التحكيم بين الديسي والعطارات


رم -

سلامة الدرعاوي


العطارات ليست الأولى التي لجأت فيها الحكومة للتحكيم، فقد سبقتها قضايا تحكيم بعد نزاعات قانونية مع عدد من المستثمرين الإستراتيجيين في قطاعي الاتصالات والمياه.

أبرز هذه القضايا هي قضية الديسي والخلاف مع الشركة التركية في عام 2018، حيث ردت هيئة التحكيم الدولية مطالبات شركة مياه الديسي (ديواكو) التركية والبالغة 460 مليون دولار، وقررت إلزام الشركة بدفع 10 ملايين دولار تعويضا لوزارة المياه والري، بالإضافة إلى أتعاب المحاماة البالغة 12 مليون دولار.

في ذلك الوقت، حققت الحكومة ومن خلال وزارة المياه والري انتصارا دوليا كبيرا بعد أن أقرت هيئة التحكيم الدولية برفض جميع مطالبات الشركة المنفذة لمشروع جر مياه الديسي والبالغة 460 مليون دولار، في حينها، أعرب وزير المياه السابق حازم الناصر عن تقديره لجهود الفريق الذي ساهم في تحقيق هذا الفوز، مشيدا بموظفي الوزارة ومكتب المحاماة القانوني والمستشارين الذين لعبوا دورا مهما في هذا الإنجاز.


وقال الناصر محذرا: "لا بد من التنبه أثناء تنفيذ المشاريع المهمة في المملكة إلى صونها وحمايتها من جميع المؤسسات والمواطنين حتى لا تكون عرضة لقضايا مماثلة تكبد خزينة الدولة خسائر مالية".

 

هذه العبارة تحمل تفسيرات وتحذيرات يجب على كل حكومة أخذها بعين الاعتبار أثناء تنفيذ المشاريع الكبرى، والتي يبدو أنها لم تكن كذلك لدى المسؤولين عن توقيع اتفاقية العطارات.



في قضية الديسي، كان فريق المياه برئاسة الناصر واضح الأهداف ويعلم ماذا يريد، ورفض منذ اليوم الأول الرضوخ لضغوط الشركة التركية، كانوا مدركين لمتانة عقد الديسي ولقدرة وزارة المياه آنذاك على توفير كل بينة موثقة بالتعاون مع الممولين العالميين، كما فتحت الوزارة باب التفاوض مع الشركة قبل الذهاب للتحكيم، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق، وهذا ساعد القضية لأن الوزارة/الحكومة اتبعت الإجراءات الصحيحة لحل الخلاف حسب العقد ولم تتعسف بحقوق المقاول المثبتة والموثقة.


قضية تحكيم الديسي نجحت في تفنيد وإبطال مطالبات إضافية أثبت التحكيم أنها غير محقة، بينما في العطارات، كانت القضية ببساطة تراجعا عن عقد تم توقيعه برضى وموافقة جميع الأطراف، لأن الجوانب الفنية والعقد كانت واضحة، ووافقت الحكومة على كل خطواته بقرارات من مجلس الوزراء ولجان العطاءات الفنية والمالية.

 

بصراحة، كان من المفترض أن يكون هناك رأي ومكاشفة قانونية ولجنة خبراء لتبيان الموقف بشكل سليم ورشيد، وليس قرارا سياسيا وإداريا.

 

واضح ان خسارة التحكيم في العطارات كان منطقيا ومعلوما للجميع بنسب كبيرة، والسبب الرئيسي يعود الى ضعف الاستشارة القانونية عند الذهاب للتحكيم بقضية معروفة للقانونيين انها خسرانة، والتسرع إداريا للخروج من المأزق المالي الذي وضعت الحكومة نفسها بالعطارات من خلال اللجوء لجهات خارجية مثل التحكيم لتخفيف وطأة الضغط الشعبي والمالي معا اللذين كانا قد أوقعا الخزينة فيه، بتسرع المسؤولين في توقيع اتفاقية العطارات بهذا الشكل الذي ندمت عليه الحكومات اللاحقة.





عدد المشاهدات : (19417)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :