حظر الأونروا: تسريع المحو الاستيطاني الاستعماري للفلسطينيين


رم - دخل حظر إسرائيل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) حيز التنفيذ، الخميس 30 كانون الثاني/ يناير2025، ما منع خدماتها في القدس الشرقية، وأثّر بشدة على عملياتها في غزة وبقية الضفة الغربية.

تدين منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بشدة تنفيذ هذا الحظر، وتحذر من تصعيد إسرائيلي لمحو فلسطين من خلال الاستعمار الاستيطاني، وبالتالي، يمكن اعتبار حظر الأونروا كجزء لا يتجزأ من استمرار النكبة التاريخية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، كما يسلط الضوء على ضرورة معالجة الجذور العميقة للاستعمار الاستيطاني في فلسطين.

ويأتي الحظر إنفاذاً لمشروعي القانون اللذين أقرهما الكنيست الإسرائيلي في تشرين أول /أكتوبر 2024: حيث يحظر الأول عمل الوكالة داخل حدود عام 1948، والثاني يمنع المسؤولين الإسرائيليين من التعامل مع الأونروا بأي شكل من الأشكال.

ويعيق الحظر تعافي أكثر من 2.1 مليون فلسطيني في غزة، والذين يعانون بعد توقف إطلاق النار، تبعات الحرب من دمار وتلوث ونقص في الغذاء والدواء. ولما كانت الوكالة تُعد العمود الفقري للعمليات الإنسانية واسعة النطاق والتوزيع في غزة، فإن تفكيكها سيشل الجهود المبذولة لإعادة بناء دفء المنازل وأمان البنية التحتية الضرورية للحياة، التي دمرتها آلة الدمار الإسرائيلية وحولتها إلى أنقاض.

أما بالنسبة لـ 1.1 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في الأونروا في الضفة الغربية والقدس، فإن تنفيذ الحظر سيؤدي إلى تسريع تدهور ظروف الحياة المفروضة بسبب الاستعمار. إذ سيتم طرد 49 ألف طالب من مدارس الأونروا، الأمر الذي سيتركهم إما بلا تعليم، وإن كانوا في القدس سيصبحون تحت رحمة مناهج إسرائيلية مشوهة تهدف إلى تحريف تاريخهم وثقافتهم وإلغائهما.

إن حرمان ما يقرب من مليون فلسطيني من الرعاية الطبية – سواء كانوا بالغين أو أطفالًا – إلى جانب فقدان آلاف الوظائف، سيدفع الفلسطينيين إلى المزيد من الضعف الاقتصادي، مما يؤدي إلى تفكيك سبل العيش الأسرية، وتعميق دائرة التراجع التنموي، وفي النهاية تقويض قدرة المجتمع الفلسطيني على الصمود والنمو والازدهار.

وبينما ستكون العواقب الإنسانية كارثية، فإن محاولة إسرائيل تفكيك الأونروا هي مناورة سياسية تهدف إلى تقويض الحق الفلسطيني غير القابل للتصرف في العودة إلى الوطن، وإضعاف الهوية الجماعية للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير.

فيما نؤكد أن وضع اللاجئين الفلسطينيين وحقهم الجماعي والفردي في العودة هما حقيقتان لا جدال فيهما، وظلم متواصل لم يتم معالجته في مواجهة المشروع الاستعماري الاستيطاني المستمر. وبينما لا يعتمد هذا الوضع والحق، ولن يعتمدا، فقط على التسجيل في الأونروا أو أي وكالة دولية أخرى للحصول على الاعتراف القانوني، يتضح لنا أن سعي إسرائيل، بدعم دولي، لتفكيك الأونروا يتجاوز مجرد استهداف دور الأونروا كوكالة إغاثة، بل يهدف أيضًا إلى القضاء على مساحة مؤسسية يمكن أن تعزز المطالب السياسية للاجئين الفلسطينيين ضمن إطار الأمم المتحدة.

أيضاً يأتي حظر الأونروا في الوقت الذي انتقلت فيه آلة العنف الاستعمارية إلى الضفة الغربية، حيث شنت قوات الاحتلال حملة عسكرية واسعة عبر جنين وطولكرم وطوباس، لتعكس هذه الحملة التكتيكات الإبادة الجماعية المستخدمة في غزة، ولكن بوتيرة مختلفة، باستخدام الغارات الجوية، والحصار، وتدمير البنية التحتية الحيوية، والاعتقالات الجماعية، وعمليات التهجير القسري واسعة النطاق.

ومع إجلاء الموظفين الدوليين للأونروا من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، تثني منظمة النهضة (أرض) على صمود موظفي الأونروا الفلسطينيين والدوليين المتبقين الذين تعهدوا بمواصلة العمل رغم التهديدات التي يفرضها الجيش الاستعماري.

وأخيراً، نؤكد أن تفويض الأونروا التاريخي في تعزيز حق العودة الفلسطيني، إلى جانب دورها الإنساني وقدرتها على تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة، أمر لا يمكن استبداله، ويجب دعمه حتى يتمكن جميع اللاجئين الفلسطينيين – سواء كانوا مسجلين لدى الوكالة أم لا – من العودة إلى أراضيهم الأصلية في 1,193 بلدة وقرية. وحتى ذلك الحين، نحث المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق هذا الهدف.

على وجه الخصوص، ندعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى:

• زيادة الدعم المالي والسياسي للأونروا.

• اتخاذ تدابير سياسية ودبلوماسية واقتصادية فعالة ضد إسرائيل، مع فرض حظر أسلحة ثنائي الاتجاه كأولوية قصوى.

• تقديم بيانات داعمة للأونروا أمام محكمة العدل الدولية في إطار الإجراءات الاستشارية حول التزامات إسرائيل تجاه وجود الأمم المتحدة وأنشطتها، والتي بادرت بها النرويج.



عدد المشاهدات : (4554)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :