رم - بقلم: كريستين حنا نصر
هذا الصيف 2024م يعد الأسخن بإمتياز، صيف مفعم بالتطورات المتسارعة على عدة جبهات وفي عدة بلدان عربية، و يبدو أن الأهم هو التطورات الأمنية المعقدة الجارية مؤخراً، والمتمثلة بمقتل عدد من القادة البارزين في حركة حزب الله وحركة حماس، وهما القائد فؤاد شكر والمعروف باسم الحاج محسن، ويعتبر كبير المستشارين العسكريين للأمين العام للحزب حسن نصر الله، ويؤشر مقتله على احتمالية حدوث تطورات مقبلة للصراع بين اسرائيل وحزب الله بعد هجوم مجدل شمس في الجولان، وعلى خلفية هذا الاغتيال الذي نفذته اسرائيل فإن ايران على ما يبدو تجدد من حالة المطالبة بالثأر، وذلك كرد على هذه الاغتيالات، خاصة بعد مقتل هنية بصاروخ استهدفه مباشرة في مقر اقامته في طهران، حيث جاء الرد الايراني بأن اسرائيل سوف تندم على هذا الاغتيال، لأن الاغتيال من شأنه أن يوحد جبهات المقاومة ضدها وسيقود الى انزال هزائم باسرائيل، والأشد احتمالية هو أن يتفاقم الصراع على الحدود الجنوبية للبنان وبالتالي تصاعد في مشهد الصراع.
والمشهد الواضح في الشرق الأوسط اليوم تتصاعد وتيرته بمقتل القائد اسماعيل هنية والذي يشغل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والذي عُرف عنه بأنه الوجه الصارم لدبلوماسية حركة حماس، والسؤال هنا هو من قتل هنية؟ ولماذا قُتل في طهران؟ ومن هي الجهة المسؤلة عن مقتله، وفي هذا الوقت الحرج بالذات؟ .
المشهد الساخن والملتهب في الشرق الأوسط برمته واضح للعيان، بالتزامن مع التطورات المتسارعة في المنطقة، ومن ذلك الصراع في غزة وسوريا وموجة اغتيالات تطال العديد من القادة في الحرس الثوري الإيراني في سوريا، كذلك ما نلمحه من مجريات في العراق وتحديداً دخول الجيش التركي واختراقه الحدود باتجاه دهوك وانتشاره هناك، وهذه الجُملة من المتغيرات يرافقها تهديد الرئيس التركي أردوغان بمهاجمة اسرائيل، ومن جهتها ترد اسرائيل عليه وتصفه بصدام حسين في تهديده لها وسيره على نهجه في التعامل مع اسرائيل، وفي الوقت نفسه تذكره بما حدث له وما آلت اليه الأمور في العراق، وتوجه دعوتها لحلف الناتو بوجوب طرده لتركيا من الحلف، وكافة هذه الأحداث بما فيها ماجرى من قصف مجدل شمس في الجولان تضعنا أمام العديد من السيناريوهات .
السيناريو الأول؛ الأمور تنذر باندلاع ما يمكن وصفه بحرب شاملة، خاصة بعد الاغتيالات القيادية الاخيرة والتطورات المتلاحقة، وهو ما يدفع للاعتقاد بأن ذلك سيقود ربما عملياً لتغير كبير في قواعد الاشتباك المتعارف عليها بين اسرائيل وحزب الله، وهذه الصورة تتعاظم بعد عشرة شهور تقريباً من حرب الاستنزاف بين الطرفين، والسؤال المطروح هنا هل نحن مقبلين فعلياً نحو الدخول في حرب شاملة تؤثر على المنطقة كلها وتتوسع معها جبهات المواجهة، لتأخذ بُعداً إقليمياً تتسع معه العناصر والأطراف المتحاربة بدخول باكستاني وأفغاني اضافة للحشد الشعبي العراقي والفصائل الفلسطينية في لبنان مثل حماس والجهاد الاسلامي وغيرها من فصائل المقاومة، ان من الواضح أن الجبهة الأسخن بإمتياز ان جاز التعبير في هذا الصيف هي لبنان، فهل ستتطور الأمور وتتعقد لنشهد حرب اقليمية واسعة قادمة لا محاله.
والسيناريو الثاني؛ هو اللجوء إلى المسار السلمي بإعلان مفاوضات لحل واطفاء فتيل الأزمة في غزة على وجه الخصوص واللجوء الى تهدئة تطال جميع الجبهات، بالموافقة من الجميع على حلول دبلوماسية تكفل منع الصدام والحرب التي تلوح في الأفق.
والسيناريو الثالث؛ هو الذهاب نحو مرحلة تسويات لإخماد نيران الحرب الاقليمية المرتقبة بسبب هذه التوترات، تسوية تقوم على حسابات دقيقية وخيارات متعددة يمكن للجميع قبولها، خاصة أن مصالح الدول جميعها تكمن في عدم الدخول في مرحلة تزداد معها الأوضاع سوءاً وبشكل يخلق مناخ سمته اندلاع حرب وصراع أكبر في المنطقة.
واضافة إلى الصراع الدائر في غزة و اغتيال القائد اسماعيل هنية، فإن هناك دوراً مؤثراً على الأحداث بل يلعب دوراً فيها وهي انتخابات الرئاسة الأمريكية المرتقبة، ومن المعلوم أن الموضوع الاسرائيلي له أهمية بالغة في الانتخابات الامريكية من قبل كلا الحزبين المتنافسين الجمهوري والديمقراطي في امريكا، ومن الواضح تماماً أن هذا الموضوع يتصدر التصريحات الانتخابية للمتنافسين، ولكن السؤال المطروح هل هذه التصريحات مؤقتة لاسباب انتخابية فقط؟، ولكن بالرغم من ذلك يبقى من المؤكد اهمية التحركات العسكرية الامريكية بما في ذلك قدوم السفن القتالية الامريكية للبحر الأبيض المتوسط قرب اسرائيل والشواطىء اللبنانية، ومنها سفينة واسب(uss wasp )، هذه السفينة الموجودة في وسط البحر ولها خصوصية قتالية تختلف عن حاملات الطائرات، فهي سفينة برمائية هجومية تحمل على متنها مئات الجنود المارينز، وعلى متنها ايضا طائرات حربية ومروحيات أبرزها الطائرة الشبح وغيرها، فهي على ما يبدو قاعدة عسكرية أمريكية عائمة على سطح البحر.
فهل هذه القوات والسفن الامريكية موجودة لتنفيذ سيناريو قائم على ردع حلفاء ايران، بما في ذلك انتظار ساعة الصفر ومهاجمة حزب الله، بالمحصلة أن بحر لبنان ساخن كما هو صيفها تماماً، والوضع القائم ينذر باحتمالية اندلاع حرب اقليمية لا سمح الله.