رم - م. فواز الحموري
سارعت العديد من الدعوات ونشرت عن الموقف تجاه عيد الفطر والذي يتزامن مع ما يتعرض له الأشقاء والأهل في غزة وفلسطين، من أهوال المجازر والتصفية والقتل؛ فكيف يكون الفرح وقد عم الغم والحزن؟.
لكن ومع ذلك ينبغي الإشارة إلى أن يوم العيد هو يوم فرح وسرورٍ شُرع للمسلمين بإتمام فريضة فرضها الله عليهم وهو شعيرة من شعائر الله؛ نفرح لأن مكنا الله من الصيام والقيام وتلاوة القرآن وترقب رمضان القادم بخير وسلام وصحة لأداء ما فرض علينا من طاعة.
يختلف الاحتفال عن الفرح؛ العيد من شعائر الله، " ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ سورة الحج (32)، يجدر التركيز على الجانب المنير من قدوم العيد وإظهار السعادة لشهادة شهر وأيامه المعدودة وفضل الله بأن مد في العمر وهيأ الظروف للصيام والقيام والصلاة واتمام فريضة الصوم وهو ركن من أركان الإسلام الخمسة.
الشعور الصادق مع الأهل والأشقاء في غزة وفلسطين وسائر الأنحاء التي تتعرض للظلم والعدوان، لا يتعارض مع تعظيم الفرح بواجب قد تم والبعض حرم منه بعذر وغير معذرة، لمرض وسفر ولأسباب أخرى ليست مجالا للحديث عنها.
لست مع خلط الأمور في المناسبات؛ ثمة مطالبة حقيقية وجوهرية للتعبير عن المشاعر في الأفراح والأتراح ومراجعة العادات وخصوصا في العزاء والتكلفة وما يترتب على أهل الميت من إرهاق وتعب وجهد نتيجة ذلك وكذلك الحال في الأعراس والمناسبات السعيدة.
المسجد الآن وخصوصا الحديث منها يتسع للكثير من المناسبات ويمكن اعتماده مكانا ومرجعا لتأدية الواجب في رحابه وقاعاته والاكتفاء بذلك والاحتفاظ بالمشاعر للنفس والاتعاظ والتدبر والتفكر في شؤون الدنيا والدين بشكل عميق وسهل وقابل للتنفيذ والمشاركة والتطبيق وهي عديدة ومنوعة بطبيعة الحال.
المرجو بحق الفرح بعيد طيب نقي في النفوس التي صامت وامتنعت وأطاعت وأزلفت وابتهلت واجتهدت وأخلصت بالدعاء والقنوط وأسلمت أمرها للواحد القهار وأيقنت بالإجابة وأنتظرت الأجر والمثوبة والجزاء.
الفرح بالعيد مشروع وفي حال ما نتعرض له ونشاطر الأهل والأشقاء في غزة، يكون الأمر أكثر حاجة ومطلبا لترشيد مظاهر الإحتفال والإكتفاء بما يذكرنا ويقوي من العزيمة ويرفع الهمة دون مزايدة ومبالغة وتلاعب بالمشاعر والألفاظ.
المطلوب بحق إحياء شعيرة العيد بما تستحق من إشارة لفضل الله على نعمه الظاهرة والباطنة وقد حبانا بها في أردننا الحبيب بالكثير من الخير وأهله وما نصبو إليه من تعظيم الشعائر في بيوت الله وفي مواقع العطاء وبما أسبغه علينا من بركة ومنعة ورغد وإطمئنان.
لنتمهل كثيرا في التفكر والتدبر والتعمق في جوهر الأمور وفلسفة الوجود وطبيعة الخلق والمخلوق ونقرن بذلك بحسن التصرف والخلق والمروءة والتعامل وتحقيق الفائدة والغاية وصدق النية والكلمة الطيبة والمعشر النقي دون مصلحة ورياء.
هو العيد موسما ومناسبة للفرح والسعادة بأن منّ الله علينا وأجزل لنا العطاء ومنحنا الحياة والقدرة على العبادة، طبنا للخير وبالخير سعداء بمغفرة ورحمة وأن نكون من: "أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ" سورة آل عمران (136).
زين الله قلوبنا بالإيمان ومخافته واجتناب نواهيه والتزام طاعته وتعظيم شعائر الدين الحنيف وأسعدنا في الدارين وألحقنا بالصالحين وحسن ذلك رفيقا.