رم - أصبحت كامالا هاريس، الاثنين، في موقع قوي لتسمية الحزب الديمقراطي لها لخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر، في مواجهة دونالد ترامب مع تلقيها دعما من شخصيات في حزبها إثر الانسحاب المفاجئ للرئيس جو بايدن.
قبل زيارتها الأولى إلى مقر الحملة في ويلمنغتون بولاية ديلاوير الاثنين، ترأست هاريس احتفالا في البيت الأبيض لفرق كرة السلة الجامعية.
وأشادت ببايدن الذي قالت إنه ترك إرثا "لا مثيل له في التاريخ الحديث".
ولم تشر إلى ترشحها للرئاسة في تصريحاتها الموجزة. لكن رمزية إشرافها على فعاليات في البيت الأبيض في غياب بايدن الذي يتعافى من كورونا في منزله في ديلاوير، كانت ملفتة للنظر.
في وقت سابق، أكدت هاريس البالغة 59 عاماً في بيان، "يشرفني أن أحصل على تأييد الرئيس ونيّتي هي كسب هذا الترشيح والفوز به.... سأبذل كل ما في وسعي لتوحيد الحزب الديمقراطي - وتوحيد أمتنا - لهزيمة دونالد ترامب".
وبينما أعلنت شخصيات ديمقراطية دعم نيل هاريس بطاقة الترشيح عن الحزب في مؤتمره العام المقرر في شيكاغو منتصف آب/أغسطس، أحجم عدد من رموز الحزب مثل الرئيس السابق باراك أوباما عن إعلان تأييده.
وقدم 5 حكام ولايات ديمقراطيون الاثنين، دعمهم لكامالا هاريس رغم أن بينهم شخصيات كانت تعتبر مرشحة محتملة لخلافة بايدن.
وكتبت غريتشين ويتمر، حاكمة ولاية ميشيغن، في بيان وقعه أيضا 3 حكام آخرون، "أنا متحمسة جدا لفكرة دعم ترشيح كامالا هاريس". وأيدها كذلك حاكم ولاية ماريلاند ويس مور.
كما أعلنت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، الشخصية البارزة في الحزب الديمقراطي، دعمها ترشيح هاريس.
وقالت بيلوسي في رسالة على منصة إكس، "بفخر كبير وتفاؤل غير محدود بمستقبل بلادنا، أؤيد نائبة الرئيس كامالا هاريس للترشح لرئاسة الولايات المتحدة. ولدي ثقة كاملة بأنها ستقودنا إلى النصر في تشرين الثاني/نوفمبر".
وشهد السباق إلى البيت الأبيض تحوّلين كبيرين خلال مدة قصيرة لم تتجاوز 8 أيام، ما أعاد الزخم إلى المنافسة وتسبب بخلط الأوراق قبل الانتخابات المقررة في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر. فقد تعرّض الرئيس السابق والمرشح الجمهوري ترامب لمحاولة اغتيال في 13 تموز/يوليو، وأعلن بايدن في 21 منه انسحابه، ليرضخ بذلك إلى ضغط واسع من المعسكر الديمقراطي نفسه.
أكبر عملية جمع تبرعات
وأتى إعلان بايدن في رسالة إلى الأميركيين نشرت عبر منصة "إكس"، علماً أن الرئيس الديمقراطي لم يظهر في العلن منذ إعلان إصابته بكورونا الأسبوع الماضي.
وقال بايدن "أرى أنه من مصلحة حزبي وبلدي أن انسحب وأن أركّز فقط على مهامي كرئيس إلى حين انتهاء ولايتي".
وأتبع رسالته بمنشور على إكس قال فيه "اليوم أريد أن أقدم دعمي وتأييدي الكاملين لكامالا لتكون مرشحة حزبنا هذا العام. لقد حان الوقت للديمقراطيين للتوحد وهزيمة ترامب".
ولقيت هاريس تأييد أسماء بارزة في الحزب الديمقراطي، مثل الرئيس السابق بيل كلينتون وزوجته هيلاري، وحاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم الذي كان ينظر إليه كمنافس محتمل، إضافة إلى الكثير من المشرّعين المنتخبين من التقدميين والمعتدلين.
وقالت النائبة عن نيويورك ألكسندريا أوكازيو كورتيز في منشور على إكس، "اليوم أكثر من أي وقت مضى، من المهم أن يتوحد حزبنا وبلادنا سريعاً لهزيمة دونالد ترامب والخطر الذي يمثّله على الديمقراطية الأميركية".
وأثارت خطوة بايدن، المفاجئة على رغم أنها كانت محور تكهنات لعدة أيام، سلسلة من الأسئلة في أوساط الحزب الديمقراطي، منها ما إذا كان السناتور جو مانشين، المنتسب سابقاً إلى الحزب والمستقل حالياً، يعتزم السعي لخوض السباق الرئاسي.
وانضم السناتور البارز الأحد إلى الدعوات الموجهة لبايدن لإنهاء ترشيحه لصالح ديمقراطي أصغر سنا.
في مقابل علامات الاستفهام، انعكس انسحاب بايدن إيجاباً على الصعيد المالي بالنسبة للديمقراطيين، إذ قالت حملة هاريس إنها جمعت مبلغا قدره 49.6 مليون دولار من التبرعات الشعبية في أقل من 24 ساعة منذ أن أيدها بايدن الأحد.
وقال مطلع على جدول أعمالها إن هاريس أمضت أكثر من 10 ساعات الأحد في إجراء مكالمات مع أكثر من 100 من قادة الحزب وأعضاء الكونغرس وحكام الولايات وشخصيات أخرى.
وبحسب ما ورد تحدثت إلى الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهو أحد الأشخاص الذين لم يؤيدوها بعد.
وأشاد أوباما في بيان الأحد بقرار بايدن الانسحاب، لكنه حذّر من "آفاق مجهولة في الأيام المقبلة"، معربا في المقابل عن ثقته بقدرة قادة الحزب على "تبني مسار يمكن أن يفضي إلى مرشح بارز".
حملة ترامب مستعدة
على المقلب الجمهوري، ستكون لانسحاب بايدن انعكاسات لا مفرّ منها على حملة ترامب، إذ سيضطر لإعادة رسم استراتيجيته الانتخابية التي تمحورت بشكل كبير على الاستخفاف بصحة بايدن وقدراته الذهنية.
لكن يُخشى أن ينقلب السحر على الساحر، ويصبح تركيز الدعاية على السنّ والقدرة الذهنية سلاحاً للديمقراطيين بمواجهة ترامب البالغ 78 عاماً، خصوصاً في حال نالت هاريس التي تصغره بزهاء 20 عاماً، ترشيح الحزب.
وقد تعمد هاريس التي أصبحت في آذار/مارس أول نائبة للرئيس تزور عيادة للإجهاض، إلى جعل هذه القضية محوراً أساسياً في مواجهة ترامب. ومنذ قرار المحكمة العليا الأميركية في 2022 الذي ألغى عملياً الحق الدستوري بالإجهاض، خسر الجمهوريون الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي وعمليات الاقتراع التي تتطرق لهذا الشأن.
لكن حملة ترامب تؤكد أن انسحاب بايدن لم يأخذها على حين غرة، وأن المسؤولين عنها أعدوا حملات دعائية موجهة ضد هاريس ستبثّ في عدد من الولايات المهمة في السباق الانتخابي خلال الأيام القليلة المقبلة.
وسيستغل ترامب الوقت المستقطع إلى حين حسم الحزب الديمقراطي خيار الترشيح، ويمضي في حملته الانتخابية والتجمعات في ولايات عدة، بعد المؤتمر العام للحزب الجمهوري في ميلووكي الذي اختتم الخميس الماضي باختياره مرشحاً رسميا لولاية ثانية في البيت الأبيض، بعد أولى بين 2017 و2021.
ويعقد ترامب تجمعاً لأنصاره الأربعاء في ولاية كارولاينا الشمالية.
أ ف ب