رم - د. عزت جرادات
*ما يزال بالون الإختبار الإسرائيلي- الوطن البديل- يعيش في العقل الإسرائيلي الذي يختزن الكمّ الهائل من الأوهام، ولا يدرك ذلك العقل مفهوم الوطن والانتماء إليه، فهم ينتمون إلى جواز السفر الثاني الذي يحملونه من حيث جاءوا مع حقيبة السفر أو تذكرة العودة فالقضية الفلسطينية بالنسبة لهم تتلخص في إقامة دولة فلسطينية على أي بقعة من الأرض خارج وطنهم الفلسطيني لتنتهي معاناتهم؛ وأقرب أرض إليهم هي الأرض الأردنية. وهذا يمثّل الوهم الإسرائيلي الذي يُطرح من حين لآخر، ويستخدم (فزّاعة وهمية) كلما وجدت إسرائيل نفسها في مأزرقٍ أو أزمة.
* لم يدرك قادة إسرائيل، يمينياً متطرفاً كانوا أم غير ذلك، أن الأردن بلدُ راسخ في التاريخ وأن الدولة الأردنية المعاصرة وُجدت قبل أن تصنع إسرائيل كحلِّ أوروبي للتخلص من المسألة اليهودية وإن الأردن، قيادة وشعباً، كان أول من أدرك الخطر اليهودي الذي يهدد فلسطين، فأعلن في مؤتمراته الشعبية الوطنية رفْضَ الهجرة اليهودية إلى فلسطين؛ وحمل المتطوعون السلاح لمقاومة المستعمرات التي كانت تؤويهم، وكان الجيش العربي الأردني هو الوحيد الذي حال دون سيطرة الغزاة على كامل فلسطين في الحرب الإسرائيلية- العربية (1948) فاحتفظ بالضفة الغربية، وأنقذ القدس الشريف من التدويل. ولم يدرك قادة إسرائيل الواهمون أن الأردن، قيادة وشعباً وجيشاً، ما يزال هو نفسه، عقيدة ونظاماً وشعباً.
*وعندها يخاطب الملك عبدالله الثاني العالم ومن أعلى منبر عالمي، الأمم المتحدة، ويعلن أن الوطن البديل لن ولن يكون، فأنه يدرك، وبثقة قوية، أنْ يبقى الأردن، وطناً أردنياً راسخاً، نظاماً وشعباً، مذكراً بمقولة الراحل العظيم، الحسين، في خطابه في الأمم المتحدة بعد حرب (1967): إن الأردن سيبقى (Jordan Will Exist).
*ولم يدرك قادة إسرائيل، عندما يرفعون هذا الوهم، الأردن الوطن البديل، أنهم أمام شعب قد عقد العزم أن لا تتكرر نكبة (48)، وأن لا يتكرر اللجوء أو التهجير، فهذا الشعب العربي الفلسطيني، هو شعب فلسطين المتجذر فيها، والزارع أرضها
(أعداؤنا، منذ أن كانوا، صيارفةٌ
ونحن مذ هبطنا الأرض زرّاعُ)
ولن يرحل عنها حتى لو حولها الأعداء حطاماً، وهذه غزة نموذج وكذلك الضفة الغربية ولم يدرك هؤلاء القادة الواهمون، أن شعباً يكافح على مدى قرنٍ من الزمان، لن يرضى أن ينتهي بلا وطنٍ ودولة وهُوية فلسطينية مستقلة على أرض فلسطين، ولن يرضخوا لدولة عدوانية محتلة ما كانت لتعيش لولا الجسور البرية والبحرية والجوية.
*ليصمتْ هؤلاء القادة المتغطرسون، فَلَسْنا بسائبة.