بداية حقبة ترامب الثانية ليست كنهايتها.انتظروا المتغيرات الكبرى


رم - الدكتور محمد فرج

مع انطلاق الحقبة الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تلوح في الأفق تحوّلات جذرية على الصعيدين الداخلي والدولي. تُجسّد سياسات ترامب مزيجاً من الانعزالية والمواجهة التجارية، مما يطرح تساؤلاتٍ حول مستقبل الهيمنة الأمريكية وقدرتها على التكيّف مع نظام عالمي متعدّد الأقطاب.

خلال ولايته الأولى، انتهج ترامب سياسات غير تقليدية أعادت تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي العالمي. كان من أبرزها.
صفقة القرن التي هدفت إلى إعادة ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط عبر ضغوط اقتصادية على الأردن ومصر.
والحروب التجارية مع الصين التي أثّرت على الاقتصاد العالمي ودفعت بكين إلى تعزيز استقلالها الاقتصادي.
والتشكيك في التزامات الولايات المتحدة تجاه حلف الناتو مما أثار قلق الحلفاء التقليديين.
تصعيد التوترات مع أوروبا وكندا والمكسيك من خلال فرض رسوم جمركية جديدة وإعادة تقييم العلاقات التجارية.

هذه السياسات خلقت توترات مع الحلفاء التقليديين، وساهمت في تسريع تحوّلات جيوسياسية جعلت العالم أكثر اضطراباً وأقل اعتماداً على الدور الأمريكي التقليدي. ومع بداية الولاية
الثانية، بدا ترامب أكثر تصميماً على تنفيذ سياساته التصادمية، حيث. فرض رسوم جمركية
جديدة على كندا والمكسيك، في محاولة منه لضم كندا إلى الولايات المتحدة والتهديد بتحويل خليج المكسيك إلى خليج الولايات المتحدة مما زاد من حدة الخلافات التجارية.
وأثار جدلاً واسعاً حول إمكانية ضمّ غرينلاند الدنماركية، مما عكس طموحات أمريكية غير مسبوقة.أضافة إلى أعادة تقييم تمويل حلف الناتو، ما أثار استياء الحلفاء الأوروبيين وزاد من عزلة الولايات المتحدة.

وضمن استراتيجيته في الشرق الأوسط، يحاول ترامب فرض تهجير أهالي غزة إلى الأردن ومصر عبر ضغوط اقتصادية وعقوبات محتملة. لكن الأردن رفض هذه المخططات بحزم، مستنداً إلى التفاف الشعب
حول قيادته ورفض أي مشاريع توطين للفلسطينيين.ومعاهدة
السلام مع إسرائيل واتفاقيات الطاقة التي تشكّل ورقة ضغط على الإدارة الأمريكية. ودور جلالة الملك القوي على الساحة
الدولية الذي أسهم في حصول الأردن على دعم أوروبي لمواجهة الضغوط الأمريكية. مع
إمكانية قيام الأردن بتنويع التحالفات مع الصين وروسيا، ما يمنح الأردن أدوات استراتيجية قوية لمواجهة التحديات.
ورغم محاولات ترامب للحدّ من النفوذ الصيني عبر العقوبات التجارية، إلا أن الصين استطاعت تعزيز استقلاليتها
الاقتصادية، مما جعلها أقل تأثراً بالضغوط الأمريكية.
وتوسيع تحالفاتها العالمية، لتصبح قوة منافسة في نظام عالمي متعدد الأقطاب.
سياسات ترامب الانعزالية قد تؤدي إلى إضعاف الدور الأمريكي كضامن للأمن العالمي، خاصة في ظل. تصاعد التوترات
مع روسيا حول أوكرانيا.وظهور تحالفات دولية جديدة بين الصين وروسيا وكوريا الشماليه وإيران مقابل أوروبا التي تكافح
للحفاظ على وحدتها وسط الفراغ القيادي الأمريكي.

الأزمة الداخلية في أمريكا.
على الصعيد الداخلي، واجهت ولاية ترامب الثانية تحديات كبيرة منذ بدايتها، أبرزها سقوط عدة طائرات، مما أثار تساؤلات حول إجراءات السلامة الجوية وفتح تحقيقات موسعة. وتبني
نهج صارم في مواجهة الهجرة غير الشرعية عبر تشديد الرقابة الحدودية واتخاذ تدابير جديدة للحد من تدفق المهاجرين. إلغاء
قوانين تحمي بعض الأقليات، مما أثار موجة احتجاجات شعبية واسعة. والبدء بحملة توقيعات وصلت إلى 100 ألف تطالب بعزله، ما عكس حالة الانقسام الداخلي العميقة.

بداية او نهاية حقبة الهيمنة الأمريكية.
تشير التحولات الأخيرة إلى أن العالم يتّجه نحو نظامٍ دولي أكثر توازناً، حيث تتراجع الهيمنة الأمريكية لصالح تعددية الأقطاب وصراعات النفوذ. يبقى التحدي الأكبر أمام واشنطن هو إمكانية التخلّي عن النهج الأحادي وتبنّي سياسات تتماشى مع الواقع الجديد. لكن مع استمرار نهج ترامب التصادمي، قد تتسارع وتيرة التراجع الأمريكي، مما يمنح قوى أخرى الفرصة لملء الفراغ.

وفي الختام.
المشهد العالمي في ظلّ ترامب الثاني يشبه أحجية معقدة: صعود قوى جديدة، تحالفات هشّة، وحرب تجارية باردة تعيد تعريف مفاهيم القوة. المستقبل لن يكون امتداداً للماضي، بل ساحة اختبار لقدرة الدول على التأقلم مع عالمٍ لم يعد يُدار من عاصمة واحدة.



عدد المشاهدات : (4022)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :