رم - مع انتهاء الانتخابات النيابية، بات المشهد الحزبي الأردني يعاني من فراغ واضح وصمت يثير التساؤلات. الأحزاب التي كانت تصدح شعاراتها وتملأ الساحات بالنشاط والحراك خلال موسم الانتخابات، اختفت فجأة وكأن دورها ينتهي عند الاقتراع، ليترك المشهد فارغاً من أي تفاعل أو تأثير حقيقي على الشارع الأردني.
في ظل الأوضاع السياسية المشتعلة في المنطقة والتحديات التي تواجه الوطن داخلياً وخارجياً، كان من المفترض أن تكون الأحزاب الأردنية في طليعة القوى التي تتحرك لإشراك الناس في النقاشات السياسية، استقطاب الكفاءات، وصياغة رؤى تعالج القضايا الوطنية الكبرى. لكن الواقع يعكس غير ذلك. لا استقطاب جديد، لا عقد احتراف ولا إعارة سياسية، ولا حتى مبادرات تذكر.
هل كانت الغاية الكرسي أو المناصب؟
تبدو الأحزاب وكأنها ترى في الانتخابات وسيلة لتحقيق غايات شخصية أو حزبية ضيقة، بعيداً عن خدمة الوطن أو بناء قاعدة شعبية حقيقية.
أم هل انتهى دور الأحزاب عند الاستعراض؟
من المؤسف أن بعض الأحزاب بدت وكأنها تسعى فقط لإثبات وجودها المؤقت، لتقول للناس “نحن هنا”، لكن دون خطط أو برامج حقيقية تُستكمل بعد انتهاء موسم الانتخابات.
الأحزاب الأردنية، بغياب نشاطها السياسي والاجتماعي، تفقد ثقة الشارع وتُظهر عجزها عن القيام بدورها الأساسي في تشكيل الرأي العام، الدفاع عن القضايا الوطنية، والمساهمة في وضع حلول للتحديات الكبرى.
الأردن في مرحلة يحتاج فيها إلى أحزاب فاعلة تعبر عن نبض الشارع وتلعب دوراً حقيقياً في الحياة السياسية.
على الأحزاب أن:
1) تعيد صياغة دورها بحيث تكون حاضرة في كل وقت، وليس فقط خلال الانتخابات.
2) تبادر إلى استقطاب الشباب والكفاءات التي تؤمن بالتغيير.
3) تقدم برامج ورؤى حقيقية تعالج القضايا الملحة بدلاً من الاكتفاء بالشعارات.
المشهد السياسي لا يحتمل الغياب أو الصمت. إذا كانت الأحزاب الأردنية ترى في الانتخابات مجرد منصة لتحقيق مكاسب مؤقتة، فإنها تفقد مصداقيتها وتبتعد عن دورها الحقيقي. المرحلة القادمة تحتاج إلى أحزاب تعمل للوطن وتستثمر في بناء وعي سياسي يعيد للناس ثقتهم في العمل الحزبي.
الأحزاب الحقيقية هي التي لا تغيب، ولا تختفي، ولا تعمل فقط من أجل الكرسي.
د. طارق سامي خوري