الحياري تكتب: حسابات سياسية معقدة في ظل تحولات كبرى


رم - د. روان سليمان الحياري


تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جوهرية ذات أبعاد سياسية وعسكرية واقتصادية، تتشابك فيها المصالح الدولية والإقليمية، مما يعيد رسم الخريطة الجيوسياسية بعمق. تتصدر القضية الفلسطينية، لا سيما ما يحدث في غزة والضفة الغربية، واجهة المشهد الإقليمي، بينما تشكل التطورات في سوريا ولبنان حلقات مترابطة ضمن منظومة أوسع من التفاعلات الاستراتيجية.

لم يعد خافيًا أن الأحداث المتسارعة في غزة والضفة الغربية تتجاوز مجرد المواجهات التقليدية بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، ولربما أصبحت لعبة إقليمية بأدوات محلية، ضمن ترتيبات إقليمية ودولية أكبر، قد يكون من أبرز معالمها إعادة هندسة المشهد الفلسطيني بما يخدم مصالح أطراف متعددة. الحديث عن لقاء مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومن ثم زيارته إلى السعودية ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يكشف عن محاولات إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، وربما التحضير لمعادلة سياسية جديدة في المنطقة.

على الأرض، ورغم الدمار الهائل الذي لحق بغزة، فإن الحديث عن "كسر" حركة حماس يبدو مبالغًا فيه، ولكن ماهي الاولوية القادمة الان؟ سياسية أم ادارية؟ في المقابل، تبدو الضفة الغربية الأكثر هشاشة، إذ تتزايد المؤشرات على وجود ترتيبات إقليمية ودولية لإعادة تشكيل بنيتها الأمنية والإدارية، وهو ما يثير تساؤلات عن الدور العربي في هذه الترتيبات.

يبدو أن هناك حالة من على الأقل التغاضي عن بعض ما يجري في الضفة الغربية. التحركات الأخيرة تؤكد أن هناك نية لإعادة ترتيب الأوضاع الفلسطينية، وبمشاركة مباشرة أو غير مباشرة، في هذه الترتيبات. في غزة، تبرز تساؤلات حول المستفيد من الوضع الحالي، خاصة في ظل الحديث عن مشاريع إعادة إعمار تتطلب توافقًا دوليًا وإقليميًا، وعن الغاز الموجود قبالة سواحل القطاع والذي قد يكون أحد العوامل الخفية وراء هذا التصعيد. أما في الضفة الغربية، فمما لاشك فيه ارتباط اوضاعها السياسية بتطورات إقليمية تشمل ملفات التطبيع والاقتصاد والطاقة.

الأردن، بحكم موقعه الاستراتيجي، يجد نفسه أمام تحديات كبرى، فالمملكة تبذل كل جهد للحفاظ على استقرارها كأولوية وطنية عليا، و دورها في القضية الفلسطينية دون الدخول في مواجهات غير محسوبة، في ظل ضغوط سياسية واقتصادية تفرضها التطورات الإقليمية. فالتوترات وسيناريوهات التأزيم في الضفة الغربية تلقي بظلالها،

من الواضح أن الشرق الأوسط مقبل على ترتيبات جديدة متسارعة، تتجاوز الحسابات التقليدية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتمتد إلى إعادة رسم التحالفات الإقليمية. هل نحن أمام "صفقة كبرى" يتم الإعداد لها، أم أن الأمر لا يتعدى إعادة توزيع الأدوار ضمن الوضع القائم؟ الأكيد أن التطورات المتسارعة تتطلب قراءة دقيقة وحذرًا شديدًا، لواقع الأمر أو أمر واقع قد يكون أكثر تعقيدًا مما يظهر في العلن.




عدد المشاهدات : (4513)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :