رم - أكد عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومستشار علاج الأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، أنه نظرًا لمناخ الأردن ووجود كل من بعوض «الكيولكس» وأنواع من الطيور المهاجرة فإن احتمالية انتقال فيروس غرب النيل قائمة.
وأضاف في تصريح أن مع ارتفاع الحرارة وازدياد نشاط البعوض، يواجه الأردن التهديد السنوي لفيروس غرب النيل، وهو مرض ينتقل عن طريق البعوض ويمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة لدى نسبة صغيرة من المصابين.
وبين أنه في حين أن الغالبية العظمى من المصابين يعانون من أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض على الإطلاق، فإن فهم الفيروس وطرق انتقاله واستراتيجيات الوقاية، أمر بالغ الأهمية لصحة الجمهور وسلامة الأفراد.
وأشار إلى أن فيروس غرب النيل ينتمي لعائلة الفيروسات المصفرة وهو فيروس «RNA» أحادي الشريطة، وينتشر بشكل أساسي بين الطيور المصابة والبعوض، بينما يكون البشر والثدييات الأخرى عوائل عرضية، حيث يعد بعوض الكيولكس، الشائع في المناطق الحضرية والضواحي، الناقل الأساسي للفيروس.
ويكتسب هذا البعوض الفيروس وفق بلعاوي، عن طريق التغذّي على الطيور المصابة، وخاصةً الطيور التي تنتمي إلى عائلة الغربان، وبمجرد إصابة البعوضة، يمكنها نقل الفيروس إلى البشر والحيوانات الأخرى عن طريق لسعها.
وبخصوص أعراض الفيروس، لفت إلى أن غالبية الأفراد المصابين (حوالي 80%)، لا يعانون من أي أعراض على الإطلاق، أما أولئك الذين تظهر عليهم أعراض، فعادة ما يلاحظونها بين يومين و 14 يوما بعد تعرضهم للسعة من بعوضة مصابة، وغالبا ما تظهر على الحالات الخفيفة أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، مثل الحمى، والصداع، وآلام الجسم، والطفح الجلدي، وتورم الغدد الليمفاوية.
وأوضح أن الأعراض عادة ما تختفي من تلقاء نفسها في غضون أيام، ومع ذلك، فإنه يمكن أن يتطور الفيروس إلى أمراض عصبية حادة مثل التهاب الدماغ أو التهاب السحايا، في أقل من 1% من الحالات، ويمكن أن تؤدي الحالات الشديدة إلى آثار منهكة طويلة المدى، بما في ذلك الشلل والرعاش وضعف الإدراك وحتى الوفاة.
وعلى الرغم من أن معظم الأفراد المصابين بالفيروس يبقون بدون أعراض، كما ذكر بلعاوي، إلا أنه لا يمكن التقليل من أهمية دورهم في انتقال العدوى، فلا يزال بإمكانهم أن يحملوا الفيروس ويساهموا بشكل محتمل في انتشاره من خلال لسعات البعوض، حيث يؤكد هذا الانتقال الصامت أهمية المكافحة الاستباقية للبعوض وتدابير الحماية الشخصية، حتى بالنسبة للأفراد الذين يشعرون بصحة جيدة.
أما بالنسبة للعلاج، نوه إلى أنه لا يوجد حاليا علاج محدد لعدوى فيروس غرب النيل، ويتم علاج الحالات الخفيفة عادة بالراحة والسوائل ومسكنات الألم، التي تُصرف بدون وصفة طبية لتخفيف الأعراض، وغالبا ما تتطلب الحالات الشديدة دخول المستشفى والرعاية الداعمة لعلاج المضاعفات، مبينا انه في حين لا يتوفر حاليا لقاح للاستخدام البشري للفيروس، إلا أن هناك العديد من اللقاحات المرشحة قيد التطوير وتُظهر نتائج واعدة للمستقبل.
وللتخفيف من مخاطر تفشي الفيروس في الأردن، أكد بلعاوي، أنه يتعين على الحكومة، وتحديدا وزارة الصحة والمركز الوطني للأوبئة بالتعاون مع وزارة البيئة، أن تضطلع بدور استباقي في مكافحته، من خلال وضع برنامج مراقبة شامل.
ويتضمن برنامج المراقبة اصطياد البعوض واختباره، لا سيما في المناطق عالية الخطورة، مثل وادي الأردن والبحر الميت والمراكز الحضرية، التي تعاني من سوء شبكات الصرف الصحي، ووجود مصادر مياه راكدة، مما يخلق بيئةً خصبة لتكاثر بعوض الكيولكس.
كما طالب بمراقبة مجموعات الطيور، وخاصةً الغربان مثل الغراب الأسود والغراب الرمادي والنسور، بحثًا عن الفيروس، وهذه يمكن أن توفر علامات تحذير مبكرة بشأن احتمال تفشي المرض.
ودعا لتعزيز تدابير الفحص عند المعابر الحدودية، لا سيما للمسافرين القادمين من بلدان ينتشر فيها فيروس غرب النيل، بالإضافة لتوفير المواد التثقيفية عند نقاط الدخول هذه، لا سيما خلال ذروة موسم البعوض إلى إعلام المسافرين بأعراض الفيروس، وطرق الوقاية، وأهمية طلب الرعاية الطبية في حالة الشعور بالتوعك بعد السفر من المناطق المتضررة.
وتعد المسؤولية الفردية أساسية للحد من خطر الإصابة بفيروس غرب النيل أمرا مهما كما أكد بلعاوي، ويشمل ذلك التخلص من أماكن تكاثر البعوض حول المنازل، عن طريق إزالة مصادر المياه الراكدة مثل الدلاء والإطارات القديمة والمزاريب المسدودة.
وفي سؤال عن إمكانية حدوث جائحة لهذا الفيروس في الأردن، بين بلعاوي أن احتمالية حدوث وباء واسع النطاق في المملكة لا تزال منخفضة، ومع ذلك فإن الطبيعة التي لا يمكن التنبؤ بها للفيروس تتطلب اليقظة واتخاذ تدابير استباقية.