مهدي مبارك عبد الله
على واحدة من تلال عمان الغربية في منطقة الشميساني وفي حي هادئ ومنظم يطل على ملاعب وحدائق مدينة الحسين للشباب وصرح الشهيد يربض مبنى سفارة الملكة المغربية الشقيقة البسيط والمتواضع بكل تفاصيله حيث يغطيه سقف كرميدي متصل وتعتليه راية خفاقة باللون الاحمر تتوسطها نجمة خماسية باللون الاخضر ويتزين داخله بالديكورات الجميلة ومفارش السجاد التراثية والزخارف الرائعة والاثاث التقليدي العريق بالإضافة الى مجموعة صور جذابة لجلالة الملك محمد السادس تنتصب بهيبة ووقار في كل ركن وزاوية فضلا عن روح التاريخ العبق والاصالة الممتدة التي تفوح في كافة اروقة وثنايا المكان
في البدء أرجو ان أوضح انه ليس لي أي علاقة سابقة بالسفارة او سعادة السفير او الموظفين قبل زيارتي الاخيرة لهم كما انه ليس من عادتي ابدا أن امتدح تملق ورياء ونفاق أو أن أهجو لتشويه السمعة والمكانة أو أكل لحوم الأخرين وما أقدمه اليوم هو وقفة إنصاف خالصة وشهادة حصحص بها الحق ونطقها الصدق واستوفى كيلها العدل فيما شاهدت واستقصيت أرجو أن يكون هذا وقتها المناسب
معلوم بان رحابة الاستقبال وطيب المعاملة هي سلوك انساني نبيل ومفتاح للقلوب ومغناطيس للود والمحبة وهي تعكس مستوى أخلاقيات الفرد وتربيته وتُظهر مدى احترامه وتقديره للآخرين حيث تتجلى ابهى صورها في الأقوال والأفعال من خلال الابتسامة الوادعة والترحيب الحار والكلام اللطيف والمديح والثناء وتقديم المساعدة والعون وهذا ما احسنت فيه بل وابدعت طواقم العمل الاداري في سفارة الملكة المغربية بعمان بقيادة وحنكة ومتابعة سفيرها المتمرس سعادة الاستاذ ( فؤاد اخريف ) عبر كادرها الاحترافي المتكامل والمؤهل والمتميز بالحس الوطني الرفيع والالتزام التام بأخلاقيات الوظيفة العامة وفن التعامل مع الجمهور من خلال سعيهم الدؤوب لتقديم افضل الخدمات والاهتمام الكبير بتسهيل انجاز معاملات المواطنين والمراجعين بإتقان ودقة وبأسرع وقت واقل كلفة حيث اصبحت السفارة المغربية برعاية حضارية خاصة من شخص سفيرها النشط والديناميكي وجها مشرقا ومضيئا لدولة المغرب الشقيقة وبيتا امينا لقاصديها ومحطة رئيسية لراحة ابناء الجالية وتخفيف معاناتهم ومصاعبهم في ديار الاغتراب حيث شهدنا بأنفسنا إيجابيات مشرفة يفخر ويعتز بها المرء
الزائر لسفارة المملكة المغربية في عمان يرى أطقم دبلوماسية مغربية واعدة تمثل ارقى معايير ( الحداثة وفن الإتيكيت ) يعملون كخلية نحل نشيطة ومنتظمة فقد شاهدت ذلك بأم عيناي خلال مراجعتي لمدة ثلاثة ايام للسفارة في أمر يتعلق بالدراسات العليا ( الدكتوراه ) في الجامعات المغربية لابني الاكبر حيث عاينت وتابعت الموظفين والموظفات وهم يقومون بواجباتهم بنشاط فاعل ومتوقِّد ويتعاملون مع المواطنين والمراجعين بخفة ويقظة ووداعة ورحابة صدر لافتة والمراجعون الجالسون في صالة الاستقبال أو المصطفّون لتسليم معاملاتهم يشاهدونهم وهم يذهبون بأوراق ومعاملات ويعودون بأخرى جاهزة للتسليم في دقائق تكاد تكون معدودة ترافقها كلمات المجاملة وابتسامات الترحيب التي لا تنقطع ولا تتوقف بتواضع جم كما رأيتهم كغيري ينهضون من وراء مكاتبهم لاستقبال ضيوف وزوار السفارة ويبادلونهم الحديث الودي الغامر وبعد انجاز معاملاتهم يودعونهم بحفاوة كبيرة وتقدير بالغ الى البوابة الخارجية وما بعدها وهو ما يعكس معاني ومضامين الدبلوماسية المغربية العريقة ويذكرنا بالعادات والتقاليد العربية الاصيلة وهم يرددون على مسامعنا بان أبوابهم ستظل مفتوحة لاستقبال المواطنين والمراجعين وكل صاحب طلب أو مظلمة أو رأي أو فكرة أو حتى من جاء اليهم للتعارف
