رم - بلال حسن التل
ما كنت ارغب في ان اخوض مع الخائضين في تداعيات عودة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الى البيت الأبيض، غير ان حجم المقالات والتحليلات التي نشرت في بلادنا، والتي صورت الانتخابات الأمريكية وكأنها انتخابات محلية تجري عندنا،وتهددنا نتائجها بالويل والثبور وعظائم الأمور، حتى ان احدهم تحدث عن (الأدوات التي استخدمها ترامب للتأثير في المجتمع الاردني)، وهي مقالات و تحليلات تدعونا في غالبيتها الساحقة الى التكيف مع القرارات والسياسات المنتظرة من الرئيس العائد،وكأنها قدر لايرد، بالرغم من انها قرارات وسياسات تصب في مصلحة إسرائيل، وتوسعها على حساب امتنا على وجه العموم، وعلى حساب الاردن على وجه الخصوص، لجهة تهجير أبناء الضفة الغربية اليه وضمها الى إسرائيل، كما يتوقع هؤلاء.
والتكيف الذي يدعو اليه البعض يعني الاستسلام لما يريده الرجل كما يتوقعون.
لذلك ولمناقشة هذه الدعوات اكتب هذا المقال لاقول،:ان روح المقاومة بكل اشكالها لم تمت في امتنا، وهي روح باقية وربما تزيدها عودة ترامب شدة، على قاعدة ان لكل فعل ردة فعل معاكسة. وقد عشنا في الاردن تجارب كثيرة في مقاومة الضغوط والمخططات الأمريكية، منها مقاومتنا للضغوط بان نكون جزء من تحالف حفر الباطن، الذي قاده الرئيس الأمريكي الاسبق بوش، ومنها مقاومتنا بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لصفقة القرن التي قادها الرئيس ترامب في ولايته الأولى.
لذلك فان السبيل لمواحهة كل المخططات التي تستهدف امتنا ككل، اوتستهدافها كاجزاء، هو في بناء مشروع نهضة شامل تستعيد فيه عناصر قوتها، وتسترد به دورها الحضاري، وهذا ليس بالامر المعجز، فقد تكرر في تاريخنا اكثرمن مرة.وحتى يتم ذلك فان علينا التمسك بروح المقاومة بكل اشكالها وتعظيمه فينا. لانها هي التي تقف سدا في وجه ترامب وغير ترامب
بالإضافة إلى روح المقاومة التي ستقف حائلا بين ترمب وبين تماديه في دعم إسرائيل، فهناك اسباب اخرى كثيرة لن تمكنه في ولايته الجديدة من تحقيق مالم يحققه في ولايته السابقة، واول هذه الاسباب : انه سيكون أكثر تحررا من ضغوط اللوبي الصهيوني، لانه ليس له فرصة ثالثة للعودة الى البيت الابيض بموجب أحكام الدستور الامريكي، ولانه يدرك أيضا ان من اسباب نجاحه هذه المرة، تصويت نسبة من العرب والمسلمين الامريكيين له، وامتناع نسبة اخرى منهم عن التصويت لمنافسته الديمقراطية، الوالغة بدماء أهلنا في فلسطين ولبنان. وقد قطع الرجل وعودا نتمنى ان يحترمها، للجاليات العربية والإسلامية، وهي وعود لا تصب في خدمة مخططات نتياهو.
كذلك فان للرجل مصالح اقتصادية في اكثر من بلد عربي، ونأمل من هذه البلدان توظيف هذه المصالح لخدمة قضايانا العربية.
ليس ماذكرته فقط هو ماسيقلل من حجم توقعات هؤلأ لتأثير ترمب على مجريات الأحداث في منطقتنا، ذلك ان ترامب سيعطي اولوية في اهتماته للحرب في أوكرانيا وسبل وقفها، واقناع اطرافها بالجلوس على طاولة المفاوضات، وهو امر سيأخذ الكثير والكثير من وقته وجهده، على حساب اهتمامه بقضايا الشرق الأوسط.
كما سينشغل ترامب بمواجهة الصين وتفوقها الإقتصادي على حساب بلاده، وهو انشغال سيكون ايضا على حساب انشغاله بقضايا الشرق الاوسط.
وعلى ذكر الاقتصاد على الجميع ان يتذكر بان العامل الرئيسي في نجاح ترامب، وعودته إلى البيت الأبيض، هو وعوده للناخب الأمريكي بان يخفف من وطأة حياته الاقتصادية، من حيث حجم الضرائب، والتضخم، والهحرة غبر الشرعية، بالإضافة إلى تصاعد الجريمة في المجتمع الأمريكي.
الاهم من كل ماذكرناه اعلاه من أولويات ترامب، هو انه سينشغل في رد هجوم أعداء الداخل الأمريكي عليه، والذين بدأت مجلة نيويورك تايمز حثهم بمقالها الافتتاحي بعد فوز ترامب مباشرة، على التحرك للدفاع عن بلدهم مما وصفته بتهور رئيسهم، ونزوعه للدكتاتورية، ومن رغبته بالافعال الظالمة وغير الاخلاقية، وغير القاتونية، وكل ذلك سيتم على حساب اهتمامه بالشرق الأوسط، وقد يكون ذلك من حسن الحظ. لأن كل تعينات الرجل حتى الأن كانت من غلاة الصهاينة الداعين الى ابادة العرب، وتوسع إسرائيل.