البريطاني في فلسطين التاريخية.. وهنا أؤكد أن القوة الشاملة للدولة الوطنية الاردنية قادرة على مواجهة أى مؤامرة.
لقد تعرض الاردن خلال الايام الماضية لأكبر حملة أكاذيب وتشكيك والاستهداف المحموم خاصة من مواقع التواصل الاجتماعي واكشاك اخبار الاشاعات والتي تعيش حالة إحباط شديد، تناولت فيه المساعدات الإنسانية حول الإنزال الجوي الأردني الأكبر من نوعه منذ بدء الأحداث عل قطاع غزة والذي شمل 11 منطقة في قطاع غزة عبر طائرات تابعة للجيش العربي الأردني وبرعاية ملكية .. حيث تركزت المساعدات على مواد إغاثية وغذائية، في وقت ينذر فيه الوضع الإنساني الكارثي بوقوع مجاعة في القطاع ، واكدت القوات المسلحة الأردنية إنها ستواصل إرسال المساعدات الإنسانية من غذاء وأدوية إلى الفلسطينيين في غزة عبر جسر جوي باتجاه مطار العريش، أو عن طريق عمليات الإنزال الجوي على قطاع غزة ... ولم تسلم هذه المبادرة الانسانية من الشائعات والأخبار الكاذبة وهو ما لجأت اليه بعض صفحات الاعلام المجتمعي بأن هذه المساعدات قد سقطت في البحر وأتلفت.. على رأي المثل" احترنا يا قرعة من وين نبوسك .."
وفي سياق الجهد الاردني لاهلنا في فلسطين لا يغيب عن البال الجهد الأردني الإنساني في الضفة الغربية وقطاع غزة على صعيد المستشفيات الميدانية، إضافة إلى جهود الهيئة الخيرية الهاشمية، وغيرها من الجهود الأردنية ، فلا زال الاردن يلعب دورا محوريا في دعم القضية الفلسطينية وحشد العالم لوقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية الى الاهل في قطاع غزة واستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين.
منذ اليوم الأوّل لأحداث السابع من أكتوبر 2023 - وما تلاها من عدوان على غزة - بدا الموقف الأردني السياسي واضحًا تجاه الاحتلال الصهيوني، من حيث: مطالبته بوقف العدوان على غزة، ورفض الأهداف الصهيونية التي تريد تحقيقها بتفريغ قطاع غزة من سكانه وكان الموقف الأردني يتبع سياسة التصعيد المتدرّج تجاه الممارسات الصهيونية، فقد كان واضحًا للأردن أن دولة المشروع الصهيوني البريطاني تريد أن تستغل ما حصل يوم السابع من أكتوبر 2023 لتحقيق أهداف سياسية كبرى، وتحقيق منعطف ومرحلة جديدة من مراحل تصفية القضية الفلسطينية ، فالموقف الاردني هو الأقوى في تبنى القضية الفلسطينية ورفض التهجير القسرى ورفض تصفية القضية، منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، خاصة أن العالم يرى حقيقة ما يحدث في غزة والدور الاردني والمهم ، ولن يتوانى الاردن يوما عن دعم القضية الفلسطينية وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإعطاء الشعب الفلسطيني الحق في تقرير مصيره.
يتعرض الاردن على الدوام لتهديدات جسام.. أهمها: الإرهاب الرافع زيفا وبهتانا راية الإسلام، وتهديد حقوق الاردن فى مياه نهري اليرموك والاردن جراء أطماع الكيان الصهيوني الساعية للهيمنة على أهم منابع المياه في منطقتنا، لكن هذا الاستهداف لن ينجح. بإيجاز لأن استجابة الاردن قيادة وجيشا وشعبا لهذا التحدى تعكس من حيث الأساس تعلما إيجابيا من دروس تاريخ الاردن الحديث.
خلاصة القول..
اعلموا أن ما تتناقله صحف دولة المشروع الصهيوني البريطاني من تحريض على الأردن إنما يؤسس إلى هدم الدولة بكل مكوناتها بدأ من محاولة التشويه لصورة النظام بنظر الشعب وصولا لتوليد الإحباط لدى المواطنين سياسيا واجتماعيا واقتصاديا واخلاقيا واستغلال كافة الفرص المتاحة لذلك لتنفيذ اجندة يعلمها الجميع وكلنا يعي الهجمات التي حدثت مؤخرا والموجة الإعلامية العاتية بسبب الموقف الاردني تجاه العدوان الغاشم الهمجي التتاري على اهلنا في غزة ووقوفه وحيدا في خندق الحق مدافعا عن القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية وهي فلسطين والقدس والمقدسات الاسلامية والمسيحية..
علينا أن ندرك بأن بلدنا مستهدف مما يستدعي من الجميع تفويت الفرصة على كل المتربصين بأمن الأردن واستقراره، وذلك حتى يكون الأردن دائماً محط ثقة الجميع ويحظى بالمصداقية في التعامل مع كافة الدول والمنظمات الدولية وهو المكان الأنسب للاستثمار والسياحة والتعاون، وإن الظروف التي يمر بها الأردن ليست بمعزل عما يحصل في العالم خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والشأن الاقتصادي..
أن الالتفاف حول قيادتنا الرشيدة هو الترياق الذي سيؤدي إلى إحباط مخططاتهم ، فجلالة الملك وبحكمته وبعلمه الواسع وحنكته السياسية وعلاقاته الوطيدة مع جميع بلدان العالم وبقدرته ولسانه القادر على إيصال صوتنا هو الذي نعول عليه في هذه المرحلة الدقيقة.
عاش الاردن قويا عزيزًا في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة المظفرة ..
كاتب اردني
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |