رم - شهدت السنوات الأخيرة مستويات تضخم كبيرة وغير مسبوقة على مستوى العالم، شملت الدول العظمى ابتداءًا حتى الدول النامية، فلم تنج منه دولة واحدة، ومن المعلوم اقتصادياً أن التضخم العالمي يؤثر في الدول النامية بنسبة أكبر من الدول العظمى، فبلغت نسبة التضخم الأعلى في العالم لسنة 2023 في الأرجنتين بنسبة: 211% تليها لبنان: 192%، ثم فنزويلا: 190%، واحتلت تركيا المركز الرابع بنسبة تضخم وصلت إلى 65%، وهذا لا يعني بالضرورة ارتفاع جميع الأسعار بذات الوتيرة.
الدول النامية تتأثر بصورة أكبر من التضخم كونها تتحمل ضريبة التضخم الحاصلة فيها، إضافة إلى التضخم المستورد، نتيجة لإعتمادها على الاستيراد بشكل كبير، فتستورد السلع والخدمات والطاقة من الدول المصدرة مصحوبة بنسب التضخم الحاصة في تلك الدول، وأحد أبرز هذه الدول النامية هي تركيا.
تعتمد سياسات الدول الاقتصادية بشكل رئيسي على قرارات البنك الفيدرالي، وأهم وسيلة معروفة ومتبعة لخفض جماح التضخم هي سياسة رفع أسعار الفائدة للحفاظ على استقرار الأسعار في الأسواق، حيث بدأ الفيدرالي برفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم منذ الشهر الثالث من عام 2022م، حيث كان معدل الفائدة 0.25%، فقام برفع سعر الفائدة 25 نقطة اساس لتصل إلى 0.5%، ثم في الشهر الخامس من نفس العام رفع معدل الفائدة 50 نقطة اساس لتصل إلى 1%، واستمرت سياسة الرفع هذه لغاية الشهر السابع من عام 2023 إلى أن وصل معدل الفائدة إلى 5.5%، وتم تثبيت سعر الفائدة عليه إلى يومنا هذا، وتعد هذه النسبة أعلى معدل فائدة تم تسجيلة منذ عام 2000م. ومن خلف قرارات البنك الفيدرالي تتجه دول العالم لقرارات مشابهة له برفع معدل سعر الفائدة بنسب إما أقل أو اكثر بما يتناسب مع وضع بلدانهم.
أما فيما يخص نسب الفائدة في تركيا، فقد اتخذت منحياً معاكساً للعالم بأجمعه، فلو أخذنا ذات تواريخ رفع سعر الفائدة للفيدرالي ابتداءًا من 3/2022م، فقامت تركيا بتخفيض معدلات الفائدة التي كانت حينها 14%، فأصبحت في الشهر التاسع 13%، وفي الشهر العاشر 12%، وفي الشهر الحادي عشر من نفس العالم إلى 9%، وصولاً لغاية 3/2023 حيث تم خفض الفائدة مرة إضافية أخرى لتصل إلى 8.5%.
سياسة تخفيض سعر الفائدة في ظل ارتفاع التضخم بصورة كبيرة في تركيا كانت سيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تحدى العالم بأسره بها، وتحدى رؤساء البنك المركزي التركي المتعاقبين في تلك الفترة، حيث أقال في تلك الفترة كل من يعترض على هذه السياسات، فحاول الرئيس التركي ايجاد حل مبتكر للتضخم على غرار الحل المألوف المتبع والمتمثل برفع سعر الفائدة، فكانت عبارته الشهيرة: "الفائدة سبب، النتيجة تضخم"، فاعتبر الرئيس التركي أن الفائدة عدو يجب التخلص منه وتصفيره لبناء اقتصاد قوي وحقيقي، وأن سياسة الفائدة هي السبب في كل ما يحدث في العالم من كوارث اقتصادية، حيث يعتقد أن معدل الفائدة مربوط بمعدل التضخم صعوداً وهبوطاً. متجاهلا النظريات الاقتصادية العالمية بأكملها والتي تعتقد بأن معدلات الفائدة المنخفضة تزيد من الاستهلاك، وبالتالي ترفع الطلب الذي يؤدي بالتالي إلى رفع معدلات الأسعار.
تجاهل الرئيس التركي جميع التحذيرات الدولية وتحذيرات الاقتصاديين الأتراك بأن سياسة الفائدة المعاكسة للعالم ستؤدي إلى رفع معدلات التضخم بصورة أكبر من المعقول بكثير، اعتقاداً منه وإيماناً بأنه سيبتكر نظرية اقتصادية جديدة خارجة عن المألوف، وبالتالي سيقوم العالم بتطبيقها بعد ثبات نجاح التجربة الاقتصادية التركية الحديثة فيما يخص أسعار الفائدة ومعدلات التضخم، وللأسف كانت النتيجة كما حذر منها الاقتصاديون وليس كما اعتقدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مما دفع به بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة 5/2023 إلى عدم التدخل في شؤون البنك المركزي، والحفاظ على استقلاليته وفق المعمول به في اقتصاديات العالم، وجلب وزير اقتصاد محنك، وهو الوزير الحالي محمد شيمشيك.
ما الذي حدث؟ كيف غير الرئيس التركي قراره الذي كان يدعو إليه ويصر عليه؟ وهل اعتبر أن ما قام به من سياسات اقتصادية لسنوات كان خاطئا؟
باعتقادي الرئيس التركي أردوغان وجد أن بلاده لن تستطيع أن تتحمل تكلفة انشاء مثل هذه التجارب الاقتصادية الكبيرة، وأن مثل هذه التجارب تحتاج اقتصادات أقوى وفترة زمنية أطول، بالإضافة إلى أن الوقت الأمثل لتجارب سياسات اقتصادية جديدة يكون في ظل ظروف طبيعية وليس في ظل ظروف صعبة يمر بها العالم بأجمعه، وأن دولة واحدة لا تصلح لابتكار نظام اقتصادي عالمي جديد، فيجب أن تتحد العديد من الدول العظمى ابتداءًا لمحاولة فرض سياسة اقتصادية دولية جديداً، لاسيما ونحن نعيش في ظل نظام اقتصادي عالمي لا تمثل تركيا منه سوى القليل.
قام شيمشيك منذ اليوم الأول من توليه وزارة المالية والاقتصاد برسم سياسيات اقتصادية تركية جديدة وصارمة بما يتماشى مع تعليمات البنك الفيدرالي، وقام بتطبيق سياسات اقتصادية كثيرة كان أبرزها رفع سعر الفائدة إلى نسبة معقولة مقارنة بنسبة التضخم الحاصلة في البلاد، وذلك لكبح جماح التضخم الكبير الحاصل في تركيا، فقام برفع سعر الفائدة بعد شهر من استلامه منصبه الجديد 5/2023م، فبدأ منذ 6/2023م برفع سعر الفائدة من 8.5% إلى 15%، وهذه النسبة كانت تحت نسبة التوقعات العالمية للاقتصاد التركي وغير كافية، فرفع سعر الفائدة مرة أخرى في 8/2023 إلى 17.5% وفي 9/2023 إلى 25% وفي 10/2023 إلى 30%، وفي ذات الشهر عاد لرفعها إلى 35%، وفي 11/2023 رفع سعر الفائدة إلى 40% وصولاً إلى 42.5% في 12/2023 ليتم اغلاق سنة 2023 على سعر فائدة 42.5%.
بعد نهاية السنة المالية لسنة 2023م، أعاد شيمشيك حساباته الاقتصادية مقارنةً مع نسب التضخم الحاصلة في البلاد والتي بلغت 65%، فوجد أنه لابد من الاستمرار بسياسة التشدد الاقتصادية لعام 2024م، فقام برفع نسبة الفائدة في 1/2024 إلى 45% ومنها إلى 50% في 3/2024، والتي هي نسبة الفائدة الحالية في تركيا.
ما هو سبب التضخم الكبير الذي حدث في الاقتصاد التركي؟
باعتقادي الذي حصل هو سياسات اقتصادية خاطئة تم ممارستها لسنوات طويلة، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية العاليمة وما مر به العالم من أزمات وصراعات خلال السنوات الماضية، فأزمة كورونا كمثال بدأ أثرها الحقيقي ظهوره الفعلي في العالم مع نهاية الأزمة، كون الطاقة الانتاجية في مختلف القطاعات تقلصت بشكل كبير، مما أدى إلى ضعف الإنتاج العالمي لمستوى أقل بكثير من مستوى الطلب، إضافة إلى تكدس الأموال السائلة خلال فترة كورونا، والتي تم إعادة ضخها في الأسواق بعد كورونا مباشرة مما أدى لحالة طلب جنونية على الكثير من السلع والخدمات والعقارات وغيرها مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير. هذا ليس السبب الوحيد ولكنه أحد أهم الأسباب الرئيسية.
وأزمة اوكرانيا وروسيا أو أزمة الطاقة والحبوب ان صح التعبير، فروسيا مصدر قوي للطاقة عالمياً واوكرانيا مصدر اساسي ومركزي للحبوب، مما أحدث تقلبات كبيرة في الأسعار، علاوة على احتدام الصراعات السياسية في المنطقة.
وفيما يخص تركيا بالتحديد أيضاً والتي هي جزء من دول العالم الثالث تتأثر بما يتأثر به العالم بشكل أكبر، علاوه على ارتفاع الطلب الشديد على العقارات فيها كمثال بعد أزمة كورونا نتيجة لتأجيل طلبات شراء العقارات في أزمة كورونا، ومع ضعف الحركة الإنشائية نتيجة أزمة كورونا فكان المعروض فيها أقل من المطلوب، ومن ثم أزمة الزلال المدمر في 2/2023 مما أدى لتفاقم أزمة زيادة الطلب مع قلة العرض مما أدى إلى ارتفاع اضافي لأسعار العقارات لحد فوق المعقول.
ويوجد عامل تجاري مهم جداً أيضاً ساهم في تخفيف سرعة عكس كمية أزمة كورونا على تركيا وتخفيف حدتها في بدايتها وهو ملف التجارة الصيني، حيث ارتفعت أسعار مبالغ الشحن من الصين إلى دول العالم بما يقارب 4 اضعاف أو يزيد وهي المصدر العالمي رقم 1 للسلع، فكانت تركيا بديل قوي جداً ومعقول للتجارة الصينية، حيث ارتفع الطلب على البضائع التركية بشكل كبير كبديل للمنتجات الصينية، وذلك بدوره أدى إلى رفع أسعار المنتجات التركية نتيجة لارتفاع الطلب العالمي، ولكن بعد اعادة استقرار أزمة أسعار الشحن من الصين إلى بقية دول العالم، انخفض حجم الطلب على البضائع التركية مما زاد أثر أزمة ما بعد كورونا على تركيا، وبالتزامن مع الزلزال وأجواء الانتخابات الرئاسية الملحمية التي حدثت في تركيا فظهرت الأزمة على مشرعيها واضحة للجميع.
هل سيعود الرئيس التركي أردوغان للتدخل في سياسات الاقتصاد التركي والبنك المركزي؟
باعتقادي لن يقوم أردوغان بالتدخل في سياسات وزير الاقتصاد الحالي محمد شيمشيك لما في ذلك من ضرر اقتصادي كبير سيلحق بالاقتصاد التركي، وكون التصنيفات الائتمانية الدولية لتركيا تحسنت بشكل ملحوظ جداً في عهد شيمشيك بالرغم من عدم مضي سنة على توليه منصبه الجديد، فتحول في عهده التنصيف الائتماني لتركيا من سلبي إلى مستقر وثم إلى إيجابي، بالإضافة إلى الغضب الشعبي الكبير من وضع الاقتصاد الذي حاسبه الشعب عليه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية بتراجع شعبية الحزب الحاكم الواضحة جداً، فلا خيار أمام الرئيس التركي سوى دعم قرارات شيمشيك للتخلص من الأزمة الاقتصادية.
ومع ارتفاع أسعار الفائدة الحاصل حالياً في تركيا والذي وصل إلى 50%، تراجع الطلب بشكل كبير على سوق العقارات والسيارات بشكل واضح على سبيل المثال لا الحصر، وهذين السوقين بشكل رئيسي وليس على وجه التحديد يقومان على الشراء عن طريق الإقتراض، كون تكلفة الإقتراض مرتفعة جداً، والأمر الذي زاد الأزمة سوءًا الفوائد المنخفضة التي استمرت لسنوات سابقة أدت إلى زيادة الطلب على شراء العقارات والسيارات بشكل كبير جداً في الفترات السابقة، مما أدى لأرتفاع غير طبيعي في الأسعار التي بدأت بالعودة إلى المعدل السعري الطبيعي التي يجب أن تكون عليه.
لماذا نسبة الفائدة في تركيا وصلت 50%، وهل هذا الشيء منطقي؟ وهل سياسة شيمشيك تقود تركيا نحو الهاوية أو نحو التقدم؟ وما هو معدل الفائدة الأمثل في تركيا؟
هذه الأسئلة تطرح بشكل دائم من المتابعين للاقتصاد التركي والمستثمرين على حد سواء. والإجابة على ذلك لا تتم الا بالرجوع للوراء قليلاً، واستحضار الأحداث السابقة وتحليلها وصولاً إلى المستقبل.
لعدة سنوات الفائدة في تركيا عكسية: أي معدل الفائدة أقل بكثير من معدل التضخم، فعلى سبيل المثال أن يكون معدل التضخم 30% مقابل سعر الفائدة 20% هذا يعني خسارة 10% من قيمة رأس المالي الحقيقي في التضخم بدلاً من حفظ القيمة مع تحقيق ارباح، ففي هذه الحالة المقترض هو الرابح والمقرض هو الخاسر على عكس كل نظريات الفائدة التي تعتني بحفظ قيمة المال بالإضافة إلى تحقيق نسبة ربح.
قرارات رفع الفائدة الأخيرة جائت لعلاج التضخم الحالي والتي يفترض بها أن تكون أعلى من قيمة التضخم المتوقع في البلاد، فالسبب الرئيسي الذي دفع شيمشيك لعد الإكتفاء بمعدل فائدة 40% هو أن التضخم المتوقع في البلاد لنهاية عام 2024 وصل إلى 40%، فعليه يجب أن تكون نسبة الفائدة تتجاوز نسبة التضخم وهذا تفكير منطقي في الاقتصاد.
لماذا مع قرارات رفع الفائدة في تركيا انخفض سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار والعملات الأخرى؟ بالرغم من ان النظريات الاقتصادية تقول بأن رفع نسبة الفائدة يساهم في تحسن العملة وليس انخفاضها؟
قرارات رفع الفائدة الأولى التي إتخذها شيمشيك كانت أقل بكثير من التوقعات الدولية، فحين رفع نسبة الفائدة من 8.5% إلى 15% كانت نسبة الفائدة الجديدة أقل بكثير من التوقعات العالمية الموصى بها، لحين وصول نسبة الفائدة إلى 45% في نهاية الشهر الأول من سنة 2024، والمتابع لسعر صرف الليرة التركية يرى بأن معدل استقرار أسعار الصرف تحسن بشكل ملحوظ منذ ذلك التاريخ، فالنزول في قيمة العملية الحاصل في الشهرين الأخيرين بسيط ومنطقي خالي من المفاجئات التي كانت تعيشها تركيا في تقلبات أسعار الصرف خلال السنوات الماضية كنسبة مئوية.
.
الاقتصاد التركي انتقل من مرحلة الاقتصاد الغير قابل للتوقع والقياس إلى الاقتصاد العقلاني القابل للقياس، وهذا ما خطط له شيمشيك وقاله في أوائل خطاباته الاقتصادية: "سوف ننتقل إلى الاقتصاد العقلاني القابل للقياس"، فلا مفاجئات كبيرة منتظرة في ظل سياسيات شيمشيك الاقتصادية، مما سيساهم في تعزيز وتقوية الاقتصاد التركي للمرحلة القادمة، وهذا ما تم إنعكاسه في تصنيفات تركيا الائتمانية.
لماذا سياسيات رفع الفائدة العالية ستخفض التضخم؟ بالرغم من مساهمتها في الكساد والركود الاقتصادي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة؟
سياسة رفع الفائدة قائمة على إحداث الركود الاقتصادي المؤقت بشكل مقصود، والركود الحاصل ليس عنصر مفاجئة للحكومة، فرفع أسعار الفائدة يساهم في تكديس الأموال في البنوك، وبالتالي يخفض من الاستثمار، مما يساهم في انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وانخفاض القدرة الشرائية للشعب سيؤدي إلى انخفاض الطلب بشكل كبير، وانخفاض الطلب يؤدي إلى تخفيض الأسعار وبالتالي تقليل التضخم.
هل سيتم تخفيض نسبة الفائدة في تركيا أم زيادتها عن معدل 50%؟
تخفيض نسبة الفائدة في تركيا مرتبط بانخفاض التضخم الحقيقي، أو بانخفاض التوقعات المنطقية للتضخم الحاصل في تركيا، فلا يمكن تخفيض الفائدة إلا بعد انخفاض التضخم وليس العكس. وكذلك الأمر بالنسبة لزيادتها، ففي حال ارتفع التضخم الحقيقي أو المتوقع في تركيا عن نسبة التضخم السنوية المتوقعة لنهاية عام 2024 وهي 40%، ستضطر الحكومة لرفع أسعار الفائدة مرة اخرى، أما في حال استقرار النظرة لنسبة التضخم على 40% ففي هذه الحالة ستبقى نسبة الفائدة 50% لغاية نزول نسبة التضخم أو من الممكن أن تنخفض إلى 45%. ومن المتوقع نزول نسبة التضخم اما في الربع الأخير من عام 2024 أو في نهاية النصف الأول من عام 2025، وبالتالي يمكن تخفيض نسبة الفائدة حينها لما دون 45% وذلك يتبع إلى نسبة التضخم، وحينها تعود الأسواق بالتحرك بصورة شبه طبيعية.
ما هي وسائل حل مشكلة التضخم الدائمة غير رفع نسبة الفائدة، كون معدل الفائدة يمثل علاجاً مؤقتاً؟
زيادة الانتاج الحقيقي في تركيا وخاصة المواد الأولية الانتاجية، حيث يعتمد الاقتصاد الإنتاجي التركي على مواد أولية مستوردة، وحجم الاستيراد التركي من الخدمات والسلع كبير جداً، ويفوق حجم التصدير، حيث بلغت صادرات تركيا في عام 2023 على سبيل المثال قرابة 256 مليار دولار وهو يعد رقماً قياسياً وتاريخياً لتركيا، بينما بلغت وارداتها قرابة 362 مليار دولار، الأمر الذي يساهم في زيادة عجز الميزان التجاري التركي.
فعجز الميزان التجاري التركي السنوي لعام 2023 بلغ قرابة 106 مليار دولار، فسياسة تركيا الجديدة تستهدف بشكل كبير دعم التصنيع والانتاج وخاصة للمنتجات الجديدة التي يتم استيرادها، مما سيؤدي إلى تخفيض الاستيراد، وزيادة حجم الصادرات، بالإضافة إلى تقليل المصاريف الحكومية للحد الادنى، ومتابعة تحصيل الضرائب بشكل دقيق، ومحاربة التهرب الضريبي، وجلب وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومن الخطط التي طرحتها الحكومة التركية لسد هذا العجز إصدار 284 منتجاً صالحاً للاستثمار بدعم كبير من الحكومة التركية، حيث خصصت وزارة المالية التركية مبلغ 300 مليار ليرة تركية كمبالغ للدعم والقروض التفضيلية لما أسمته مشاريع استراتيجية للتصنيع بالتقنية العالية، حيث تقدم الحكومة قروض ميسرة بفائدة قليلة للمشاريع التي تندرج تحت هذه الخطة، والتي تتجاوز فيها مبالغ الاستثمار 1 مليار ليرة تركية.
د. حمزة رفيق نواهضه
دكتوراه في الاقتصاد الإسلامي