حياتنا أولاً وأخيراً


رم - د.بيتي السقرات / الجامعة الأردنية

تحيط بنا أحداث متسارعة لم يسبق لنا أن توقعنا حدوثها بهذه الوتيرة التي يصعب علينا مجاراتها.
فالأردن الحديث، منذ ولادته، واجه تحديات وجودية، أصعبها ضم الضفة الغربية للأردن في عام 1950. وكان حالنا حينها كمن اختار أهون الشرين؛ فمن ناحية، كان في ذلك الخيار بُعد قومي بتحمل مسؤولية غياب النظام بعد زوال الاحتلال عن فلسطين، وكانت الأولوية حماية الأهالي. ومن ناحية أخرى، كانت هناك خشية من أن يؤدي ذلك إلى طمس هوية من فقد وطنه بسبب الاحتلال.

وبعد ذلك، ذهبت الضفة الغربية، وأصبح الحمل أكبر مما يمكن احتماله، في ظل تقاعس الدول العربية عن تحمل نصيبها من المسؤولية التي نشأت عن النكسة.

وفي نهاية عقد الثمانينيات، أُجبر الأردن على خوض تجارب عديدة، واجتازها بمعجزة إلهية. بدءًا من انهيار سعر الدينار، مرورًا بحرب الخليج، وانتهاءً بالحصار الذي أعقب الحرب، رغم وقوفنا على الحياد منعًا لتعاظم خسارة الأمة.

وفي العصر الحديث، تفرد التيار اليميني المتشدد بالسيطرة على الدولة المحتلة وعلى الدولة الإمبريالية التي ترعى مصالح الكيان في المنطقة.

وكان موقف الأردن حكيمًا؛ حيث رفض الانخراط في تجاذبات سياسية بين الأشقاء العرب، ورفض المساومة والتكسب من المواقف. وهذا جعل الأردن صاحب إرادة صلبة في رفض التفريط بحقه التاريخي في رعاية المقدسات، وكذلك في عدم التماهي المطلق مع التطبيع الذي يُفقد الإنسان هويته.

الأردن، بقيادة جلالة الملك المعظم حفظه الله، كان دائمًا يخرج منتصرًا في كل جولة، بفضل دبلوماسية قامت على رفض التضحية بالإنسان الفلسطيني والأردني معًا.

الأردن دفع ثمن مواقفه المشرفة، رغم اللمز والاستعداء، ووصل الأمر ببعض دول الجوار إلى استهدافه إعلاميًا، بل وحتى عبر تهريب المواد المخدرة بهدف زعزعة استقراره.

وفيما نحن نلتقط أنفاسنا بعد انتهاء الحرب في غزة، يطل علينا الرئيس الأمريكي بتصريحات تقلل من شأن الأردن ومصر، وهو يُملى عليه إملاءً من اللوبي الصهيوني بشأن التوسع الاستيطاني وترحيل الفلسطينيين.

لكن الرئيس الأمريكي لا يدرك أن الأردن هو مهجة القلب، وأن جلالة الملك المعظم حفظه الله درة تاج الوطن. ولن نقبل بما يريده بنو صهيون والمتصهينون.

أقول لجلالة الملك المعظم حفظه الله: نحن معك، كلنا رجالًا ونساءً، شيوخًا وأطفالًا. نفنى قبل أن يلحق الوطن أي ضيم.
خُض بنا البحر، ولن يخذل الشعب الأردني بجميع مكوناته.

وهنا أستشهد بقول شهيد الأردن وصفي التل:
"إن الأردن ولد في النار، ولم ولن يحترق."

سيدي أبا الحسين، حفظك الله، أنت منارتنا وعمود البيت. سِر على بركة الله، فنحن جميعًا حياتنا للأردن أولًا وأخيرًا.

عضو المكتب السياسي في حزب عزم



عدد المشاهدات : (5202)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :