رم - أصبحت كامالا هاريس الاثنين في موقع قوي لضمان تسمية الحزب الديمقراطي لها لخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر في مواجهة دونالد ترامب، مع تلقّيها دعما من شخصيات في حزبها إثر الانسحاب المفاجئ للرئيس جو بايدن.
وفي أول خطاب لها في إطار حملتها الانتخابية، قارنت هاريس ترامب البالغ 78 عاما بشخص "محتال"، مشددة على "أننا سنفوز" في الانتخابات.
وقالت هاريس لأعضاء حملتها في ديلاوير "على مدى الأيام الـ106 المقبلة، سنعرض برنامجنا على الشعب الأميركي، وسنفوز"، مضيفة "لقد حدثت تقلّبات، وتَختلِجُنا جميعا الكثير من المشاعر المختلطة حول هذا الأمر. أود فقط أن أقول إنني أحب جو بايدن".
كما وعدت هاريس بجعل الحق بالإجهاض في صلب حملتها الانتخابية في إطار سعيها للوصول إلى البيت الأبيض.
وقالت خلال أول فعالية لها في حملتها الانتخابية "سنناضل من أجل حق (المرأة) في التحكم بجسدها، مع العلم أنه إذا سنحت الفرصة لترامب فسوف يقر حظرا على الإجهاض في كل ولاية" أميركية.
ولاحقا أعلنت هاريس أنّها "فخورة بحصولها على الدعم الواسع اللازم لتُصبح مرشّحة الحزب الديمقراطي" وتحلّ بالتالي محلّ بايدن في السباق إلى البيت الأبيض.
وأفادت وسائل إعلام أميركيّة بأنّ غالبيّة المندوبين الديمقراطيّين، البالغ عددهم نحو 4000 شخص والمُكلّفين اختيار مرشّح الحزب رسميا، قد أعلنوا بالفعل نيّتهم دعم هاريس. وقالت نائبة الرئيس الأميركي في بيان "أتطلّع إلى أن أتمكّن قريبا من قبول هذا التعيين رسميا".
وحضّ بايدن أنصاره الاثنين على دعم ترشيح نائبته لخوض السباق الرئاسي، معتبرا أن انسحابه من المنافسة كان "القرار الصائب".
وقال بايدن في اتصال مع فريق حملته الانتخابية "أريد أن أقول للفريق، ادعموها. إنها الأفضل". وأضاف تعليقا على قراره الانسحاب "أعلم أن أخبار الأمس كانت مفاجئة ويصعب عليكم سماعها، لكنه كان القرار الصائب".
وتعهد بايدن بمواصلة العمل على إنهاء الحرب في غزة خلال الأشهر الأخيرة من ولايته، بعد تراجعه عن السعي لولاية ثانية.
وقال "سأعمل بشكل وثيق جدا مع الإسرائيليين والفلسطينيين لمحاولة التوصل إلى طريقة لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق السلام في الشرق الأوسط وإعادة كل الرهائن إلى وطنهم".
وتلتقي هاريس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "هذا الأسبوع" في واشنطن، حسبما أعلن مكتبها.
وقال مكتب هاريس إن هذا اللقاء سيكون "منفصلا" عن اللقاء بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي. وغادر نتنياهو الاثنين إلى واشنطن، حيث من المقرر أن يلقي خطابا أمام الكونغرس في خضم الحرب في قطاع غزة.
ويُغادر بايدن الثلاثاء منزله الذي كان معزولا فيه بسبب إصابته بفيروس كورونا، على أن يعود إلى البيت الأبيض بعد الظهر، وذلك للمرة الأولى منذ أن أعلن انسحابه من السباق الرئاسي، وفقا لجدول أعماله الرسمي.
وكان بايدن منذ الأربعاء في منزله في ريهوبوث، على ساحل المحيط الأطلسي، معزولا بسبب إصابته. ومن هناك كتب رسالة إلى الشعب الأميركي الأحد الماضي أعلن فيها انسحابه من السباق الرئاسي.
قبل زيارتها الأولى لمقر الحملة في ويلمنغتون بولاية ديلاوير الاثنين، ترأست هاريس (59 عاما) احتفالا في البيت الأبيض أشادت فيه ببايدن الذي قالت إنه ترك إرثا "لا مثيل له".
وقد دعم عدد متزايد من الزعماء الديمقراطيين هاريس، مما أدى إلى زخم قد يسرع تكريسها مرشحة عن الحزب الديمقراطي رغم بعض الدعوات لانتخابات تمهيدية مفتوحة.
وأيد بايدن (81 عاما) هاريس – وهي أول نائبة رئيس سوداء وجنوب آسيوية في تاريخ الولايات المتحدة – بعد انسحابه من السباق الأحد في ذروة أزمة أثارها أداء كارثي في مناظرة مع المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وأعلنت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، الشخصية البارزة في الحزب الديمقراطي، دعمها ترشيح هاريس.
وقالت بيلوسي على منصة إكس "بفخر كبير وتفاؤل غير محدود بمستقبل بلادنا، أؤيد نائبة الرئيس كامالا هاريس للترشح لرئاسة الولايات المتحدة. ولدي ثقة كاملة بأنها ستقودنا إلى النصر في تشرين الثاني/نوفمبر".
وجاء التأييد أيضا من الرئيس السابق بيل كلينتون ومجموعة من المشرعين، لكن الرئيس الأسبق باراك أوباما أحجم عن ذلك حتى الآن.
واحتشد المانحون أيضا، حيث ضخوا مبلغا قياسيا قدره 81 مليون دولار في حملة هاريس خلال 24 ساعة بعد تنحي بايدن.
وقالت الحملة إن ذلك أعلى مبلغ ليوم واحد في تاريخ الرئاسة – وأنه من بين 888 ألف متبرع على مستوى القاعدة، قدم نحو 60 بالمئة مساهمتهم الأولى في عام 2024.
- "لا مثيل له" -
وفي لحظة رمزية لافتة للنظر، استضافت هاريس حفلا للرياضيين الجامعيين في البيت الأبيض الاثنين بينما ظل بايدن في عزلة بسبب كوفيد في منزله الشاطئي في ديلاوير.
وقالت هاريس في تصريحاتها الموجزة في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، مع هطول أمطار خفيفة، إن "إرث الإنجازات التي تركها جو بايدن على مدى السنوات الثلاث الماضية لا مثيل له في التاريخ الحديث".
وبدا أن بعض استعاراتها الرياضية تشير إلى السباق السياسي الذي ينتظرها، إذ تحدثت عن الانتصار و"قيمة الالتزام والمثابرة".
وتجري هاريس رحلة أولى إلى مقر الحملة في ويلمنغتون بولاية ديلاوير، في وقت لاحق الاثنين – على مسافة ليست بعيدة من ريهوبوث بيتش، حيث يعالج بايدن من إصابته بكوفيد منذ الأسبوع الماضي.
وقال طبيب الرئيس في بيان الاثنين إن أعراض بايدن "اختفت تماما تقريبا"، رغم أن البيت الأبيض لم يعلن بعد أي أحداث في جدول أعماله هذا الأسبوع.
دعم عدد من كبار الديمقراطيين الآخرين هاريس.
وكتبت غريتشين ويتمر حاكمة ولاية ميشيغن "دعونا نرفع التحدي".
لكن لا يزال يتعين عليها الفوز بدعم بعض الشخصيات الرئيسة إذا أرادت حسم الترشيح في الوقت المناسب للمؤتمر الوطني الديمقراطي الذي يبدأ في 19 آب/أغسطس، رغم أن الحسم قد يأتي في وقت أبكر مع بدء الاقتراع عن بعد في الأول من آب/أغسطس.
- "تهديد للديمقراطية" -
أدى انسحاب بايدن إلى قلب سباق 2024 رأسا على عقب، ما حوّل النزال الطويل بين رجلين مسنين إلى واحد من أكثر السباقات حماسة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
وقد هزت هذه الخطوة الحزب الديمقراطي المحبط الذي يمكن لهاريس توحيده، ويمكن أن يمنح أميركا أول رئيسة لها.
أثر القرار أيضا في الجمهوريين بشدة، فقد اضطر الرئيس السابق ترامب البالغ 78 عاما – وهو الآن أكبر مرشح رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة – إلى إعادة صياغة استراتيجية بُنيَت حول مهاجمة بايدن بسبب عمره وضعفه الجسدي.
دخول هاريس معترك الانتخابات لا يجعل فقط قضية العمر سلاحا ضد ترامب، بل يضع أيضا الرئيس السابق - وهو مجرم مُدان - في مواجهة امرأة ومدعية عامة سابقة.
ونشر ترامب سلسلة منشورات مليئة بالذم على وسائل التواصل الاجتماعي بعد استقالة بايدن، سخر فيها من عمر الرئيس وقال إنه وهاريس يشكلان "تهديدا للديمقراطية".
وردد المرشح إلى منصب نائب الرئيس جاي دي فانس الانتقادات نفسها في تجمع حاشد في أوهايو الاثنين، قائلا لمؤيديه إن هاريس تتمتع بالزخم لأن "نخبة الديمقراطيين دخلوا غرفة مليئة بالدخان وقرروا رمي جو بايدن في البحر".
وأضاف فانس "ليست هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور. هذا تهديد للديمقراطية".
ولا تزال التحديات التي تواجه هاريس شاقة، مع أقل من أربعة أشهر حتى يوم الانتخابات.
عانت نائبة الرئيس منذ فترة طويلة معدلات تأييد ضعيفة، وهي متقاربة إلى حد كبير مع ترامب في استطلاعات الرأي التي وضعتهما في مواجهة مباشرة.