رم - د هايل ودعان الدعجة .
ان اكثر ما يهدد فرص المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية الرئيس السابق دونالد ترمب في الانتخابات القادمة ، السياسات التي اتبعها خلال فترة رئاسته . حيث شهدت الولايات المتحدة تغيرات وتطورات امنية وسياسية واجتماعية هددت بطريقة غير معهودة تركيبتها وامنها ووحدتها ، وغيرت في الانطباع المأخوذ عنها في العالم كدولة ديمقراطية تعنى بالحريات وحقوق الانسان باعتبارها قيما ومبادئ اميركية تدافع عنها وتسعى الى نشرها في العالم كثقافة غربية . وهو ما تم كشف زيفه وهشاشته في عهده عندما تسبب في انقسام المجتمع الاميركي سياسيا واجتماعيا على وقع خطابه الشعبوي اليميني المتطرف الذي وسم فترة حكمه بالعنصرية والفوضى والانفلات وتثوير الشارع الاميركي وشحنه وتحريضه على العنف كما تمثل ذلك في اقتحام مبنى الكونجرس من قبل جماعات العرق الابيض اليمينية المتطرفة ، بصورة عكست وجود ازمة حقيقية في البنية المجتمعية الاميركية . اضافة الى تسببه بالاساءة الى مؤسسات بلاده البرلمانية والاعلامية والقضائية .
واما دوليا ، فقد اضرت حقبة رئاسته كثيرا بالمنظومة الدولية، بانقلابه على الادوات والقواعد التي تضبط حركتها وتعزز امنها والسلم فيها ، عندما سحب بلاده من بعض الاتفاقيات والمنظمات الدولية وضرب بعرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقدس وهضبة الجولان، ولم يراعي تاريخ علاقات الولايات المتحدة القوية والمميزة مع الحلفاء التقليديين في اوروبا واسيا والمنطقة عندما تعاطى مع الاسس التي قامت عليها هذه العلاقات بعقلية التاجر الذي اخضعها للغة الصفقات التجارية ، بدلا من المصالح القومية ، فاخذ يطالب الحلفاء التقليديين في اوروبا واسيا والمنطقة بدفع الاموال مقابل حمايتهم وشمولهم بالمظلة الامنية الاميركية .
الامر الذي يبعث برسائل تحذيرية الى الناخب الاميركي بضرورة اخذ ذلك باعتباره عند التصويت ، حفاظا على امن بلاده ووحدتها و مراعاة لمصالحها القومية في المنطقة والعالم وضمان استمرارها في التربع على قمة النظام الدولي . مما يعزز من فرص فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ويجعلها اقرب الى البيت الابيض من خلال النظر لها اميركيا كمنقذ للبلاد والعالم من هذه التداعيات السلبية ( والخطيرة ) ، واعتبارها الاكثر حرصا على مصالح اميركا الداخلية والخارجية ، والاكثر هدوءا وسياسة ودبلوماسية من ترمب ، وتعي طبيعة التركيبة الاجتماعية الاميركية والثوابت والقواعد التي يسير عليها المجتمع الاميركي ، والتعاطي معها كمناعة مجتمعية يعول عليها في ضمان الحفاظ على التوازن او التوازنات فيه بشكل يساعد النظام السياسي على تصحيح ذاته، وبالتالي تجاوز الازمة الداخلية التي باتت تعاني منها الولايات المتحدة مذ حقبة ترمب من خلال احتواء المد اليميني العنصري المتطرف، واستعادة الثقة بالمؤسسات الديمقراطية والبرلمانية والاعلامية والقضائية والامنية، وبالمنظومة الاخلاقية والقيمية والثقافية الاميركية التي اساء لها ، واعادة الاعتبار للاقليات العرقية واحترامها والحرص على ادماجها بالمجتمع الاميركي . مما يعزز من قناعة الناخب الاميركي بقدرتها على اعادة ترتيب البيت الاميركي الداخلي واستغلاله الانتخابات القادمة لتفويت الفرصة على ترمب من العودة الى الرئاسة مرة اخرى لتلافي المشاكل والازمات الداخلية والخارجية التي تسبب بحدوثها ، والتي شكلت ايضا قاسما مشتركا مع المحيط الدولي ، مما يضعه أمام مسؤولياته في تحمل التبعات المترتبة على خياراته الانتخابية، خاصة وان الولايات المتحدة كما دول العالم لا يمكنهما تحمل الرئيس ترمب لفترة رئاسية ثانية .
اضافة الى ما يتوقع من هاريس من حرص على الحفاظ على مصالح بلادها وعلاقاتها وتحالفاتها الدولية خاصة مع الحلفاء التقليديين في اوروبا واسيا والمنطقة العربية وعدم العودة للاجواء المشحونة التي تسبب بها ترمب بطريقة قد تهدد زعامتها العالمية وتسهم في تغيير خارطة موازين القوى الدولية، وجعل المشهد الدولي مفتوحا على كل الاحتمالات، بطريقة قد تدفع الامور نحو سيناريوهات وتوافقات وتحالفات دولية جديدة، قد تقتضيها ترتيبات وحسابات جديدة ايضا على اساس المصالح المشتركة، بحيث يجد العالم نفسه امام نظاما دوليا جديدا لا تقوده الولايات المتحدة .
دون ان نغفل دور فئة الشباب الذين يميلون للتصويت لهاريس وترجيح كفتها كما اشرت الى ذلك الاستطلاعات الاميركية المختلفة ، خاصة مع زيادة اقبالهم على المشاركة بالعملية الانتخابية بعد انسحاب الرئيس جو بايدن عن خوضها ، وترشح نائبته هاريس بديلا له عن الحزب الديمقراطي .
اما فيما يتعلق بالجالية العربية والاسلامية في اميركا ، والتي اعلن الكثير منها عن نيته الامتناع عن انتخاب ترمب وهاريس لرفضه موقفهما من المجازر والابادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي في غزة والضفة الغربية ولبنان ، فانها مطالبة باعادة النظر بموقفها وبقراءة المشهد الانتخابي بصورة اكثر واقعية ، بما يجعلها تفكر بضرورة انتخاب هاريس
لانها اذا ما فازت فستتحرر من الضغوط الانتخابية التي استثمرها نتنياهو بطريقة اضرت كثيرا بموقف الادارة الاميركة من حرب غزة ( ولبنان ) .. وبالتالي ستصبح امام فرصة تجعلها قادرة على امتلاك زمام الامور وممارسة الضغوط على نتنياهو واجباره على انهاء الحرب وفقا لخطة اميركية بعد الحرج الكبير الذي سببه لبلادها في هذا الملف ، خاصة انها دعت خلال حملتها الانتخابية لإنهاء هذه الحرب وعدم معاود الكيان الاسرائيلي لاحتلال قطاع غزة .
فيما ترامب عراب صفقة القرن سيمضي بهذه الصفقة تمهيدا لتصفية ملف القضية الفلسطينية وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده اليها . اضافة الى اعترافه بالسيادة الاسرائيلية على الجولان .. حيث يتوقع ان يساعد الكيان الاسرائيلي في مسألة تصفية ملف اللاجئين والاونروا وتوسعة المستوطنات وضم الضفة الغربية وهو الذي صرح مؤخرا ان اسرائيل صغيرة وتحتاج الى توسع ..