الدباس يكتب : استقالات معكوسة …. في أحزاب اليسار الجديد ؟.


رم - الدكتور محمود عواد الدباس.

منذ الأيام الأولى لظهور نتائج انتخابات البرلمان الحالي وخاصة نتائج الدائرة الانتخابية العامة بدأت تظهر تبعات الزلزال الانتخابي وهي أوضح ما تكون إلى الآن هي في الاستقالات الحزبية التي ضربت اليسار الجديد وهما حزبا (الديمقراطي الاجتماعي) و( المدني الديمقراطي) في المقابل لم يضرب هذا الزلزال اليسار القديم من البعث و حشد والشيوعي على الرغم من أنه كرر ذات النتيجة في الانتخابات النيابية على مستوى الدائرة الانتخابية العامة.

البداية كانت من (سمر دودين) التي سارعت إلى الاستقالة من موقعها كأمين عام الحزب( الديمقراطي الاجتماعي ) تبعه بعد اسبوع استقالة المكتب السياسي للحزب ضمن المسؤولية الأدبية التي يقوم بها القادة الحزبيون في مثل هكذا ظروف سياسية قاسية كخطوة استباقية على استقالة عدد من أعضاء الحزب . لكن في اتجاه معاكس قدم عدد من أعضاء الحزب ( المدني الديمقراطي ) استقالتهم من الحزب احتجاجا على قيادة الحزب التي لم تنجح في تخطي العتبة الانتخابية وبالتالي فوز القائمة الانتخابية ( التحالف الديمقراطي ) التي ضمت تحالف ( المدني الديمقراطي) مع (الديمقراطي الاجتماعي) مع الإشارة هنا إلى أن الأسباب التي تم الإعلان من قبل الاعضاء المستقلين من( المدني الديمقراطي ) كانت واضحة جدا واحدها يعكس عدم نضوج الفكرة الحزبية في أذهان البعض من حيث انها مصعد انتخابي إذا تطلبت الحاجة ؟. في النتيجة في (الديمقراطي الاجتماعي) استقالة القيادة لكن في المدني الديمقراطي استقال الأعضاء !.

على الصعيد الشخصي وفيما يتعلق (بالحزب الديمقراطي الاجتماعي) فقد تعاملت مع السيدة (سمر دودين) وهي سيدة مثقفة ومثابرة ومؤمنة إيمان عميق بأفكار (الديمقراطي الاجتماعي) . تعاملي معها جاء عندما طلبت مني أن أقيم التجربة الطلابية لأعضاء الحزب في انتخابات اتحاد الطلبة التي تمت قبل عدة شهور . في هذه الجلسة التي حضرت بها كخبير في مقر الحزب و لعدة ساعات وكانت بحضور العديد من القيادات الطلابية قدمت عدة نصائح سياسية تخدم مسيرة الحزب طلابيا وفي الانتخابات النيابية وأبرزها تجنب الإعلان عن بعض الشعارات التي تصطدم مع الاتجاه الشعبي مع التنبيه إلى خطورة الخضوع لهيمنة وشعارات (المدني الديمقراطي ) في التحالفات بين الحزبين في انتخابات اتحاد الطلبة فهي شعارات تصب في خدمة اليمين الديني و الوطني بعمقه العشائري والجهوي ذلك أن( المدني الديمقراطي) أكثر يسارية من( الديمقراطي الاجتماعي) فيما يتعلق بعلاقة الدين مع الدولة .في ذات السياق وهو الحديث عن القيادات الحزبية للحزبين الاثنين أتحدث هنا عن رمزية الحزب (المدني الديمقراطي ) . وهو( قيس زيادين ).فثمة لقاءات عامة جمعتنا معا .حقيقة أن ( قيس ) مثقف و متحدث و متابع ويقرأ كثيرا اقلها ما أرسل إليه من مقالات تخصني . وفي إنصاف (قيس) أقول إن أكثر جملة اعجبتني بطروحاته في إحدى اللقاءات العامة قوله (إن حزبه ليس لجميع الأردنيين إنما هو للذين يؤمنون بأفكار الحزب) . أيضا أشير إلى أن( قيس) تعامل بلباقة مع استقالات الأعداد الكبيرة من( المدني الديمقراطي) احتجاجا على نتائج انتخابات الدائرة الانتخابية العامة. مع قناعتي أن قيادة (المدني الديمقراطي) كان يجب أن تبادر إلى الاستقالة لتجنب استقالة أعضاء الحزب ؟.



بكل تأكيد أنني لست يساريا ولا ليبراليا .لكن بحكم طبيعة عملي الدائم منذ عقود في مجالي التوعية السياسية و التدريب السياسي فقد كان لذلك أن جعل مني شخصا يقبل التنوع السياسي مع الحفاظ على لوني فأنا أقرب إلى الوسط و يمنه أكثر من قربي من اليسار .وفي احيانا معينة أجد نفسي اتحرك ما يمين الوسط إلى يسار الوسط. لعلي ذكرت بتلك المعلومات من أجل التأكيد مرة أخرى إلى انني لست يساريا وليراليا . لكني كنت مؤيدا أن يكون هنالك تمثيل لليسار عبر القائمة العامة . استنادا إلى قناعة لدى مفادها أهمية تمثيل كافة التيارات داخل البرلمان لغايات ضبط إيقاع المجتمع السياسي كاملا ؟.

في البعد التاريخي القريب ومنذ عقود فقد توالت هزائم اليسار بشكل متواصل وتدريجي منذ العام ١٩٩١ م ذلك أن المجتمع الأردني يذهب تدريجيا باتجاه ثنائية سياسية هي اليمين الديني في مقابل اليمين الوطني على الرغم من أن واقع الحريات احيانا و كذلك الواقع الاقتصادي المتأزم يستدعي أفكار ومواقف يسارية بكل تأكيد. في ذات السياق فإن وجود يسار جديد يقدم افكار جديدة تراعي التحولات التاريخية هي تجربة لم تنجح حزبيا على مستوى الدائرة الانتخابية العامة . مع كل ذلك فهنالك من يؤمن بأفكار يسارية ومن الأهمية وجود حزب سياسي أو أكثر يضم هؤلاء . كما اعيد التأكيد على أن ( الديمقراطي الاجتماعي) أقل يسارية من( المدني الديمقراطي ) في علاقة الدين بالدولة وبالتالي فإن هناك صعوبة في استمرار التحالف بينهما إلا إذا قرر( الديمقراطي الاجتماعي) أن يكون أكثر ندية مع( المدني الديمقراطي) في اختيار الشعارات التي يتم اعتمادها . طبعا اقصد الهتافات التي تظهر احيانا حتى و إن لم تكن مكتوبة في البرنامج الانتخابي المشترك ؟.

أخيرا وفيما يتعلق بالتمثيل السياسي للحزبين في مجلس الامة.نذكر أنه نجح عضو من الحزب ( المدني الديمقراطي) و هو ( المهندس جمال قموه ) ضمن إحدى الدوائر الانتخابية المحلية .وهو نجاح لشخصه ومكانته الاجتماعية أكثر من أنه نتيجة لأفكار حزبه الذي ينتسب إليه . لكن كي يكتمل المشهد السياسي فربما تكون هنالك حاجة إلى وجود عين أو أكثر من( الديمقراطي الاجتماعي) و( المدني الديمقراطي ) في عضوية مجلس الأعيان . فإن تم ذلك فهو من أجل الحفاظ على بقاء اليسار الجديد ضمن الحدود الدنيا التي تحول دون انهياره.



عدد المشاهدات : (10372)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :