ايناس فلاح السكارنة

أنا إنسان أعيش بين صفحات هذا الزمان، أحمل في داخلي إرثاً يتجاوز حدود اللحظة. كل عادة وكل تقليد في حياتنا له قصة، له جذور تنبت من أرض أجدادنا الذين مرّوا من هنا، تركوا بصمتهم ورحلوا. أكتب الآن بقلبي قبل قلمي، أحاول أن أنقل لك ما يعنيه التمسك بعاداتنا وتقاليدنا، ليس كحِمل نُثقل به كواهلنا، بل ككنز نحتفظ به في أعماقنا. العادات والتقاليد ليست مجرد ممارسات نؤديها بلا وعي، بل هي شيفرة الهوية، صدى الأجيال التي سبقتنا، وقصة تُروى عبر الزمن.

في عالمٍ يمشي فيه التغيير ويتبدل فيه كل شيء، تبدو العادات والتقاليد كالسفينة التي تحملنا بأمان وسط أمواج الحداثة العاتية. هي الوشاح الذي يلفنا بالدفء حين تشتد برودة الغربة عن النفس والهوية. إنها تعكس عمق انتمائنا إلى أرضنا، وثقافتنا، وتاريخنا.

التمسّك بعاداتنا وتقاليدنا لا يعني العيش في الماضي أو الانغلاق على الذات، بل هو وسيلة للحفاظ على توازننا في خضم التقدم المتسارع. كيف لنا أن نعرف إلى أين نحن ذاهبون إذا فقدنا معرفة من أين أتينا؟ العادات والتقاليد هي تلك الخريطة التي توجهنا في مسارات الحياة، وتذكرنا بمن نحن وماذا نمثل.

من الموروثات الجميلة التي نعيشها كل يوم، جلسات العائلة التي تجمع الصغار بالكبار، قصص الأجداد التي تحمل حكم الزمن، والاحتفالات التي تعكس فرحنا وهويتنا. إنها اللحظات التي نشعر فيها بأننا ننتمي، ليس فقط إلى مكان، بل إلى قصة طويلة مليئة بالعِبر والمعاني.

لكن الأهم من ذلك، علينا أن ندرك أن العادات والتقاليد ليست جامدة، بل حية وقابلة للتجديد بما يتناسب مع قيمنا الأساسية. يمكننا أن نطوّر عاداتنا بما يخدم حياتنا اليوم، دون أن نفقد جوهرها ومعناها العميق. فهي قادرة على أن تظل منارة لنا، تعكس قيمنا وتوجهنا في تعاملاتنا اليومية.

في النهاية، العادات والتقاليد هي الحكاية التي تربط بين الماضي والمستقبل. إنها القوة التي تمنحنا هوية متفردة وتجعلنا نقف بثبات في مواجهة تيارات العولمة. فلنعتز بها، ونتناقلها جيلاً بعد جيل، لأنها كنز لا يقدر بثمن، وجسر نعبر عليه نحو حياة أكثر ثراءً وأصالة.