نحب الأردن وهذا حقنا


رم - الاب رفعت بدر
لم ننم ليلة السبت على الأحد الماضي، وهذا طبيعي، فحب بلدنا الأردن هو الذي جعلنا نفارق النوم، مصلين طوال الليل لكي ينجي الله العظيم وطننا من أي مكروه أو سوء. ولم نعتد نحن في الأردن على أصوات الطائرات وإسقاط المواد المحلقة في السماء. ونقول في نهاية الأمر: الحمد لله على سلامة الوطن، بهمّة القائد جلالة الملك عبدالله الثاني وجميع من يسهرون معه وخلفه على مصلحة الوطن وأمنه واستقراره.

عدت في تلك الليلة التي غاب النوم عنها، إلى سنوات خلت حيث جمعتني جلسة خاصة مع دولة الدكتور معروف البخيت، رحمه الله، وكان يحدثني عن ليلة من ليالي آذار في الربيع العربي، وكان التوتر – والخوف- فيها كبيراً في بلدنا الحبيب، فقال لي: «كن متأكداً يا «أبونا» بأن أي إنسان أردني ويحب الأردن لم ينم في تلك الليلة، خفنا على بلدنا وعملنا لتجنيبه اي مكروه». وهذه ليلة أخرى مشابهة، لم ننم فيها وأدركنا أن حبنا لبلدنا ووطننا وترابه ومائه ونهره المقدس ووحدته الوطنية وقيادته الهاشمية التاريخية، ومقدساته وهوائه وسمائه ليست شعراً وأغان وطنية نتغنى بها بالمناسبات الوطنية فقط، بل هو حب صادق تمثل بخوفنا على الأردن، قبل خوفنا على نفوسنا، وإن الصلوات والأدعية التي رفعت مع فجر الأحد المبارك، في زمن الصوم الاربعيني، قد استجاب لها الله الرحيم. والحمد لله على سلامة الوطن، والحمد لله على وحدتنا الوطنية وحبنا المتضاعف لوطننا المقدّس.

ونتوسع في محبتنا لوطننا، وهي لا تمنعنا من توسيع البيكار، لنصل إلى محبتنا لأرضنا وكوننا الذي نعيش فيه، ضمن الأسرة البشرية التي ننتمي إليها، ويؤلمنا جدا، وقبل اي شيء آخر، أن الجرح الغزاوي ما زال غائراً وما زالت دماء الأشقاء تسقط يومياً، وما زال الاحتلال جاثماً على الصدور، وما زال العالم لم يتوقف ليبحث عن حل جذري لهذه القضية المركزية التي سيكون حلها أمناً واستقراراً في العالم أجمع، وكما يقول جلالة الملك عبد الله الثاني دائماً: «إن السلام في القدس هو مفتاح للسلام في المنطقة وفي العالم».

وأذهب معكم أيضاً إلى أستراليا، وأتألم مع كل من تألم مع الأسقف المطعون مار ماري عمانوئيل، هذه الشخصية المؤثرة في عظاتها وحضورها على السوشيال ميديا، يأتي حدث من منطقة أخرى، كما قالت الشرطة الأسترالية–ويسافر مع رفيقة دربه السكين، ويأتي على الأسقف بعدة طعنات بينما كان يعظ في الكنيسة عن المحبة. شفى الله الأسقف من جراح الجسد، وشفى الشاب وأمثاله من جراح العقل الذي تسببها الكراهية والتربية غير السليمة.

هذا هو مشهد الكون اليوم، حرائق تشتعل بين دول متعددة، وحرائق في الصدور تخفي كراهية مبيتة، تتحقق في اعمال ارهاب شنيعة وبشعة، ولكنّ نار الحب التي تشتعل في نفوس الكثيرين هي التي ستغلب في نهاية المطاف، فللخير الغلبة على الدوام، مهما بغلت قوى الشر في اعمالها وطغيانها وهيمنتها وصوتها العالي.

وفي النهاية، حبنا لوطننا حقنا... وحبنا للأسرة البشرية يجعلنا نصلي لها في كل صباح، لكي يطفئ اعضاؤها نيران الكراهية فيما بينهم، فيشعلون عوضا عنها نيران المحبة، فانها الجديرة بتغيير العالم نحو الامام ونحو الافضل، باذن الله!.



عدد المشاهدات : (5129)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :