رم - حسين الرواشدة
غداً، موعد الانتخابات البرلمانية، من حق الأردنيين أن يذهبوا للصناديق لكي يختاروا من يمثلهم، وهم لا يحتاجون لمن يدلهم على الطريق، ولا لمن يذكرهم بالواجب الذي تمليه عليهم ضمائرهم، وعي الأردنيين كفيل بفرز مواقفهم، سواء بالمشاركة أو الجلوس كمتفرجين على الشرفات، عملية الانتخاب ستتم بمن حضر، والمجلس النيابي القادم سيحظى بشرعية التمثيل للجميع، هذه الشرعية وحدها هي النقطة المركزية التي يجب أن نفكر بها جميعا، ونتحمل مسؤولية المشاركة فيها، لأننا سندفع أثمانها السياسية؛ وعندئذ لا ينفع مَن يلوم مَن؟
أمام الأردنيين فرصة للخروج من حالة اليأس والقنوط واللامبالاة، أصواتهم الحرة النظيفة هي التي تقرر خريطة البرلمان، وهي التي تكافئ من يستحق أن يكون عضوا فاعلا فيه، أو تعاقب من لا يستحق ذلك، بأيديهم أقلام تصحيح اوراق الأحزاب وإقرار ما يناسبها من علامات، بعضها يستحق النجاح، وأخرى تستحق الرسوب، على مدى أكثر من عام جلسوا يستمعون لما طرحه المتسابقون إلى القبة من شعارات وبرامج ووعود، أكيد اكتشفوا الصورة وفهموا الدرس، وقد حان الوقت لكي يحاسبوا الجميع، ويصدروا أحكامهم عليهم.
أعرف، حدثت أخطاء عديدة خلال فترة الإعداد والاستعداد لانطلاق تجربة التحديث في مسارها السياسي، هذا مفهوم في سياق ولادة المشروع بعد انقطاع طويل، وإرث مزدحم بالخيبات، أعرف، أيضا، ماكينة الدولة تتحرك باتجاه ضمان مشاركة أوسع، ومناخات نزاهة تفضي إلى التوازن في المخرجات بما يعكس التمثيل الصحيح، لكن زمن الوصيات انتهى، ولا مجال للتدخلات.
أعرف، ثالثا، المجتمع ليس بأفضل حالاته، البعض يتمنع تحت الإحساس بالحرد أو الخوف من القادم، آخرون يستبسلون لفرض «غلبتهم» على المشهد من خلال خطابات توظف الدين، أو تستدعي الحرب على غزة، أحزاب، أيضا، انكشفت أوراقها، ومقاولون دفعوا أموالا سوداء لشراء عروض بعض العطاءات النيابية.
على الرغم من ذلك، لابد أن يكون الأردنيون واثقين بدولتهم وذاتهم الوطنية، وأن يدققوا بالمشهد من كل زواياه، أمامهم مشروع للتحديث السياسي هو مشروعهم، ودولة تسير وسط ألغام قابلة للانفجار، في أية لحظة، هي دولتهم، وليس لهم غيرها، وفي صميم ذاكرتهم وضمائرهم إيمان عميق بقدرتهم على الصمود والانتصار على كل من يتحدى وجودهم، هذه الحقائق كفيلة بتحريرهم من الحرد والعزلة، وإنعاش وطنيتهم للإدلاء بأصواتهم، وتقرير مصير برلمانهم، وتفويت الفرصة على الذين يحاولون ركوب الموجة لتمرير أجنداتهم من تحت «القبة» الأردنية.