رم - حسين الرواشدة
هل يمكن وضع فلسطين (الضفة والقطاع) تحت الوصاية الدولية؟ استدعاء السؤال، في هذا التوقيت، يبدو مفهوما في سياق ما جرى بعد 7 أكتوبر العام الماضي، وما يمكن أن تفرضه الحرب من نتائج في ظل انكشاف الواقع الذي انتهت إليه القضية الفلسطينية؛ حل الدولتين سقط ولم يعد مطروحا، غزة تم تدميرها وإعدام أي قابليه للحياة فيها، الضفة الفلسطينية ربما تنتظر مصير غزة، الفلسطينيون تحت سيطرة الاحتلال وخطة الإبادة التي بدأ تنفيذها يفتقدون، أيضا، وحدة المشروع والمرجعية والسلطة، ويقفون وحدهم في مواجهة مصير مجهول.
فكرة الدعوة إلى «الوصاية الدولية» ليست من عندي، ولا أدري إذا كانت مقبولة من الطرف الفلسطيني( السلطة تحديدا )، أو فيما إذا كان أي طرف عربي يمكن أن يتبناها او يدعمها، لكن هذه الفكرة ( وهي قديمة بالمناسبة ) يجري تداولها، الآن، داخل الغرف المغلقة في أكثر من مكان، ولا بأس، بتقديري، من توجيه النقاش العام إليها، خاصة في بلدنا الذي يضع القضية الفلسطينية على قائمة أولوياته، وربما يعتبرها قضيته المركزية، مهما يكن فإن البحث عن أي طريق ينتهي إلى حماية الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، ويصب -أيضا - في المصالح العليا للدولة الأردنية يستحق التفكير، خاصة في ظل انغلاق الأفق السياسي، وتبدد وصفات الحلول، و تصاعد هواجس القادم في ظل التعامل مع حكومة نتنياهو? المتطرفة، وإمكانية فوز حليفه «ترامب»، وتنفيذ ما تبقى من «صفقة القرن».
لا أريد أن أخوض في «الجدل» السياسي حول موضوع الوصاية الدولية؛ أعرف تماما أن البعض يفهمها في سياق المؤامرة على المقاومة، وربما على الدولة الفلسطينية المنتظرة ونضالات الشعب الفلسطيني، وربما يعتقد آخرون أنها تشكل إعادة للقضية الفلسطينية إلى المربع الأول، أي نكبة 48، وقد يراها طرف ثالث انتصارًا لمشروع الاحتلال.. لكن السؤال : ما الحل؟ الإجابة عن هذا كله مرتبطة بموقف موحد للفلسطينيين، فهم- وحدهم- من يقدّر ذلك ويقرره أيضا، وأي طرف عربي (الأردن تحديدا ) هو داعم لهذا الموقف ورافعة له فقط، لأن عكس ذلك سينصرف إلى توجيه اتهامات بالتدخل، وربما الخيانة، ولا مصلحة لأي عاصمة عربية بطرح الموضوع، أو تبنيه، ما لم يكن قرارا فلسطينيا أولا وأخيرا.
يوجد في العالم، وفق خبراء قانونيين، نحو 11 إقليما خضع للوصاية الدولية، معظم هذه الإقليم انتهت إلى الاستقلال بأي شكل من الاشكال، وبموجب أحكام المادة 77 من ميثاق الأمم المتحدة فإن نظام الوصاية الدولية ينطبق على الدولة الفلسطينية لأنها ليست عضوا في هيئة الأمم المتحدة (معترف بها بصفة مراقب)، ووفقا لذلك يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتقدم بطلب للجمعية العامة للأمم المتحدة، وإذا تمت موافقة ثلثي الأعضاء عليه ( وهو أمر متوقع) فلا حاجة، عندئذ، للذهاب إلى مجلس الأمن والاصطدام بالفيتو الأمريكي، لأن اتفاقيات الوصاية من صلاحيات الجمعية العامة، طبقا لاحكام المادة 85 من ميثاق الأمم المتحدة.
تبقى أسئلة مهمة : هل من مصلحة القضية الفلسطينية أن تسير باتجاه الوصاية الدولية، ما جدوى ذلك، وماذا يعني سياسيا على المدى البعيد؟ ثم هل تتطابق هذه الفكرة مع دعوات تدويل الأوضاع في غزة وفق الوصفة التي تطرحها تل أبيب وواشنطن، أما أنها تختلف عن ذلك وتؤسس لوضع فلسطيني أفضل؟ لا يوجد لدي إجابات عن هذه الأسئلة وغيرها، أترك الموضوع للنقاش العام.