رم - م. أنس معابرة
في هذا الوقت قاربت فيه الحرب العالمية على غزة عاماً كاملاً، ارتقى فيه أكثر من أربعين ألف شهيد، بالإضافة إلى مئات الألاف من الجرحى والمفقودين، وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة، واستهداف أماكن النازحين والمدارس والمستشفيات والمراكز الصحية.
في ذات الوقت الذي تُدق فيه طبول حرب عالمية في المنطقة المشتعلة، حرب يريد الكيان أن يشعلها من أجل اظهار صورته بصورة المنتصر، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه داخل قطاع محاصر منذ عدة عقود.
نحن نحاول أن ننصر المقاومة بأساليب مختلفة، البعض اختار أن يقدم المساعدات للمدنيين في القطاع المكلوم، والبعض الآخر ينتصر لهم بنشر تجاوزات العدو المنافية للإنسانية، وبعضنا ينتصر بقلمه، أو حتى برفع الدعاء إلى خالق السماوات والأرض، القادر على احقاق الحق وهزم الباطل.
المقاطعة كان لها دور كبير في نصرة الحق، حيث هوت أسهم الشركات التي تدعم الاحتلال بالمال والسلاح أو الغذاء، وخسرت تلك الشركات عشرات المليارات من الدولارات، وبتنا اليوم نسمع الإعلانات المتتالية لتلك الشركات عن تلك الخسارات التي لم يعد اخفاءها ممكناً.
وصحيح أن الكثير من المخذّلين قد راهنوا على جدوى المقاطعة، ولكنهم اليوم باتوا يرون الحقيقة واضحة غير قابلة للإخفاء عن جدوى المقاطعة.
ولكن ما لفت انتباهي هو أن ننتصر للمقاومة بنشر اغنية أو رقصة أصحاب الأرض، نعم؛ أنا أقدر الفن بجميع أشكاله، واحترم تلك الفئة المُرهفة من الناس التي تعبر عن مكنونات صدرها بالرسم أو النحت أو الموسيقى أو حتى الدبكة والرقص.
ولكن القضية لا تحتمل كل هذا العبث، ربما نرقص يوم فرحنا بالانتصار، ولكننا الآن نرقص وندق طبول الرقص فوق أكوام الجثث والشهداء والمباني المدمرة، والأطفال الذين سُحقت طفولتهم على أيدي الاحتلال.
هل شاهدت الطفل الذي يتقاسم فردة حذاءه مع شقيقة لاتقاء حر الاسفلت وهم يحملون الماء إلى أهلهم؟ وهل شاهدت ذلك الطفل الذي نزح من منزله وهو يجر متاعاً يزيد عن وزنه؟ كيف بإمكانك أن تقنع هؤلاء بأنك تنتصر لهم برقصة أو بطبل أو بأغنية؟
هل تعلم أن القطاع على وشك دخول موسوعة جينيس في عدد اليتامى والأرامل والثكالى؟ كيف لك بتعويضهم عن آبائهم، وامهاتهم، وابناءهم بالطبل، والرقص؟
أرجوك كن على قدر من المسؤولية، ولا تنشر الأغاني والرقصات على حسابك، حتى لو كانت تنتمي للقضية، لا تسعى وراء المشاهدات والاعجابات وإعادة النشر.
إذا أردت النشر؛ انشر ما يقوم به الاحتلال من مجازر، افضح الاحتلال امام العالم ليراه على حقيقته، انشر التأمر العالمي على تلك الفئة المظلومة في قرن الحضارة والتطور، أو حاول أن تطمئن تلك القلوب الخائفة، والأمهات الثكلى، واليتامى من قطاع غزة.