ضمن مواكبة عمليات التطوير والتحديث استمرت السفارة المغربية في عمان بسعيها المتواصل لتقديم أفضل الخدمات عبر موقعها الإلكتروني بإعطاء نبذة تاريخية وثقافية وتعليمية وسياحية واجتماعية واقتصادية واستثمارية وسواها عن المملكة المغربية مع توضيح كامل لكافة الأمور والثبوتيات المطلوبة لمختلف أنواع المعاملات القنصلية والرسوم الخاصة بكل معاملة وحفاظا على اوقات المواطنين والمراجعين وتمشيا مع ظروفهم الخاصة وتنظيما لسير العمل اصبح حجز مواعيد المراجعات والمقابلات مسبقا وفقا للنماذج المدرجة على نفس الموقع الإلكتروني المشار إليه آنفاً وحسب الوقت والتاريخ الذي يلائم المواطنين والمراجعين الأمر الذي خفف من فترات طول الانتظار وتضارب المواعيد وهدر الوقت بالإضافة الى فتح خطوط الاتصال الهاتفي المباشر للرد على الاستفسارات وتفعيل الخط الساخن لاستقبال اتصالات ابناء الجالية على مدى 24 ساعة خاصة في حالات الطوارئ لمساعدتهم في حل أي مشكلات او عقبات تواجههم مع التنويه إلى أنه لا يوجد أي مكتب وسيط بين السفارة والمراجعين وأن استقبالهم وتلقي طلباتهم يتم حصرًا عبر موقعهم الالكتروني وهواتفهم الرسمية فقط
سعادة السفير فؤاد اخريف رجل صاحب عراقة وتاريخ طويل أفناه في خدمة وطنه وهو شخصية مغربية أصيلة ومثقفة متأججة بالنزعة العروبية وهو من دعاة الترابط والتلاحم والتعاضد القومي يتمتع بالأخلاق الرفيعة والقيم والمبادئ النبيلة ( صاحب وجه بشوش ونفس رضية ) متابع جيد لأحداث وطنه والمنطقة يخجلك بتواضعه الجَم وثقافته الموسوعية ولباقته وتهذيبه الذي تشد انتباهك حتى لو اختلفت معه في بعض المجالات والتحليلات تجده كانه قاموس محيط علما ومعرفة وتجربة فلا تشعر إلا بالألفة لحديثه ومنطقه أحب بلاده وسعى الى رفع رايتها وتجذير مكانتها التاريخية في كل المحافل والميادين طوال سنوات سمان من شرف خدمته العامة وحمل الامانة والمسؤولية وحينما نتصفح سيرته المتواترة خيرا وبركة نجد اسمه عنوان بارز في كل مقدمة وانجاز منذ دخوله معترك الحياة السياسية والديبلوماسية مطلع الثمانينات من القرن الماضي
خلال عمله سفيرا لبلاده في بلده الثاني الاردن سطر بصمات مهنية وانسانية عظيمة وشكل علامة فارقة في معجم كبار السفراء العرب في عمان كما خلق حالة استثنائية متميزة وفريدة من التعاون والتوأمة والتأخي بين البلدين والشعبين المغربي والاردني وتمكن من جعلهما في حالة شبيهة بالوَحدَة الاستراتيجية المتكاملة وقد اعتاد عليه الاردنيون وحظي باحترام وتقدير كل من عرفه حيث يحتفظ بصداقات اخوة ومودة مع عدد هائل من المسؤولين الاردنيين والمثقفين والاعلامين وابناء العشائر والبوادي والمخيمات ولا زال على عهده بالتواصل الدائم مع الاردنيين في افراحهم واتراحهم والدفاع عن الاردن ونظامه ومساندته والوقوف الى جانبه ودعم كافة قضاياه العادلة وكثيرا ما كان يشار اليه بالبنان من ناحية حكمته السياسية كديبلوماسي من طراز رفيع قل نظيره يعتمل في داخله مخزون هائل من الرؤية الحصيفة والمواقف الشجاعة وبعد النظر الثاقب واستشراف المستقبل والقدرة على اصدار الاحكام والقرارات الصائبة يساعده في ذلك تراكم خبراته الدبلوماسية والسياسية والفكرية والثقافية المتعددة الى جانب مؤهلاته العلمية والبحثية المتخصصة
السفارة المغربية في عمان تعتبر نموذجا حيا يحتذى به في هذا السياق المتميز والموظفون المغاربة العاملون في السفارات والقنصليات والبعثات الخارجية ينطلقون في تعاملهم اللطيف والحضاري والانساني والاخلاقي اتجاه ابناء الجالية المغربية والمراجعين والزوار من مضامين المطالب والتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس التي وردت في خطاباته المتكررة بالعديد من المناسبات الوطنية الهامة والتي كان اخرها الذكرى 69 للمسيرة الخضراء في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري حيث خصص جلالته حيزا كبيرا من حديثه لقضايا مغاربة العالم وضرورة احترامهم وتقديرهم وتسهيل معاملاتهم والاستفادة من كفاءاتهم وطاقاتهم ودمجهم بمجتمعهم الام بشكل فعال ومرن كما وجه جلالته الحكومة إلى إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بالجالية خاصة مجلس الجالية المغربية بالخارج ودعا الى الاسراع بإخراج إطاره القانوني الجديد والتوجه نحو إحداث المؤسسة ( المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج ) التي ستُعنى بتنسيق وإعداد الاستراتيجيات الوطنية الموجهة لصالح الجاليات المهاجرة
العلاقات الاخوية بين المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية عميقة ومتينة وتاريخية تقوم على الاحترام والتنسيق المتبادل وخدمة المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين والقضايا العربية العادلة كما انها تتسم بالتطابق والتوافق حول جميع القضايا الإقليمية والعربية والدولية حيث بدأ التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين على مستوى السفراء المقيمين منذ استقلال المغرب عام 1956 بافتُتاح أول سفارة للأردن في المغرب في عام 1959 وقد قام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بعدة زيارة للمملكة المغربية بينما قام جلالة الملك محمد السادس بزيارة الأردن في عام 2012 وفي رؤيا مشتركة تؤكد قيادتا البلدين من منطلق مسؤوليتهما المتمثلة في رئاسة لجنة القدس والوصاية الهاشمية بالدفاع عن القدس ومقدساتها وحمايتها من كل محاولات تغيير وضعها التاريخي والقانوني والسياسي ومعالمها الدينية والحضارية الإسلامية والمسيحية كما كان الأردن ولا زال يؤكد على دعمه المتواصل والدائم للوحدة الترابية للمملكة المغربية ومبادرة الحكم الذاتي
