انتخابات 2024: فرصة حقيقية للتغيير أم إعادة تدوير للوجوه القديمة؟


رم - الدكتور ليث عبدالله القهيوي
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في الأردن لعام 2024، تتزايد الآمال والتوقعات بشأن اختيار مرشحين قادرين على تمثيل هموم الشعب الأردني، خاصةً فئة الشباب التي تواجه تحديات كبيرة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية ويعتبر هذا الاستحقاق الانتخابي فرصة حقيقية للتغيير وتجديد الدماء في الحياة السياسية الأردنية، ولكنه أيضاً يحمل تحديات قديمة تتعلق بقدرة النظام السياسي على الاستجابة لمطالب الشعب , يبقى السؤال هنا: هل سيتمكن الناخبون من اختيار الشخص الأفضل الذي يعبر بصدق عن طموحاتهم وآمالهم، أم ستظل نفس الوجوه التقليدية تتكرر دون تحقيق تطلعات الشعب الذي ينتظر بفارغ الصبر تحولات حقيقية؟
في السنوات الأخيرة، شهدت الأردن تحولات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، والتي أثرت بشكل مباشر على الشباب، فالبطالة المتزايدة والتحديات الاقتصادية العديدة دفعت بالشباب إلى البحث عن أصوات تمثلهم وتدافع عن حقوقهم في البرلمان ومع ذلك، وعلى الرغم من تزايد الوعي بأهمية المشاركة السياسية والانتخابات كأداة للتغيير، إلا أن النتائج السابقة لم تعكس هذا التطلع بالشكل المأمول، حيث كانت الوجوه ذاتها تتكرر في كل دورة انتخابية، دون أي تطوير حقيقي في السياسات أو النهج المتبع، مما زاد من الإحباط والشعور بالخيبة لدى فئات واسعة من المجتمع، وخاصة الشباب.
في هذا السياق، بدأت تبرز ظاهرة لافتة للنظر وهي العزوف الملحوظ عن الترشح، خاصة بين الشباب الذين كانوا يأملون في تمثيل جيلهم في البرلمان ، هذا العزوف يعكس حالة من الإحباط وفقدان الثقة في العملية الانتخابية والنظام السياسي بشكل عام، حيث يشعر العديد من الشباب بأن جهودهم في الترشح قد لا تؤدي إلى التغيير المنشود في ظل وجود قوى سياسية تقليدية تهيمن على المشهد الانتخابي ، كما أن التحديات المالية والمعوقات البيروقراطية التي تواجه المرشحين المستقلين تجعل من الصعب على الكثيرين منهم خوض غمار هذه الانتخابات، مما يؤدي إلى تقليص التنوع في الاختيارات المتاحة أمام الناخبين ويزيد من احتمالية تكرار نفس الوجوه في البرلمان المقبل. هذه الظاهرة تشكل تحدياً كبيراً للنظام السياسي الأردني، حيث إن استمرارها قد يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الثقة بين الشعب ومؤسساته السياسية وخلقت حالة من الإحباط وعدم الثقة بين الشباب بشكل خاص والنظام السياسي ، مما يجعل الحاجة إلى إصلاحات جذرية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
الشباب الأردني، الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع، لم يعد بمقدورهم تحمل استمرار الوضع على ما هو عليه. فهم يتطلعون إلى وجوه جديدة وأفكار مبتكرة يمكنها أن تعالج مشاكلهم وتوفر لهم الفرص التي يحتاجونها لتحقيق طموحاتهم ، ما قد يدفعهم إلى البحث عن بدائل جديدة في هذه الانتخابات، وقد يشكل ذلك تحديًا كبيرًا للأحزاب السياسية التقليدية التي لم تقدم ما يليق بتطلعات هذه الفئة الحيوية.
ما يميز انتخابات 2024 هو الأمل الكبير لدى الشعب الأردني بأن تكون مختلفة عن سابقاتها ، فقد أصبح الناس أكثر وعيًا وحرصًا على اختيار وجوه جديدة تمثلهم بصدق وتعمل على تحقيق التغيير المنشود وليس من المقبول بعد الآن أن يظل البرلمان مقتصرًا على نفس الشخصيات التي تفتقر إلى رؤية واضحة أو قدرة على تقديم حلول ملموسة للمشاكل المزمنة التي يعاني منها المجتمع ، هذا التغيير قد يكون بداية لمسار جديد يمكن من خلاله تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واشراك الشباب بشكل حقيقي في المنظومة السياسية والاقتصادية، وتحقيق تطلعات الشباب الذين يشكلون عماد المستقبل في الأردن، ويرغبون في رؤية بلدهم يسير نحو الاستقرار والازدهار.
ان الشعب الأردني اليوم أمام مفترق طرق حاسم، إما أن يستمر في اختيار نفس الوجوه التي لم تقدم لهم سوى الوعود، أو أن يقوم بخطوة جريئة نحو تغيير حقيقي من خلال انتخاب مرشحين جدد يمتلكون رؤية واضحة وبرامج انتخابية تتناسب مع تطلعاتهم واحتياجاتهم ، إن الفشل في تحقيق هذا التغيير قد يعني استمرار الأزمات وزيادة الفجوة بين الشباب والنظام السياسي، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بشكل لا يمكن التنبؤ بعواقبه. لذلك، يعتبر هذا الاستحقاق الانتخابي ليس مجرد مناسبة عادية، بل فرصة حقيقية للتغيير يجب أن يتم استغلالها بحكمة ووعي من قبل الناخبين.
لهذا السبب، تعتبر هذه الانتخابات فرصة لا يجب التفريط بها . فالشعب الأردني، الذي لم يعد يحتمل المزيد من القرارات المفاجئة وغير المدروسة، يجب أن يستخدم صوته بقوة هذه المرة لاختيار من يمثله بأمانة ويدافع عن حقوقه في البرلمان. إن النجاح في تحقيق هذا الهدف قد يكون بمثابة بداية جديدة للأردن، يتم فيها الاستفادة من طاقات الشباب وإمكانياتهم لتطوير البلاد وتحقيق الاستقرار الذي طالما تمناه الشعب الأردني.
في النهاية، يبقى التحدي الأكبر هو قدرة الناخبين على التمييز بين من يسعى إلى السلطة من أجل مصلحته الشخصية، ومن يمتلك فعلاً القدرة على إحداث التغيير الإيجابي الذي يحتاجه الأردن في هذه المرحلة الحرجة. التغيير الحقيقي يبدأ من صندوق الاقتراع، وأمل الشعب الأردني يكمن في أن تكون انتخابات 2024 نقطة تحول نحو مستقبل أفضل وأكثر إشراقًا للجميع. هذا التغيير لن يحدث إلا إذا اجتمع الشعب على إرادة قوية واختار بعناية ممثليه في البرلمان، واضعًا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.



عدد المشاهدات : (8658)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :