سيناريوهات الاقتصاد العالمي عقب الانتخابات الأميركية


رم - توقعات السياسات الاقتصادية الديمقراطية: تعاون دولي ودعم للطاقة النظيفة
التوجه الجمهوري نحو تعزيز الصناعات الأميركية وخفض الاعتماد على التجارة الخارجية
سياسات ترامب نحو تقييد العمالة الوافدة ودعم الصناعات التقليدية
دعم الصناعات البيئية في سياسات هاريس ومطالبات بزيادة الحد الأدنى للأجور

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وهي لحظة حاسمة في السياسة العالمية، إذ يتنافس الحزبان الديمقراطي والجمهوري على قيادة أكبر اقتصاد في العالم، فنتائج هذه الانتخابات ستؤثر بشكل مباشر على السياسات الاقتصادية الأميركية والعالمية.
وفي حال فوز الديمقراطيين، فمن المتوقع أن تتبنى الولايات المتحدة سياسات اقتصادية أكثر انفتاحا على التعاون الدولي، ما قد يعزز التجارة العالمية ويساهم في الاستقرار الاقتصادي العالمي، والسياسات المتعلقة بالطاقة النظيفة، ومكافحة تغير المناخ، وزيادة الضرائب على الأثرياء لدعم الفئات المتوسطة التي قد تؤدي إلى إعادة تشكيل العلاقات التجارية مع أوروبا وآسيا، ودفع عجلة الابتكار في قطاع الطاقة المتجددة.
أما إذا فاز الجمهوريون، فإن النهج الاقتصادي قد يتجه نحو سياسات أكثر قومية، مع التركيز على تعزيز الصناعات الأميركية، وتقليل الاعتماد على التجارة الخارجية، والانسحاب من بعض الاتفاقيات التجارية، وهذه السياسات قد تؤدي إلى توترات تجارية مع دول مثل الصين والاتحاد الأوروبي، ما سينعكس على سلاسل الإمداد العالمية واستقرار الأسواق المالية.



الوزني: ترامب يدعم الاقتصاد الحر وهاريس تؤيد دورا أكبر للدولة في تنظيم السوق
يرى أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية أ. د. خالد الوزني أنه يمكن تلخيص التوجهات الاقتصادية للحزبين وللمرشحين في إطار الانتخابات الأميركية بالنقاط التالية:

أولا: على صعيد التجارة الخارجية:

من المعروف أن ترامب أكثر تحفظا في السماح بالحرية الكاملة للتجارة؛ بهدف حماية الصناعة المحلية الأميركية، وإن كان لن يلجأ إلى معدلات تعرفة جمركية عالية، التزاما بقواعد منظمة التجارة العالمية، إلا أنه سيرفع بعض شرائح التعرفة على منتجات متعددة، خصوصا القادمة من الصين، وقد يلجأ أيضا إلى حماية غير تعرفية، أي حماية عبر تشديد المواصفات، ووضع شروط تتعلق بالبيئة، وحقوق الإنسان، وغيرها من القواعد غير الجمركية المباشرة.

في المقابل لن تعتمد هاريس هذه السياسة وستبقي على سياسة الانفتاح الكامل على العالم الخارجي، وعلى حرية التجارة.

ثانيا: في مجال السياسية المالية:

يؤمن ترامب بأن مزيدا من تخفيض الضرائب يعني مزيدا من تحريك العجلة الاقتصادية للبلاد، وفي حال نجاحه في الانتخابات فقد يخفض الضرائب على الجميع، أفرادا ومؤسسات، وقد يخفض الضريبة على الشركات ليصبح سقفها 21 %، مقابل 35 % حاليا، أي أنه مع سياسة مالية أقل تشددا في جمع الضرائب ونسبها على الموظفين والشركات. أما على صعيد الإنفاق الحكومي فإن ترامب يؤمن بزيادة الإنفاق على الصناعات العسكرية، وعلى مشروعات البنية التحتية، إلا أنه لا يؤمن بمزيد من التحويلات والمدفوعات المباشرة للأفراد (الدعم)، خصوصا في مجالات الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي، فهو مع تخفيض النفقات المباشرة، عبر قناة الدعم و “الكوبونات” النقدية، ومع زيادة الانفاق الرأسمالي عبر النفقات الدفاعية ونفقات البنية التحتية، من طرق واتصالات وغيرها.

أما هاريس فتؤمن بضرورة تخفيف الضرائب على الأفراد ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، وترى زيادة الضرائب على الشركات والطبقات الغنية ومرتفعة الدخل. أما في مجال النفقات الحكومية، فتعد هاريس أكثر إيمانا بمزيد من الدعم للحماية الاجتماعية، خصوصا في مجال التعليم والصحة، وهي أقل اهتماما بنفقات الدفاع.

ثالثا: في مجال سوق العمل:

تعد سياسات ترامب أكثر انفتاحا على سوق العمل الوطني، وأكثر تشددا في حرية انتقال العمالة، خصوصا العمالة الوافدة من الخارج بشكل غير شرعي، ولا يؤمن ترامب كثيرا بسياسات الحد الأدنى للأجور على المستوى الفيدرالي، ويرى أن تترك الأمور لكل ولاية على حدة، وهو أكثر تشجيعا للصناعات التقليدية وأكثر دعما لتوجهاتها، وتنشيطها، بما فيها الصناعات المرتبطة بالمشتقات النفطية والوقود الأحفوري، كما أنه أكثر دعما لتوجهاتها في مجال استيعاب العمالة.

وترى هاريس أن هناك حاجة إلى رفع الحد الأدنى للأجور على المستوى الفيدرالي، لتصل إلى 15 دولارا للساعة، كما أنها تدعم الصناعات الأكثر إيجابية في التعامل مع البيئة، خصوصا في مجالات الطاقة المتجددة، وبالتالي ترى دعم العمالة في هذه الصناعات غير التقليدية، والصناعات الحديثة والمتطورة.

المحصلة:

من الواضح أن ترامب أكثر انفتاحا بالمفهوم الاقتصادي لحرية عمل السوق، فهو أكثر تحررا من القيود، وأكثر إيمانا بعدم تدخل الدولة في الاقتصاد، وبالتالي فهو أكثر انحيازا لحرية الاقتصاد، وحرية عمل القطاع الخاص، وفتح المجال أمامه للتحرك من دون قيود حكومية كثيرة، وهو أكثر إيمانا بأن تحريك عجلة الاقتصاد يأتي عبر سياسة مالية أكثر إنفاقا في مجالات الدفاع والمشروعات الكبرى، مع عدم التوسع في سياسات الدعم الاجتماعي والتحويلات النقدية المباشرة للأفراد، بيد أنه أكثر تشددا في قواعد التجارة العالمية، ما يعني أنه سيضع العديد من القيود الجمركية وغير الجمركية على حرية التجارة، خصوصا مع الصين. وهو أكثر دعما للصناعات العسكرية، والصناعات التقليدية، بما فيها الغاز والوقود الأحفوري، وأقل التزاما بالصناعات الخفيفة والحديثة ذات البعد البيئي.

أما هاريس فهي أكثر إيمانا بالدور المحوري للدولة في الاقتصاد، خصوصا في وضع القواعد وتنظيم السوق، وفرض ضرائب أكثر على الطبقات الغنية والشركات، وتخفيف العبء الضريبي على الأفراد وعلى الطبقات المتوسطة والفقيرة، وهي أكثر انفتاحا في مجال الدعم النقدي، خصوصا في مجالات التعليم والصحة، وأكثر دعما للصناعات الخفيفة والصناعات الحديثة الموفرة للطاقة والداعمة للبيئة.

تلخيصا، سياسات ترامب الاقتصادية تتميز بتخفيض الضرائب وتقليل التدخل في السوق أو تنظيمها، مع تبني سياسات تجارية حمائية، ودعم صناعات الطاقة التقليدية، وبالتالي فهو من مدرسة الحرية الكاملة للسوق القائمة على فكر آدم سميث “دعه يعمل دعه يمر”. أما نهج كامالا هاريس فهو يميل نحو الضرائب التصاعدية، وزيادة الإنفاق الحكومي الرأسمالي، خصوصا في البرامج الاجتماعية والتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتطبيق لوائح أقوى لحماية العمال والمستهلكين والبيئة.



عايش: ترامب قد يضغط على الاحتياطي الفيدرالي.. بينما هاريس تحترم استقلاليته
الخبير الاقتصادي حسام عايش يحلل الموقف الاقتصادي العالمي عقب انتخابات الرئاسة الأميركية بعدد من النقاط:

التوجهات الاقتصادية الداخلية:

في حال فوز ترامب: سيواصل نهجه التقليدي المتمثل في تخفيض الضرائب على الشركات والأثرياء مع فرض سياسات “أميركا أولا”، التي قد تزيد من الحواجز التجارية وتقلل الانخراط الدولي، ومن المرجح أن يركز على إنعاش الصناعات التقليدية مثل الفحم والوقود الأحفوري.

وفي حال فوز كامالا هاريس: ستعتمد سياسات تعزز دعم الطبقة الوسطى والفئات الأقل دخلا، مع إمكان زيادة الضرائب على الأثرياء لتمويل الإنفاق على البرامج الاجتماعية. كذلك، سيظل التركيز على دعم الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة.

السياسات الضريبية:

ترامب: سيستمر في تخفيض الضرائب، خصوصا للشركات والأفراد ذوي الدخل العالي.

هاريس: قد تعزز السياسات الضريبية التصاعدية التي تزيد الضرائب على الأغنياء لتمويل برامج التعليم والصحة.

التحالفات الاقتصادية:

ترامب: سيتبع نهجا قوميا، منسحبا من التحالفات الاقتصادية واتفاقيات التجارة، مثلما فعل في فترة رئاسته الأولى.

هاريس: على الأرجح ستعزز التحالفات الدولية والتعاون الاقتصادي، عبر دعم اتفاقيات التجارة الدولية وتقوية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

الطاقة والمناخ:

ترامب: سيعيد توجيه الاستثمارات نحو الوقود الأحفوري، وسيتجنب الالتزامات المناخية الدولية مثل اتفاقية باريس.

هاريس: ستدفع نحو سياسات الطاقة النظيفة وستواصل الجهود للالتزام باتفاقية باريس والحياد الكربوني.

العلاقات التجارية مع الصين:

ترامب: سيستمر في سياسة المواجهة مع الصين، بما في ذلك فرض رسوم جمركية جديدة، وقيود على التكنولوجيا.

هاريس: قد تتبنى موقفا أكثر توازنا، مع محاولة تهدئة الحرب التجارية، وتحقيق تعاون اقتصادي عالمي أكبر.

السياسة الخارجية والمساعدات:

ترامب: سيقلل المساعدات الخارجية، ويركز على المصالح الأميركية الضيقة، مع احتمالية تقليص المساعدات المتعلقة بحقوق الإنسان أو المناخ.

هاريس: من المرجح أن تزيد المساعدات الدولية، خصوصا المتعلقة بالتنمية وحقوق الإنسان، بما في ذلك دعم قضايا مثل حقوق المثليين والمناخ.

الاحتياطي الفيدرالي:

ترامب: قد يضغط على الاحتياطي الفيدرالي لتبني سياسات نقدية توسعية لتحفيز الاقتصاد، مثل خفض أسعار الفائدة.

هاريس: من المرجح أن تحترم استقلالية الاحتياطي الفيدرالي وتتركه يتخذ قراراته بناء على المعطيات الاقتصادية.

التأثير على سلاسل الإمداد العالمية:

ترامب: سيشدد على إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، وتقليص الاعتماد على سلاسل الإمداد الدولية، ما قد يؤثر على الشركات العالمية.

هاريس: ستدعم سلاسل الإمداد العالمية عبر تقوية التعاون الدولي وتسهيل التجارة.

القضايا الجيوسياسية:

ستعتمد توجهات المرشحين نحو ملفات جيوسياسية ساخنة مثل غزة، لبنان، إيران، البحر الأحمر، وأوكرانيا، على سياساتهم الخارجية، إذ إن مواقفهم ستنعكس على التوترات العالمية وتأثيرها الاقتصادي.

كل هذه المحاور تعد نقاطا مركزية لتحليل السيناريوهات الاقتصادية في حال فوز أي من المرشحين، مع تأثير واضح على النمو الاقتصادي، السياسات التجارية، التحالفات الدولية، وقضايا المناخ والطاقة.

الدولار الأميركي واحتمالات الانتخابات

تشير توقعات المراهنات إلى تقدم ترامب بـ 55 سنتا مقابل 51 سنتا لكامالا هاريس. ومع ذلك، ما تزال استطلاعات الرأي الوطنية التي تم إجراؤها تمنح هاريس تقدما طفيفا بنسبة 48.6 % مقارنة بنسبة 46.0 % لترامب، أما في الولايات المتأرجحة الرئيسة فإن الفوارق تبدو أصغر بكثير.

وتشير هذه التحركات في السوق إلى أن المستثمرين يتوقعون أن سياسات ترامب المحتملة، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية أعلى، قد تؤدي إلى زيادة التضخم، وقد يجبر التضخم المرتفع الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول، وهو ما يُعد عادة إيجابيا للدولار الأميركي.

كما أدت البيانات الاقتصادية القوية من الولايات المتحدة في الشهر الماضي إلى إعادة تقييم سوق السندات، إذ خفض المستثمرون توقعاتهم بشأن خفض معدلات الفائدة الكبيرة.

ومع ذلك، فإن ارتفاع عوائد السندات الآن يشير إلى زيادة احتمال هيمنة الجمهوريين على الانتخابات المقبلة، ويبدو أن الأسواق تتوقع سيناريو “الموجة الحمراء” الذي قد يكون مفيدا للأسهم، ولكنه قد يدفع أيضا العوائد طويلة الأجل إلى الارتفاع.

قد يؤدي اكتساح الجمهوريين إلى ارتفاع العوائد بمقدار 40 نقطة أساس، ما يدفعها إلى 4.6 %، وهو مستوى لم يُرَ منذ مايو، وفي المقابل، قد يؤدي فوز ترامب مع كونغرس منقسم إلى زيادة قدرها 10 نقاط أساس، لكن المثير للاهتمام هو أن فوز الديمقراطيين بقيادة هاريس مع كونغرس منقسم من المتوقع أن لا يكون له أي تأثير، إلا أن فوز الديمقراطيين قد يؤدي إلى إضافة 20 نقطة أساس.



عدد المشاهدات : (4436)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :