رم - م. أنس معابرة
بعد أن كنتُ قد شككتُ في الدافع الحقيقي وراء قيام الولايات المتحدة الأمريكية ببناء رصيف على شاطئ مدينة غزة لتسهيل مرور المساعدات إلى أهل غزة، بدأت الآن تتكشف لنا الحقائق وراء انشاء ذلك الرصيف.
لقد كان من غير المنطقي أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ببناء هذا الرصيف الذي يكلفها الملايين من الدولارات، والآلاف من الجنود، بحجة ادخال المساعدات إلى غزة على الرغم من وجود معبر رفح، ومعبر كرم أبو سالم، فأمريكا كانت تعلم جيداً نية الاحتلال في السيطرة على معبر رفح، واغلاقه وتدميره، وحرق صالة القادمين والمغادرين.
وكانت تعلم أيضاً أن الاحتلال سوف يغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساعدات، وسوف يقوم المستوطنون بالاعتداء على المساعدات وحرقها، وبالتالي كانت الولايات المتحدة الأمريكية على علم تام بكل مخططات الاحتلال للمراحل التالية.
وجاء انشاء الرصيف في الحقيقة من أجل القيام ببعض العمليات العسكرية أو حتى لتقديم الدعم اللوجستي لقوات جيش الاحتلال، من خلال امداده بالأسلحة والمعدات والجنود، وذلك بعد سيطرة جيش الاحتلال على محور نتساريم.
لقد جاء الإعلان على لسان الناطق الرسمي للمكتب الحكومي بغزة حين أفاد بأن الرصيف الأمريكي العائم يستخدم في تنفيذ مهام عسكرية، بعد أن تم تشغيله في السابع عشر من الشهر الماضي، كما ساعدت الولايات المتحدة جيش الاحتلال في تنفيذ مجزة حي النصيرات ابان محاولة تحرير الأسرى، حين نجح جيش الاحتلال في تحرير أريع أسرى، بينما استشهد أكثر من 250 فلسطيني في تلك المجزرة.
إن من ينتظر أن تقف أمريكا أو غيرها من الدول الأوروبية إلى جانب الفلسطينيين في حربهم ضد الاحتلال، أو حتى إلى جانب أية قضية تخص العرب والمسلمين كمن ينتظر أن يشرب الماء بالغربال، فموقف الولايات المتحدة واضح في الانحياز التام للاحتلال، ودعمه عسكرياً، وسياسياً، واقتصادياً.
وإذا كنت تعتقد أن هنالك خلاف بين الاحتلال وأمريكا كما يشاع في وسائل الإعلام، أو حتى تأخير في تسليم شحنات الأسلحة فأنت واهم، فالأسلحة تتدفق إلى الاحتلال دون موافقة الكونغرس الأمريكي، وذلك لأن الحكومة الامريكية لديها ضوء أخضر من الكونغرس بدعم الاحتلال بشكل مطلق.
ولا يخفى عليكم موافقة الكونغرس الأمريكي قبل شهرين على دعم الاحتلال اقتصادياً بقيمة وصلت إلى 26 مليار دولار، فهل سيتأخرون عليه بدفعات الأسلحة؟
ما نستفيده نحن مما يجري هناك في غزة هو أن أمة الكفر واحدة، يدعم بعضها بعضاً، فلا ترجو منهم الخير، ولا ترجو منهم نصراً لقضيتنا العادلة، التي لن تنال النصر إلا من خلال سواعد الأبطال الذين يقفون في وجه العدو، وهم على وشك تدمير دولة الاحتلال المزعومة.
كما أنها فرصة لدول المنطقة وحكوماتها وقياداتها في مراجعة النفس ودراسة الولاءات المطلقة التي تقدم للولايات المتحدة الامريكية، فأنا ما زلت أصر على أن الحرب في غزة هي حرب أمريكية، وأن أمريكا هي الطاغوت الأكبر، وزوال الاحتلال مرتبط بشكل تام بزوال الولايات المتحدة الأمريكية، وانتهاء سيطرتها وزعامتها للعالم، وهو أقرب ما نتصور بإذن الله.