بين حكومتين ؟!


رم - خاص


قدّم نائب رئيس الوزراء الأسبق ممدوح العبادي تحليلًا مفصلاً لتجربته السياسية على مدار ثلاثين عامًا، حيث استعرض الفروقات بين حكومتي طاهر المصري وهاني الملقي، مشيرًا إلى التحولات الكبيرة التي شهدتها الحياة السياسية الأردنية خلال هذه الفترة.

وسلط العبادي في كتابه السياسي "الأمين"، الضوء في كتابه على التغيرات التي طرأت على الحريات والديمقراطية في المملكة، مبرزًا كيف أن حكومة طاهر المصري جاءت نتيجة لحراك شعبي ونقابي، وكانت تتمتع باستقلالية كبيرة وبقربها من تطلعات الشارع الأردني.

في المقابل، أشار إلى حكومة هاني الملقي، التي تولت المسؤولية في مرحلة لاحقة، كانت محاطة بالبيروقراطية والقرارات المترددة، مما جعلها بعيدة عن هموم المواطنين.

وتاليًا النص كما ورد:
" 30 عاما تفصل بين حكومتي طاهر المصري وهاني الملقي، اللتين شاركت وزيراً في كلتيهما، وهو تاريخ زاخر بالتحولات والتغيرات التي شاء في القدر أن أكون شاهدا عليها. ولست أهدف من هذه المقارنة الوجيزة أن أبين الفرق بين الحكومتين، بل بين مرحلتين سياسيتين تبدل فيهما الكثير على صعيد الحريات والديمقراطيات.

ولدت حكومة طاهر المصري من رحم الحراك الشعبي الذي توجته الهيئة نيسان»، ومن الحراك النقابي الديناميكي الذي كان على تماس مباشر مع هموم الشارع وتطلعاته، تزامنا مع ظهور مجلس نواب انتخب أعضاؤه بنزاهة وشفافية، واقترن كل ذلك برغبة ملكية حقيقية في تغيير النهج كما أسلفت سابقا، حتى إن رئيس الحكومة المكلف طاهر المصري كان نائبا في ذلك الوقت، ومنح صلاحيات واسعة لاختيار فريقه الحكومي، فآثر أن يطعم الفريق بشخصيات نيابية ونقابية، وأخرى محسوبة على المعارضة، وهو ما لم يحدث في تاريخ الحكومات الأردنية السابقة .

والأهم، أن حكومة المصري، على الرغم من عهدها القصير، الذي لم يتجاوز 6 أشهر، كانت تتمتع باستقلالية كبيرة في قراراتها، حتى إنها كانت أشبه بحكومة في أي دولة ديمقراطية. ومن رحمها تشكلت ثلاث حكومات أخرى، تعاقب عليها كل من عبد الكريم الكباريتي، وعلي أبو الراغب، وعبدالله النسور. باختصار، يمكنني القول إن حكومة المصري كانت خير تعبير عن مرحلة سياسية مغايرة لما قبلها، وعن تطلعات الشارع الأردني الطامح للمشاركة في صناعة القرار، وكان مجلس الوزراء نفسه أشبه بمجلس النقباء.

أما في حكومة هاني الملقي، التي دعيت للمشاركة فيها، فقد تغير كل شيء كما ذكرت، ووجدت نفسي في خضم آليات بيروقراطية، وتردد في اتخاذ القرارات، وفي طول الأمد الذي تحتاجه تلك القرارات، لأنها لم تكن صاحبة القرار الكلي في الأساس، بل كان يدخل القرار في دهاليز كثيرة للموافقة عليه من قبل جهات خارج الحكومة، ومنها «الدائرة»، وغيرها. وفي المجمل لم تكن تجربتي مع الحكومة مريحة، بل مثيرة للأعصاب والكآبة، وكنت أتحين الفرص لمغادرتها.

ولست أحمل هنا، حكومة الملقي، رئيسًا ووزراء، مسؤولية الترهل والبيروقراطية، علماً أن الرئيس الملقي لا تنقصه الخبرة والنزاهة والجرأة، ولا تنقص وزراءه أيضاً، ولكن الظروف الموضوعية المحيطة لم تكن تسمح له بحرية الحركة كما سمحت لطاهر المصري، وكانت حكومته نتاجا طبيعيا لمرحلة سياسية ضاقت فيها الحريات، واتسعت الفجوة بين المواطن والمسؤول، وبالتالي لم تعد الحكومة قريبة لنبض الشارع وهمومه كما كانت عليه حكومة طاهر المصري ومرحلتها السياسية المغايرة".



عدد المشاهدات : (9530)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :