رم - هاشم أمين عربيات
الأردن لا يحتاج خطابات تُطرب الآذان، بل يحتاج عقولًا وقلوبًا تُخلص له العمل. نحتاج نوابًا يُجسدون روح الأجداد الذين بنوا هذا الوطن بالتضحية والإيثار. الوطنية الأردنية الأصيلة ليست شعارًا يُرفع، بل هي فعل يُمارس، وإنجاز يُحقق، وحلم يُبنى بعرق الأردنيين جميعًا ، في أروقة مجلس النواب العشرين، وفي خضم الكلمات والخطابات، وقفنا على مفترق طرق بين شموخ الوطنية الأردنية الأصيلة وبين الشعبوية التي تسعى لاستعطاف القواعد الشعبية دون أن تقدم حلولًا حقيقية تُنهض بالأردن. كيف أصبح المجلس منبرًا لتعظيم حركات خارجية ومناكفات لا تسمن ولا تغني من جوع، بينما تُركت مشكلات الوطن الحقيقية على الهامش، يُتناولها بخجل أو يُتجنب الحديث عنها؟
لقد خُلقنا في الأردن على حب هذا الوطن، على انتماء لا يُعبر عنه بالكلمات فقط، بل بالأفعال التي تجعل من الأردن وطنًا يتصدر بالكرامة والعطاء. الوطنية الأردنية الأصيلة هي تلك الروح التي تستشعر نبض الوطن في كل تحدٍ، فتُصارح بالمشكلات وتعترف بالثغرات، ولكنها لا تتوقف عند النقد بل تُعزز الأمل بالمقترحات البناءة والعمل الجماعي.
لكن ما شهدناه في بعض الخطابات البرلمانية الأخيرة كان أشبه بعاصفة من الشعبوية التي تحاول تأجيج العاطفة دون أن تقدم منفعة للوطن. غاب عنها العمق، غاب عنها الهدف الأسمى الذي يليق بالأردن. فكيف نرتقي حين يُستخدم المنبر البرلماني لتعظيم قضايا خارجية أكثر مما يُستخدم لخدمة قضايا الداخل؟ وكيف ننهض حين يصبح النقد مجرد وسيلة للمناكفة لا لبناء حلول واقعية؟
لن يعود الأردن إلى عهده الأصيل إلا حين تُستعاد الروح الأردنية التي تبجل الوطن فوق كل اعتبار. تلك الروح التي جعلت أجدادنا يبنون الأردن بعرق جباههم، وحفظت هذا الوطن من كل محنة مر بها. الروح التي تُعلي راية الأردن في كل المحافل، وتُكرس العمل الجماعي أساسًا لحل المشكلات.
الإصلاح الحقيقي يبدأ من الداخل، من إعادة بناء الوعي البرلماني بأهمية الدور الوطني. فمجلس النواب ليس مكانًا لاستعراض الخطابات ولا منصة للبحث عن شعبوية مؤقتة؛ بل هو مجلس الأمة الذي يجب أن يتحدث بلسان الوطن، وينقل هموم الشعب، ويُصارح بالحقائق لا بالخطابات الرنانة ، وأن يعترف كل نائب بتقصيره أو بانجراره وراء الشعبوية، وأن يبدأ من جديد بروح وطنية خالصة تخدم الوطن.، ثم إعلاء المصلحة الوطنية أن تُطرح القضايا الحقيقية بشجاعة، وأن يتم تقديم حلول واقعية مدعومة بأبحاث ودراسات، ثم إعادة الاعتبار للوطنية الأصيلة أن تكون خطابات النواب انعكاسًا حقيقيًا لحبهم للأردن، بعيدًا عن أي مزايدات أو مصالح خارجية.
فلنعد إلى تلك الروح، إلى ذلك النبض الذي جعل الأردن أعز الأوطان. ولنتذكر دائمًا أن الوطن لا ينهض إلا بأبنائه الذين يُعلون شأنه فوق كل اعتبار.
حفظ الله الأردن أرضا وشعبا وقيادة