رم - كلف جلالة الملك عبدالله الثاني، اليوم الأحد، دولة الدكتور جعفر حسان بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة، التي قبل جلالته استقالتها.
وفيما يلي نص كتاب التكليف السامي:
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزنا دولة الأخ الدكتور جعفر حسان، حفظه الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
بعد التوكل على الله، فإنني أعهد إليك بتشكيل حكومة جديدة بعد قبول استقالة حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة، تقود فيها وفريقك الوزاري المرحلة المقبلة إلى ما نصبو إليه جميعا من تقدم وازدهار لوطننا الغالي، وتكون بوصلة الحكومة مواصلة برامج التحديث الوطنية بعزم وكفاءة لتعزيز منعتنا وقدراتنا، فهي مشروع الدولة من أجل المستقبل.
لقد كانت مسيرة الأردن على الدوام حافلة بالإنجازات، وشهدنا محطات وظروفا صعبة فرضها الإقليم وأثرت علينا، ولكننا استفدنا من دروسها وعبرها، وأطلقنا مشروع التحديث الشامل بتوافق وطني، ونحن اليوم في بدايات هذا المشروع الذي يرسم مسيرتنا في مطلع المئوية الثانية لدولتنا الأردنية العزيزة.
إنني وإذ أعرب عن ثقتي واعتزازي بك، وعن تقديري لجهودك في كل مواقع المسؤولية العامة التي خدمت فيها بتميز وإخلاص خلال العقود الثلاثة الماضية، لأتطلع إلى أن تقوم بمهمتك بعزم وإرادة صلبة وتصميم معهود، وعمل وتنفيذ مؤسسي كفؤ، مبني على الرؤية الواضحة التي أرستها مسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري خلال الأعوام الماضية.
إن ذلك يتطلب فريقا وزاريا طموحا ومؤمنا برؤية التحديث، وعلى قدر من الكفاءة والمسؤولية الوطنية والجرأة والمثابرة في اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول التي تخدم المواطنين لتجاوز العقبات، فالحكومة تتحمل مسؤوليات عظيمة وثقيلة هي مساءلة عنها، ويجب أن تكون مهام الوزراء واضحة ومحددة بأهداف سنوية قابلة للقياس، تخضع للمتابعة والتقييم المستمرين وفق رؤية التحديث الشاملة، لا يعيقها تردد أو توجهها مصالح، سوى مصلحة الوطن، ولا ينقصها عزم أو جهد أو إرادة في تنفيذها، ويلمس المواطن آثارها الإيجابية.
أمامكم وفريقكم الوزاري كذلك مسؤوليات في تكثيف التواصل الميداني المباشر مع المواطنين والاشتباك مع قضاياهم وأولوياتهم، والاستماع إلى آرائهم ومشاركتهم التوجهات والرؤى، بحيث يتم التعامل مع التحديات والاحتياجات والتطلعات وإيجاد الحلول الممكنة والبناء على الفرص المتاحة.
دولة الأخ،
لقد قامت الحكومة السابقة مشكورة بتنفيذ مشاريع وبرامج أساسية ضمن رؤيتنا الشاملة للتحديث، والتي لا بد من البناء عليها والإسراع بإنجازها وضمان بقائها في مسارها السليم. وقبل أيام زاد الأردن منعة وقوة بإنجاز الخطوة الأولى في تنفيذ مسار التحديث السياسي وانتخاب أعضاء مجلس النواب العشرين.
فمشروع التحديث يضمن الحيوية السياسية في الانتقال إلى مئوية جديدة من عمر الدولة، وإن هذا التحديث بات اليوم واقعا بتعديلات دستورية وقانونية أفضت إلى مجلس نواب جديد يضم أحزابا ناشئة، وما هذا المجلس إلا خطوة أولى ضمن مسار التحديث السياسي، الذي لا بد أن تتضافر جهود الجميع من أجل المضي به قدما، وللحكومة دور مهم في إنضاجه وتعزيزه من خلال علاقتها مع البرلمان والأحزاب، على أسس مهنية تقوم على التعاون، تشريعا ورقابة وفق الأطر الدستورية.
وعلى الحكومة العمل مع مجلس النواب لتجذير أسس الديمقراطية ومفاهيمها بما يعزز مؤسساتنا الديمقراطية والدستورية والمشاركة السياسية، وهي بذلك معنية بمحاورة المجلس والتشاور مع لجانه وكتله وأحزابه في الشؤون والقرارات التي تمس حياة المواطنين، وفق نهج يغلّب المصلحة الوطنية على مصلحة أية جهة، ويضمن احترام كل سلطة لدور الأخرى.
ومن الأهمية بمكان تعزيز البيئة السياسية المناسبة لحماية الحقوق والحريات لينخرط الجميع بالمشروع السياسي للدولة الأردنية، وليُقبِل المواطنون بكل ثقة على الاندماج في الحياة العامة من دون تردد، فنجاح هذا المشروع يستوجب التكاتف والقناعة الراسخة بأنه مشروع الأردنيين جميعا نحو تأسيس الحياة الحزبية البرامجية، التي تضمن إيصال صوت المواطن وأولوياته واحتياجاته.
كما لا بد من العمل على الإعداد للانتخابات المحلية القادمة، وهذا يتطلب مراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بها لتمكين هياكل الإدارة المحلية من القيام بدورها التنموي والخدمي على أفضل وجه، وتطوير أدوات الرقابة والمساءلة، وبناء قدرات أعضاء وموظفي هياكل الإدارة المحلية، ومواكبة مشروع التحول الرقمي. ولا بد من تمكين المواطنين من المشاركة في تحديد الأولويات التنموية على المستوى المحلي ومواءمتها مع أولويات رؤية التحديث الاقتصادي تحقيقا للتناغم بينها، وبما يضمن التوزيع الأمثل والأكثر عدالة لمكتسبات التنمية.
دولة الأخ،
يمضي الأردن بوضوح في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، التي تخضع للمتابعة والتقييم المستمرين، من خلال الآلية التي تم إنشاؤها في الديوان الملكي الهاشمي وبمتابعتي شخصيا، وفق برامج تنفيذية واضحة ومعلنة بسقوف زمنية محددة، لإطلاق الإمكانات وتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة الاستثمار وزيادة فرص التشغيل لأبناء الوطن وبناته، ولضمان نوعية حياة أفضل لشعبنا. وعلى الحكومة أن تعمل بشفافية وتوضح آليات عملها بدقة ومسؤولية.
كما لا بد من الاستمرار بسياستنا المالية الحصيفة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وضبط المديونية في وجه التحديات الإقليمية والدولية، حماية لمنعتنا الاقتصادية ولتمكيننا من الإسراع في التنمية والنمو لتحقيق أهداف التحديث الاقتصادي.
ويجب أن تكون المشاريع الكبرى في مقدمة جهود الحكومة، خصوصا في المياه والنقل والطاقة والقطاعات الاقتصادية الواعدة.
وبما أن الرافد الحقيقي للاقتصاد الحيوي والمنيع هو الاستثمار، الذي لا بد أن يكون الأساس لتمويل مشاريعنا والبنى الاقتصادية بدلا من المساعدات، فعلى الحكومة تكثيف الجهود وتهيئة البيئة الحاضنة والممكّنة للاستثمار.
كما أن الاستثمارات الدولية والعربية مصدر أساسي لإطلاق النمو وتوفير فرص العمل، ولا بد من التعاون بشكل وثيق مع شركائنا وأشقائنا في إعداد المشاريع والفرص الاستثمارية وتنفيذها لكي يكون الأردن مركزا إقليميا ودوليا متقدما ومنافسا في المنطقة، ضمن منظومة التعاون الإقليمي وشبكات التجارة الدولية والبنية الاقتصادية.
وعليه، فإن ذلك يتطلب البدء بالتنفيذ الفعلي لخطة الترويج للفرص الاستثمارية، لتخاطب الفئات المختلفة من المستثمرين، والعمل على تحسين تجربتهم بتقليل العوائق الإجرائية عن طريق التحسين المستمر للتشريعات، وإيجاد حلول سريعة وفاعلة لاحتياجاتهم.
دولة الأخ،
لقد شكل الأردن نموذجا متقدما في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكان رياديا وسباقا في هذا المجال منذ مطلع هذا القرن، ونتطلع للبناء على ذلك لتصبح المملكة مركزا إقليميا لخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الأمر الذي يتطلب استقطاب شركات التكنولوجيا العالمية ودعم الرياديين والشركات المحلية، التي أثبتت حضورها على مستوى الإقليم.
وعلى الحكومة أن تولي اهتماما خاصا في توظيف تكنولوجيا المستقبل، من خلال التعاون والشراكة مع القطاع الخاص والجامعات وجميع الجهات المعنية محليا وعالميا وضمن أطر زمنية واضحة، لما في ذلك من أثر كبير في إعادة هندسة وتحسين الواقع الخدمي وللتخفيف على مواطنينا، وبما ينعكس أيضا على بيئة الأعمال والابتكار وتنافسية الأردن إقليميا وعالميا.
كما ويجب على الحكومة الالتزام بالجدول الزمني للتحول الرقمي في المؤسسات الحكومية، وتبني الأفكار الإبداعية والتكنولوجيا الحديثة، ومساندة جهود المركز الوطني للأمن السيبراني بإعداد البرنامج التنفيذي للاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2024-2028، لإرساء منظومة وطنية متطورة ومستدامة لإدارة العمليات السيبرانية تضمن الكشف المبكر والاستجابة الفاعلة للحوادث والتهديدات السيبرانية، التي قد تتعرض لها المملكة.
وعلى الحكومة إنشاء واستدامة أعمال مراكز الخدمات الحكومية، التي تعد تجربة متقدمة في توفير خدمات نوعية للمواطنين. فعند التعامل مع أية جهة حكومية، يجب أن يلمس المواطن والمستثمر والزائر تحسنا كبيرا في كفاءة وجودة الخدمة المقدمة.
أما قطاع الخدمات والأسواق المالية، فلا بد من مواصلة العمل على تطويره، ليكون ممكّنا للنمو الاقتصادي ومبنيا على أسس حصيفة، ويكون رافعا للقطاع الخاص والصناديق الاستثمارية.
ويجب أن تضع الحكومة التنمية الحضرية ضمن أولوياتها الرئيسية لتحسين سبل العيش للمواطنين في مدنهم والوصول إلى خيارات أفضل من الخدمات، مع الحرص على زيادة الرقعة الخضراء وانتشار الحدائق العامة.
ولا بد من مواصلة العمل والإعداد لمشروع المدينة الجديدة، لما له من دور محوري في تخفيف الضغط على مدينتي عمان والزرقاء بالشراكة مع القطاع الخاص، ولما يوفره من أبعاد اقتصادية واستثمارية واجتماعية مهمة.
ويتطلب الارتقاء بجودة الحياة، تحسين البنية التحتية للنقل، وتشجيع أنظمة النقل الحديثة الآمنة والفاعلة لتحسين خدمة النقل العام، والاستفادة من تجربة حافلات التردد السريع في عمان والزرقاء لتشمل مناطق أوسع، تسهيلا على المواطنين ولتمكينهم من تجاوز عقبات انخراطهم بسوق العمل.
ولأن التعدين يعد أحد القطاعات الواعدة في النمو الاقتصادي، فعلى الحكومة الاهتمام به، من خلال الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية في المملكة وتوجيه الاستثمارات إليها، لتسريع الاستخدام التجاري والصناعي لهذه الموارد والغاز الطبيعي، وكذلك التوسع في الطاقة المتجددة والخضراء، ومنها الهيدروجين الأخضر، والتي تشكل فرصة لتحقيق قفزات نوعية تسرع من التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.
ولا بد من تمكين القطاع الصناعي ليكون منافسا في الأسواق المحلية والأجنبية، وفتح أسواق جديدة أمامه، والاستفادة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية التي تربط الأردن مع دول العالم، ومن المهم استكشاف الأسواق الناشئة لتعزيز تصدير المنتجات والخدمات الأردنية.
تشكل الظروف الإقليمية المحيطة تحديا كبيرا أمام العديد من القطاعات وفي مقدمتها قطاع السياحة، أحد أهم موارد اقتصادنا الوطني، وهذا يتطلب من الحكومة تعزيز منعة هذا القطاع وإعداد خطط واضحة للتعامل مع التحديات، وتفعيل نظام صندوق تنمية وتطوير القطاع السياحي، كما من الضروري إبراز صورة الأردن كوجهة سياحية آمنة وعلى مدار العام رغم الاضطرابات الإقليمية.
ويجب أن يرافق ذلك، رفع جودة الخدمات المقدمة في المواقع كافة، وتحسين تجربة الزوار إلى المملكة ورفع سوية المرافق السياحية وتنويع المنتج السياحي.
دولة الأخ،
ولتعزيز أمننا المائي، فعلى الحكومة البدء بتنفيذ مشروع الناقل الوطني للمياه العام المقبل، فهو أحد أهم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويجب أن يترافق ذلك مع العمل على تقليل الفاقد من المياه، والحد من الاعتداءات على خطوط المياه ومحاسبة المعتدين على حقوق الأردنيين.
لقد قطع الأردن شوطا مهما في تعزيز الأمن الغذائي، ويجب استدامة هذه الجهود ضمن أطر مؤسسية، بما يعزز الاعتماد على الذات ومواجهة تقلبات الأسعار وما تشهده المنطقة والعالم من أزمات.
دولة الأخ،
إن التعليم هو المصدر الحقيقي لازدهار الدولة، ولا بد من مواصلة تحديثه وتطويره والعمل ليكون التعليم والتدريب المهني والتقني أولوية في المدارس والمراكز والجامعات، بهدف سد الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجات السوق.
ومن الضروري التركيز على أولويات تدريب وتأهيل المعلمين وتطوير المناهج والتوسع في استخدام التقنيات وأنظمة التدريس الذكية، وتوفير بيئة مدرسية آمنة ومحفزة إلى جانب التوسع في بناء المدارس ورياض الأطفال.
فلا بد أن تكون مؤسساتنا التعليمية المركز الأساس لتعزيز القيم الوطنية والمجتمعية والعمل التطوعي والمشاركة الفاعلة وحس المسؤولية واحترام سيادة القانون ضمن الدولة المدنية، وذلك لضمان الاستمرار ببناء مجتمع قوي متماسك يعزز من نهضة الدولة وتقدمها.
وفي قطاع الصحة، فلطالما أكدنا أهمية التأمين الصحي الشامل للمواطنين، وقد بُذلت جهود خلال الفترة الماضية للمضي قدما في إعداد برنامج التغطية الصحية الشاملة، وعلى الحكومة البناء على ما تم إنجازه لإطلاق المرحلة الأولى منه العام المقبل.
ولا بد من تعزيز التحول الرقمي في نظام الرعاية والمعلومات الصحية، من خلال الاستمرار في حوسبة المستشفيات والمراكز الطبية، إضافة إلى ضمان جودة ونوعية الخدمات الصحية والإدارة الحصيفة لمستشفياتنا والبنية الصحية التي توسعت خلال العقدين الماضيين.
دولة الأخ،
إن تحديث الإدارة العامة أساس مهم في إنجاح التحديث الاقتصادي، ومنطلق في تحديث الدولة في مئويتها الثانية، ولا بد أن نمضي في تطوير الإدارة العامة لتحسين الخدمات ومواكبة الحداثة والتطوير، وتعزيز ثقافة الإنجاز والتميز في المؤسسات الحكومية، فهذه المؤسسات وجدت لتحقيق النفع العام، وكل مسؤول وموظف واجبه خدمة المواطن بكفاءة وإتقان. وسيكون القطاع العام خاضعا للتقييم المستمر، فمن دون إدارة عامة كفؤة لا يمكن السير في تنفيذ مسارات التحديث الأخرى.
كما لا بد من تكريس نهج المساءلة للمقصرين في واجباتهم تجاه المواطن، لأن مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول لا وضع العراقيل.
وبما أن التشاركية أساس ممكّن لتطوير السياسات والقوانين، فإن تعزيز قدرة ودور دائرة الإحصاءات العامة لتكون مركزا للبيانات والمعلومات الوطنية الشاملة، متطلب لدعم اتخاذ قرارات حكومية أكثر فعالية وتحقيق الأهداف المرجوة بكل شفافية.
دولة الأخ،
لقد أثبتت المرأة الأردنية حضورها ودورها القوي في مختلف القطاعات، ما يتطلب مواصلة دعمها وتمكينها لتعزيز انخراطها في سوق العمل، وذلك بإزالة العقبات التي تحول دون مشاركتها الفاعلة، ما يكفل رفع مستوى مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
كما أن توسيع نطاق الحماية والرعاية الاجتماعية يجب أن يكون ضمن أولويات الحكومة لحماية فئات المجتمع الأشد حاجة للرعاية، وأن يرافق ذلك جهود للتمكين الاقتصادي وتوفير الفرص لها، ويجب النظر في زيادة كفاءة المساعدات الاجتماعية وتجنب الازدواجية وتطوير آلية للاستجابة للأزمات، وذلك يتطلب تحديث الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية والبدء بتنفيذها، بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامجها التنفيذي.
وعلى الحكومة أن تنهض بمسؤولياتها تجاه شباب الوطن وشاباته، وأن تسخّر طاقاتهم في البناء والتطوير، وأن تعمل على تعزيز دور المراكز الشبابية والريادية.
لقد رفع النشامى علم الأردن عاليا في مختلف المحافل الدولية وكانوا مصدر فخر بما حققوه من إنجازات رياضية كبيرة، ما يستدعي من الحكومة رعايتهم وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لدعمهم والتوسع في توفير المنشآت الرياضية لخدمتهم بصورة مستدامة.
ولمواجهة الأخطار التي يتعرض لها شبابنا بسبب آفة المخدرات، فلا بد من تكثيف الجهود لمواصلة التوعية والتثقيف وتوفير الحواضن لرعاية الشباب على مستوى المؤسسات التعليمية والشبابية والثقافية، كما يجب ملاحقة المهربين والمروجين وإنفاذ القانون عليهم بشدة وحزم.
أما قطاع الثقافة، فهو يحتاج إلى تطوير مؤسساته لرعاية المواهب الفكرية والأدبية وتحفيزها، ودعم الفن والإبداع والتميز، وإبراز التنوع والانفتاح الثقافي في الأردن وتكثيف إقامة الفعاليات والمهرجانات الفنية والثقافية.
وفي قطاع الإعلام، فإن الثورة التكنولوجية بالعالم تستوجب مواكبتها والعمل على تشجيع وسائل الإعلام على تطوير أدواتها للتحول الرقمي.
دولة الأخ،
انطلاقا من إيماننا المطلق بأن تحقيق النتائج المرجوة من مسارات التحديث يستدعي تعزيز قدرات الجهاز القضائي وترسيخ مبدأ العدالة وسيادة القانون، فإنني أوجه الحكومة بتقديم جميع أشكال الدعم للجهاز القضائي للاستمرار في بناء قدرات القضاة والكوادر المساندة لهم، بالإضافة إلى مواصلة تطوير المنظومة الإلكترونية لتسهيل وتسريع إجراءات التقاضي، وبما يضمن تمكين الجهاز القضائي من الاضطلاع بدوره في إرساء مبادئ العدالة والنزاهة وحماية الحقوق.
أما قواتنا المسلحة الباسلة-الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية العتيدة، والتي لها منا كل الرعاية والاهتمام، فهي الحامي بعد الله لهذا الوطن العزيز، الحافظة لإنجازاته وتقدمه، وأوجه الحكومة بدعمها بما يلزم لضمان جاهزيتها وتطورها، لتبقى كما هو عهدها، الحصن المنيع وسياج الوطن ودرعه.
دولة الأخ،
إن عمقنا العربي خيار استراتيجي يكمن في توطيد علاقاتنا مع الأشقاء، والأردن دوما مع التضامن والعمل العربي المشترك، وهذا جزء أصيل من رسالتنا، وقد كنا وما زلنا الأقرب للأشقاء الفلسطينيين، ولن نتوانى عن دعمهم ومساندتهم والوقوف إلى جانبهم، في ظل ظروف الحرب القاسية التي تشن عليهم في قطاع غزة والضفة الغربية.
وإنني أوجه الحكومة، دولة الأخ، أن تسخّر كل الجهود في سبيل دعم صمود الأشقاء الفلسطينيين على أرضهم والدفاع عن حقوقهم، فيقف الأردن بثبات ضد الحرب على غزة والاعتداءات في الضفة الغربية والقدس الشريف، ونعمل بكل طاقتنا من خلال تحركات عربية ودولية لحماية الشعب الفلسطيني، ووقف الاعتداءات والانتهاكات الصارخة للمبادئ الإنسانية والقانون الدولي. وسنبقى دوما، السند الأمين لأشقائنا في فلسطين.
ولن نتوانى عن تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لأشقائنا في فلسطين حتى يحصلوا على كامل حقوقهم المشروعة ويرفع الظلم التاريخي عنهم سياسيا وإنسانيا، وصولا لقيام دولتهم الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وسنواصل دورنا التاريخي في حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس من منطلق الوصاية الهاشمية عليها، فهي شرف وأمانة نعتز بحملها.
دولة الأخ،
إنني إذ أكلفك بتشكيل الحكومة وأنتظر تنسيبك بأسماء زملائك الوزراء، لأتطلع أن تكون عند حسن ظننا بك، وأن تختار من هو أهل لهذه المسؤولية الوطنية وفق معايير الكفاءة والتميز من أبناء الوطن وبناته.
وفقنا الله في خدمة وطننا العزيز وتلبية طموحات شعبنا الأبي، وخدمة قضايا أمتنا. فهدفنا الأول والأخير أن يبقى الأردن شامخا قويا عزيزا آمنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم
عبدالله الثاني ابن الحسين
عمان في 11 ربيع الأول 1446 هجرية
الموافق 15 أيلول 2024 ميلادية.