رم - عقدت لجنة فلسطين والقدس في حزب جبهة العمل الإسلامي، مساء الإثنين، ندوة سياسية بمقر الحزب تحت عنوان: “الأردن وطوفان الأقصى: منطلقات مواجهة التهجير”، وذلك بحضور أعضاء من الحزب ونخبة من السياسيين والخبراء والمجتمع المحلي.
شارك في الجلسة التي أدارها رئيس اللجنة المهندس بدر ناصر كل من أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي المهندس وائل السقا والناطق الإعلاميّ باسم كتلة جبهة العمل الإسلاميّ ينال فريحات، ومدير مكتب القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي، والخبير العسكري والاستراتيجي العقيد المتقاعد محمد المقابلة.
وأشار المتحدثون إلى ما يمر بالمنطقة من تحولات سياسية كبيرة تعصف بها، حيث فرض طوفان الأقصى معادلة جديدة في وقتٍ يتسارع فيه قطار التطبيع مع الاحتلال، وسط محاولات لتغييب القضية الفلسطينية عن الواجهة.
السقا: معركة طوفان الأقصى أعادت تعريف الصراع وفق حقيقته الأصلية كاحتلال تجب مقاومته
وأكد أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي، المهندس وائل السقا، أن القضية الفلسطينية ليست قضية شعب أو فصيل، بل هي مشروع الأمة بأكملها، مشددًا على أنها حقٌ ظاهر لا جدال فيه، ويجب الإيمان به كخطوة أولى نحو نهضة الأمة وتفعيل دورها الحقيقي في مواجهة التحديات.
وأشار السقا إلى أن عودة الغزيين من الجنوب إلى الشمال رغم العدوان الوحشي، ليست مجرد حركة جغرافية، بل رسالة واضحة تؤكد أن حق العودة غير قابل للتنازل أو النسيان، مهما حاول الاحتلال فرض اتفاقيات أو تقسيمات.
كما اعتبر السقا أن الانقسامات التي يشهدها العالم العربي ليست صدفة، بل نتيجة لمؤامرات كونية تستهدف وحدة الأمة.
وشدد السقا على أن الأمة إذا لم تحدد عدوها الحقيقي وتتفق على مواجهته، فستبقى رهينة للتفرقة والضعف، مؤكدًا أن العدو واحد، وهو الكيان الصهيوني الغاصب.
وأضاف أن تمتين الجبهات الداخلية وتعزيز وحدة الصف هو الطريق لتحرير الأرض واستعادة الحقوق المسلوبة.
ودعا السقا إلى إعادة تأسيس الحوار العربي على أسس واضحة تستند إلى الإسلام وثوابته، مشددًا على أهمية توحيد المفاهيم وتصحيحها، وفتح نقاش وطني شامل، لأن العدو لا يتوقف عن التخطيط لمشاريعه التوسعية، ومن واجبنا الاستعداد له اقتصاديًا وعسكريًا واستراتيجيًا.
وأكد السقا أن المقاومة في غزة لم تنتصر فقط على الاحتلال، بل هزمت أيضًا مشاريع السلطة والحلول الاستسلامية، مشيرًا إلى أنها أثبتت أن التحرير ليس مستحيلًا، بل ممكنٌ بالتضحيات، إذا تحررت الإرادة وأعيدت للأمة أمجادها.
واستنكر السقا ما تقوم به السلطة الفلسطينية من ممارسات تستهدف المقاومين في جنين ومدن الضفة الغربية، معتبرًا ذلك خيانة واضحة للمشروع الوطني الفلسطيني.
اختتم السقا كلمته بالإشارة إلى التغيرات الكبيرة التي أحدثها “طوفان الأقصى”، حيث أسهم في وقف موجة التطبيع وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، قائلًا: “لقد كشف الطوفان الوجه الحقيقي للمجتمع الدولي، وأسقط الكثير من الأقنعة، وأعاد تعريف الصراع وفق حقيقته الأصلية.. إنه احتلال يجب أن يُقاوَم، وليس قضية قابلة للتفاوض.”
