رم - د.حارم الناصر
يعتبر الأردن من افقر دول العالم من حيث نصيب الفرد من المياه ويعود ذلك للزيادة في السكان، واستضافة اللاجئين، وشح الأمطار، ونضوب موارد المياه، والتغير المناخي، والحاجة المتزايدة للقطاعات الاقتصادية المختلفة إلى المياه، بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية بشكل عام، مما جعل هذا القطاع محط اهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني، وخاصة فيما يتعلق بإسقاطاته المستقبلية وما يتعلق منه بالأمن المائي والغذائي وصحة المواطنين.
وأذكر حضور أول اجتماع برئاسة جلالة الملك حول المياه بعد حوالي الشهر من تولي جلالته سلطاته الدستورية، وكان ذلك في العام ١٩٩٩، وقد لاحظت الاهتمام الكبير الذي يبديه جلالة الملك حول ضرورة إيصال المياه إلى كافة المواطنين وفي كافة مواقعهم، وقد ركز جلالة الملك على ضرورة تنفيذ مشروع الديسي وتحسين نوعية مياه سد الملك طلال وتأمين مياه الشرب للمواطنين وكذلك مياه الري للمزارعين.
وكانت رسالة الملك حول اهتمامه بقطاع المياه جلية وواضحة من خلال زياراته المتكررة لوزارة المياه، إذ زار وزارة المياه خلال الأعوام ٢٠٠١-٢٠٠٥ و ٢٠١٣ -٢٠١٨ سبعة (٧) مرات وقام بافتتاح (٩) مشاريع مائية، منها ما يخص السدود ومشاريع مياه الشرب. وما زلنا نذكر جميعاً ما حدث عام ٢٠١٠ عندما عاد جلالة الملك من الولايات المتحدة للاطمئنان على الوضع المائي في طيبة الكرك التي كانت تعاني مشكلة نقص مياه.
لقد تحقق الكثير من الإنجازات المائية في عهد جلالة الملك والتي كان لها الأثر الأكبر في زيادة منعة القطاع ومتانته في تقديم خدمات المياه والصرف الصحي والري للمواطنين والمزارعين وفي مختلف مواقعهم، وأكبر دليل على صلابة القطاع عندما استضاف الأردن مليون ونصف (١،٥) لاجئ سوري شكلوا ما نسبته ٢٢٪ من مجموع سكان المملكة، دون الوصول إلى حد الأزمة مع الرغم من شح مصادر المياه وقلة الإمكانيات. كل ذلك تحقق بتوجيهات جلالة الملك لتأمين ما يحتاجه قطاع المياه من تمويل ومساعدات، إذ تم تنفيذ مشارع مائية بقيمة ستة (٦) مليار دينار ?تنفيذ استراتجية المياه ومشاريعها الاستثمارية والتي باركها جلالة الملك في العام ٢٠٠٢، ومنها مشروع جر مياه الديسي إلى عمان ووتوسعته لتصل مياه المشروع إلى شمال المملكة، وسد الوحدة الذي أصبح يخزن حصة الأردن المائية من نهر اليرموك، وسدود الموجب والوالة والتنور ووادي الكرك ووادي ابن حماد والتي أصبحت منظومة متكاملة لخدمة قطاع الشرب والري والصناعة، ومشروع وادي العرب إربد ومشروع سد كفرنجه اللذان عززا خدمات مياه الشرب في إربدّ وعجلون، ومشروع توسعة محطة زي ومشروع الموجب-الزارة- عمان واللذان زوّدا العاصمة عمان بمياه ا?شرب.
بالإضافة إلى مشاريع اللجون الكرك والحسا الطفيلة ومحطة تحلية العقبة وآبار معان وتحلية آبار جرش وآبار الحلابات -الزرقاء والعاقب-المفرق والتي ساهمت بشكل كبير بحل مشاكل مياه الشرب في تلك المناطق، وغيرها الكثير الكثير من مشاريع الصرف الصحي، وإعادة الاستخدام للري والتي نفذت بكافة مدن المملكة وبدون استثناء.
وتم بعهد جلال الملك إدخال تقنية تحلية المياه لخدمة المناطق التي لا يوجد بها مصادر مائية صالحة للشرب مثل «الرويشد والصفاوي ووادي عربة والأغوار والزرقاء وجرش»، وتم ذلك إدخال الطاقة المتجددة في مشاريع المياه لتقليل أثمان المياه على المواطنين. أما فيما يخص حماية أمن المنشأت المائية من العبث فقد تم تأسيس مركز للسيطرة والتحكم متطور ومتقدم على مستوى المنطقة بهدف متابعة وتشغيل ومراقبة أنظمة ومنشاءات المياه في كافة مناطق المملكة وعلى مدار الساعة.
وللاستمرار في تحسين الوضع المائي وتزويد المواطنين بالمزيد من المياه، فما زلنا نذكر توجيهات جلالة الملك للحكومة قبل عدة أشهر للإسراع في تنفيذ مشروع الناقل الوطني، وذلك لتعزيز سيادة الأردن المائية والاعتماد أكثر على مصادرنا الداخلية، بالإضافة إلى حزمة كبيرة مستقبلية من مشاريع المياه والري وإعادة الاستخدام سيتم تنفيذها في القريب العاجل.
كل عام والأردن وجلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا وولي العهد الأمين -حفظهم الله جميعاً- بألف خير، ونبارك لأنفسنا مناسبة اليوبيل الفضي وإنجازات الوطن في عهد الملك المعزز عبدالله الثاني، وسيظل الأردن دوماً بحول الله وقوته واحة أمن واستقرار وبهمة قيادته وجيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية ورجاله المخلصين الأوفياء.
وزير المياه والري ووزير الزراعة الأسبق