الهندي يكتب : الأردن و"الإقليم الجديد"


رم - لم يعد من شك بأننا بتنا نعيش في إقليم "جديد" بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فنظام حكم، وبعد نحو 50 عاماً في السلطة، قد انتهى وإلى الأبد، وأذرع إقليمية "تقصقصت"، مع الاعتذار عن استخدام "المصطلح"، لكنه الواقع، وبالتالي، موازين قوى "تخلخلت"!
إذن، نحن أمام واقع جديد، فبعد سقوط "الأسد" في دمشق، انتهى الدور الإيراني، فلا قواعد إيرانية في المنطقة، ولا امتدادات سياسية وعسكرية، وإن كان حزب الله ما زال موجوداً على الأرض في لبنان، لكنه ليس الحزب الذي كان أيام الأسد و"نصرالله"، فانسياب السلاح عبر مطارات سوريا وحدودها، لن يكون بذات الحال مع الحكم الجديد في سوريا مع ما يحمله نظام دمشق الحالي من ذكريات، وكثير من الغضب، على حزب الله إبان دوره في الثورة السورية، وكذا الحال تجاه إيران وحتى روسيا، لكن بـ "علنية" أقل "صخب" لحسابات دولية أحسب أن أحمد الشرع و"إخوانه" يعونها ويتعاملون معها بذكاء لا سيما في حسابات المصالح والتأثير الدولي لا سيما عبر مؤسسات الأمم المتحدة، وخصوصاً، مجلس الأمن.
في حسابات الإقليم الجديد، ومع "الخلل" في موازين القوى، فإن دولة الاحتلال، لربما، باتت صاحبة النفوذ الأقوى وبدعم غير "ذي سر" من القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه فإن بوصلة كثير من العواصم، ستتبدل وتتغير بما يتماشى وهوى "مصالحها"، ولعل "دمشق الجديدة" الأكثر وضوحاً في "اتجاه المصالح".
بين كل هذا، فإننا في الأردن، ومن باب المصالح الوطنية العُليا، تحركنا بما يضمن أمننا أولاً، واقتصادنا، ثانياً، وفيما كان كثيرون "يقرعون الجرس" لحث "الدولة" على التحرك، فأحسب أنها تحركت بتأنٍ محسوب، وبوجهات "مدروسة"، فكانت ردة الفعل الأولى على لسان جلالة الملك عبدالله الثاني الذي قال "إن الأردن يحترم خيار الشعب السوري"، وهنا كانت أول رسالة "حُسن نوايا" إلى حٌكّام دمشق الجدد، وإلى المنطقة والعالم، ثم جاءت أول "زيارة استكشافية" لوزير الخارجية إلى دمشق، فشكلت أول انطباع أردني عن ما يجري في قصر الشعب بدمشق، وكيف يفكر الساكن الجديد، وبعد زيارة مهمة، رفيعة المستوى إلى تركيا، ضمت، أي الزيارة، إلى جانب وزير الخارجية، قائد الجيش ومدير المخابرات العامة، استقبلت عمان وفداً سورياً رفيع المستوى، وعليه، فأحسب أن كل شيء فُرِد على الطاولة من "حرب المخدرات" الشرسة على الأردن، مروراً بالكهرباء، وصولاً إلى الاقتصاد وإعادة الإعمار، فالأردن كان من دفع الفاتورة الأعلى عبر استقبال مئات آلاف اللاجئين وما ترتب عليه من ضغط كبير على اقتصاده وموارده، وعلى مواطنيه.
كل المؤشرات تقول إننا اقتربنا من اتفاق "ما" حول "غزة"، ومع أن تلك "مذبحة" لا يمكن أن يُسدل عليها الستار، لكن تطورات المنطقة تؤكد بأن السطر الأخير في سيناريو "الإقليم الجديد"، سيُكتب في غزة كما بدأ منها "أول سطر" بعد أن "هاجت" آلة القتل الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر، وعليه، فإن ما نعول عليه هو ديناميكية الدبلوماسية الأردنية التي طالما ناضلت حتى توقف تلك الجريمة بحق الفلسطينيين، وما نأمله أن تعود الدبلوماسية إلى الطريق، وأن لا يُدفن حل الدولتين، وأن نحافظ على أردن قوي وسط هذا "الإقليم الجديد".



عدد المشاهدات : (5505)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :