رم - أنوار رعد مبيضين
يعتبر حزب العمال الأردني واحدًا من الأحزاب السياسية الفتية التي تسعى لتقديم رؤية جديدة ومتجددة للحياة السياسية في الأردن ، بامتداده من حزب "الأردن أقوى" الذي تأسس في عام 2013، وصولاً إلى شكله الحالي بعد تعديل اسمه في عام 2022، و يعكس الحزب تطورًا في الطرح السياسي واستجابة للمتغيرات المحلية والإقليمية ، وهنا لا بد من إطلالة مختصرة عن
الجذور والنشأة لهذا الحزب المتميز والمتمكن من فهم ابجديات اللحظة السياسية الراهنة ، وفق المسار الأردني ، تحت ظل الراية الهاشمية ، وبالطبع تعود جذور حزب العمال الأردني إلى حزب "الأردن أقوى"، الذي أسسته النائبة السابقة د. رلى الحروب في عام 2013 ، وقد كانت الحروب شخصية بارزة في المشهد السياسي الأردني، حيث شاركت في الانتخابات النيابية وتبنت قضايا متعددة تتعلق بالإصلاح الاجتماعي والاقتصادي ، وبالتالي أسس الحزب الأصلي في فترة كانت الساحة السياسية الأردنية بحاجة إلى حراك جديد يتجاوز الأطر التقليدية، ويقدم رؤية جديدة لمستقبل الأردن ، أما بالنسبة للتحول إلى حزب العمال ، فجاء في 3 آب/صامت أغسطس 2022، حيث حصل الحزب على موافقة الهيئة المستقلة للانتخاب لتغيير اسمه إلى "حزب العمال" ، وهذا التحول في الاسم لم يكن مجرد إجراء شكلي، بل كان يعكس تحولًا أعمق في الرؤية والاستراتيجية السياسية للحزب ، حيث انتقل الحزب من كونه إطارًا عامًا للإصلاح الاجتماعي إلى حزب يسعى لتقديم طروحات تعتمد على الديمقراطية الاجتماعية واقتصاد السوق الاجتماعي، وهما مفهومان يتم تكييفهما ليناسبا الواقع الأردني وتحدياته ، وجدير بالذكر هنا معرفة الركائز الفكرية والسياسية للحزب ، حيث يرتكز حزب العمال الأردني على مبادئ الديمقراطية الاجتماعية، التي تسعى لتحقيق التوازن بين الحرية الفردية والمسؤولية الجماعية ، وفي الوقت ذاته يؤمن الحزب بضرورة أن تكون الدولة فاعلة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الفرص المتكافئة لجميع المواطنين، مع التركيز على أهمية الحريات السياسية والحقوق المدنية ، وعلى الصعيد الاقتصادي، يتبنى الحزب نموذج "اقتصاد السوق الاجتماعي"، الذي يسعى إلى المزج بين فعالية السوق الاقتصادية والتدخل الحكومي لضمان توزيع عادل للثروة وتقليل الفوارق الاجتماعية ، ونأتي هنا إلى
المؤتمر العام 2023 ،
في 6 أيار/مايو 2023، حيث عقد حزب العمال الأردني مؤتمره العام في جمعية شقبا للعمل الخيري على اتوستراد عمان/الزرقاء ، و جاء هذا المؤتمر في إطار استجابة الحزب لمتطلبات قانون الأحزاب السياسية الجديد لعام 2022، والذي يفرض على الأحزاب ضرورة توفيق أوضاعها وفقًا لمعايير محددة ، و كان هذا المؤتمر علامة فارقة في تاريخ الحزب، حيث تم من خلاله تثبيت القيادة الحالية وتحديد الخطوط العريضة لسياسات الحزب المستقبلية ، ودعونا نذكر هنا القيادة وأعضاء المكتب السياسي ، سيما وأنه يتميز بقيادة د. رلى الحروب، التي تعتبر من الشخصيات القوية والمؤثرة في الساحة السياسة الأردنية ، وتحت قيادتها، يعمل أعضاء المكتب السياسي للحزب على صياغة سياسات متوازنة تهدف إلى تحقيق أهداف الحزب وتطلعاته ، ويضم المكتب السياسي للحزب نخبة من الشخصيات المتميزة مثل د. قاسم القباعي، الأستاذ جهاد سبيتان، الأستاذة رانيا النمر، و الأستاذة ابتسام الرداد، والدكتور قاسم القباعي، والدكتور محمد الجراح الذي يتولى الآن قيادة الكتلة المرشحة للإنتخابات النيابية ، وغيرهم من الأعضاء الذين يمثلون مختلف الأطياف الفكرية والاجتماعية في الأردن ، أما عن الرؤية المستقبلية والتحديات ، فيرى حزب العمال الأردني في المستقبل فرصة لتوسيع قاعدة الدعم الشعبي من خلال تبني سياسات تتماشى مع حاجات المواطنين وتطلعاتهم ، كما يضع الحزب نصب عينيه تحديات عدة، منها الحاجة إلى إصلاح النظام الاقتصادي لتحقيق نمو شامل ومستدام، وضرورة تعزيز الديمقراطية من خلال إشراك المواطنين في صنع القرار السياسي ،و يسعى الحزب إلى تعزيز دوره في الساحة السياسية من خلال بناء تحالفات قوية مع الأحزاب الأخرى والقوى المدنية ، و
في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه الأردن، يبقى حزب العمال الأردني نموذجًا لحزب يسعى إلى تقديم حلول عملية وفعالة للتحديات المعاصرة ، برؤية تعتمد على قيم الديمقراطية الاجتماعية واقتصاد السوق الاجتماعي، ويحاول الحزب أن يكون جسرًا بين التقليدي والحديث، وبين المحلي والعالمي، ليقدم نموذجًا جديدًا للحياة السياسية في الأردن.