تحقيقا وانفاذا لهذه التوجهات والغاية النبيلة شارك الاردن سنة 1975 بمبادرة المسيرة الخضـراء التي أعلنها العاهل المغربي المرحوم الملك الحسن الثاني والتي ضمت اكثر من 350 ألف مغربي وممثلي عدد من الدول وفي مقدمتها الأردن الذي شارك بوفد رفيع المستوى ضم 41 شخصية برئاسة رئيس الوزراء الاسبق المرحوم أحمد طوقان من اجل استرجاع المغرب لأقاليمه الصحراوية في الجنوب من الاحتلال الإسباني بطريقة سلمية والتي غيرت موازين القوى في المنطقة ما دفع الاسبان الى توقيع اتفاق مدريد في نفس العام وتأكيدا لهذا الموقف الثابت والراسخ للاردن بقيادة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بشأن قضية الصحراء المغربية افتتح الاردن في 4 اذار عام 2021 قنصلية عامة بمدينة العيون كبرى مدن اقليم الصحراء الغربية
ومع تزايد سياسات التعاون عبر السنوات المتتالية وقِّع البلدين العديد من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم التي شملت مجالات التجارة والتعاون الاقتصادي والصناعي والتقني وتشجيع الاستثمارات وحمايتها وتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي والتعاون الإداري من أجل التطبيق الصحيح للتشريع الجمركي والمواصفات والمقاييس وشهادات المطابقة والمراقبة الإجبارية للجودة والاعتماد وتبادل الاعتراف بالشهادات الأهلية البحرية وغيرها
ان موظفو السفارة المغربية في عمان وسعادة السفير فؤاد اخريف لا يعرفون أنني سأكتب هذا المقال بشأنهم أو حول ما شاهدته فيهم من ( حسن الاستقبال والمعاملة الراقية وسرعة الانجاز ) والتفاني في تقديم الخدمة وسوف يتفاجؤون به لكننا نحتكم دائما الى المصداقية والأمانة المهنية ونعطي الاستحقاق لمن يستحقه والثناء والشكر لمن هو اهل له وهذا أقل ما يمكن أن نقوله في هذا ( النموذج الدبلوماسي العربي الاصيل ) وانني لا انتظر أي مقابل أو منفعة او مكسب وليس لي ناقة ولا جمل لكنها الحقيقة المجردة التي يجب اشهارها والتي أتمنى أن تصل إلى اكبر عدد من المهتمين والمسؤولين
واسمحوا لي ان ابين اكثر بان شهادتي بسعادة السفير اخريف لا تزيده شهرة ولا تكسبه سمعة افضل مما هو عليه فهو قيمة ومقام وصاحب شخصية وطنية توافقية واعية ومفعمة بالإنسانية والنبل حيث يمتلك فكرا عاليا واستقامة ونزاهة مشهودة ويعامل الناس سواسية ويقف على مسافة واحدة من الجميع ولا توجد في قلبه امراض العنصرية او الحقد الطبقي وهو متخلق وصادق عز نظيره في هذا الزمان القصي المنتبذ لم ينزاح يوما عن مبادئه قيد أنمله ما أكسبه احترام وتقدير كل من عرفه ولا يتوانى عن قول كلمة الحق مهما كانت الظروف والنتائج رجل مسؤول يتقدم على المقدمات والأحاديث والخطابات بل ويسبقها عرف منذ صغره طريقه نحو خدمة وطنه ومحبة قيادته وشعبه
ختاما نقول بكل صراحة ووضوح ألا تستحق هذه الشخصيات الوطنية المغربية الفذة الإشادة والتقدير لما تقدمه لوطنها وابنائه ولكافة الزوار والمراجعين وفي كل هذا لا نعتقد أن ما كتبناه مغالاة أو محاباة أو شطط في الوصف والتعبير لأن القاعدة الشرعية المتأصلة تقول من لا يشكر الناس لا يشكر الله
حمى الله الأردن والمغرب الشقيقين ارضا للخير والمحبة والسلام وأدام على حياضهما نعماء الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار وحفظ أرضهما الغالية وشعبهما الوفي وقيادتهما الحكيمة من كل مكروه وسوء
كاتب وباحث متخصص في العلوم السياسية
[email protected]
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |