رم - بقلم: د. ذوقان عبيدات
لعل أكثر الجدليات التربوية هي ما دارت وتدور حول التعليم وسوق العمل، فالجامعات تجهد لفك اشتباكها مع سوق العمل ما قبل الصناعة، والمخططون يربطون بين التعليم والعصر الرقمي والمستقبل. لذلك اجتهد المستقبليون، "وجميعهم خارج التعليم"، في التحدث عن مهن ستنقرض، وأخرى ستظهر! فالمستقبل عندهم يقيني لا شك فيه! والتربويون لا يؤمنون إلّا بيقين واحد هو:"يقين الماضي؛ لذلك ما زالوا يدرّسون القراءة، والكتابة، والحساب، ودروسًا غيرها!
(01)
المستقبليّون والتعليم
يجتهد المستقبليون في ربط مناهج التعليم العام، والتعليم الجامعي بسوق العمل؛ وهم بذلك يقفزون عن مسلّمات منها:
سرعة التغير في إنتاج أعمال جديدة ، وزوال أعمال حالية، وسابقة، وحتى مستقبلية. فالمستقبل غير يقيني أيضًا.
كثيرون يدرّسون وفق قوانين مفروضة عليهم ولا تتيح لهم اختيار تخصصات يرغبون فيها، ولذلك لا يعملون بها، أو أنهم يفشلون إن عملوا بها.
إن جمود التعليم والمناهج والمعلمين لا يتيح للطلبة اللحاق بمتغيرات العصر، ولذلك تميل المدرسة والجامعة إلى تعليم يقينيات الماضي!!
ولذلك يمكن وصف التعليم المستقبلي أنه مغامرة تميل إلى عدم النجاح، فهم يراهنون على مهن سريعة التغير!
(02)
الماضويّون: صقور التعليم
الماضي هو القوة الأساس في تفكيرهم، فالمستقبل بعلم الغيب، والحاضر عدوّ الماضي! واليقين الوحيد عندهم الماضي، وحقائق الماضي المتمثلة بالتاريخ، والقيم، وقواعد اللغة، والدين وأمور أخرى غيرها.
ولذلك يرون في التعليم إعادة إنتاج الماضي، بنموذجه: الإنسان الهادئء الملتزم، والمتحدث المتقن للغة، الذي يحترم الكبير، ووليّ الأمر، والقانع بما ورثه عن أجداده مع بعض تطوير! وبطبيعة الحال فإن العمل عندهم محدود بما هو يقيني، والله وحده عليم بالغيب.
(03)
ثلاثية التعليم والعمل
سواءٌ في المدرسة، أم في الجامعة، "مرَجَ التعليم والعمل يلتقيان:"
• ففي مرحلة المدرسة والجامعة نتعلم. ولا نعمل!
• وفي مرحلة العمل، نعمل، ولا نتعلم!
• وفي مرحلة التقاعد، لا نعمل، ولا نتعلم!
وهناك من يقول: في مرحلة الدراسة لا نتعلم بكفاية. وفي مرحلة العمل، لا نعمل أيضًا بكفاية.ولذلك قد لا نستحق حتى التقاعد!
ولهذا تتمة. لكن من يحرص على ربط التعليم بالعمل يحتاج تفكيرًا، ورؤية، وفلسفة ليست متوافرة عند "حدا"!
فهمت علي جنابك؟!