المقابلة: غزة.. صمود في وجه التهجير
في مستهل حديثه، أكد العقيد المتقاعد محمد المقابلة أن العقيدة هي السلاح الحقيقيّ لأي جيش، مشددًا على أن ما حدث في غزة خلال طوفان الأقصى لا يمكن قياسه بمعايير عسكرية تقليدية، بل هو نصر تحقق بفضل الإيمان والتمسك بالعقيدة.
وأوضح أن الحاضنة الشعبية في غزة هي التي صنعت المقاومة، وليس العكس، وهو ما عزز صمودها وتماسكها في مواجهة الاحتلال.
واستنكر المقابلة الأصوات التي تحاول التقليل من إنجازات المقاومة، وخاصة عندما تأتي من بعض أبناء الأمة العربية والإسلامية، مؤكدًا أن المقاومة في غزة أثبتت نجاحها وأحبطت رهانات المشككين الذين كانوا يتوقعون هزيمتها.
وأضاف أن مشروع التهجير الذي يتحدث عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس مجرد طرح نظري، بل هو جزء من العقيدة الصهيونية التي تقوم على استراتيجية التوسع وإفراغ الأرض من شعبها، وهو ما تم تطبيقه عمليًا في النكبة والنكسة.
وأشار إلى أن الخطر لا يكمن فقط في الاحتلال، بل أيضًا في عقلية بعض الفلسطينيين داخل السلطة، الذين باتوا يروجون لفكرة التسويات والمكاسب السياسية على حساب القضية.
وأكد المقابلة أن المشروع الصهيوني لم يتوقف عند حدود فلسطين، بل يسعى إلى التوسع نحو الأردن، مستغلًا المتغيرات الإقليمية لتحويل الاحتلال إلى استثمار استراتيجي يلتهم الأرض والثقافة والهوية.
وشدد على أن التهديدات التي يروج لها ترامب يجب أن تواجه بصلابة من قبل جميع مؤسسات الدولة الأردنية، لأن المرحلة الأولى من مشروع التهجير تستهدف الأردن عبر محاولة زعزعة الاستقرار وتزييف الوعي بين الفلسطينيين والأردنيين.
وحذر المقابلة من أن العدو الصهيوني يسعى لإضعاف الأردن عبر خلق توترات داخلية، مؤكدًا أن استقرار النظام الأردني يمثل مصلحة استراتيجية للحفاظ على الوطن.
واعتبر أن التهديدات بالتهجير ليست مجرد تحليلات، بل هي محاولات مدروسة لإشعال حرب أهلية في المنطقة، ضمن مشروع تديره عقول صهيونية.
واختتم المقابلة حديثه بدعوة لدعم المقاومة في غزة باعتبارها الخط الأول في الدفاع عن فلسطين والأردن، مشيرًا إلى أن أهل غزة لم ولن يهاجروا إلى الأردن أو مصر، بل اختاروا الصمود رغم المعاناة التي واجهوها خلال طوفان الأقصى، مشيرًا إلى أن ما يجري اليوم ليس مجرد معركة عسكرية، بل معركة وعي ووجود، تتطلب تكاتف الأمة في مواجهة المخططات الصهيونية الساعية إلى إعادة رسم خريطة المنطقة وفق مصالحها.
الرنتاوي: انتصار غزة ومقاومتها حقيقة لا يمكن إنكارها
استهل عريب الرنتاوي حديثه بالإشارة إلى القضايا التي شغلت الرأي العام خلال الأسابيع الأخيرة، وعلى رأسها الجدل حول انتصار المقاومة في غزة، حيث انتقد محاولات البعض التقليل من حجم الإنجاز والتضحية، متسائلًا: كيف يمكن لمن كان يزعم أن القضية الفلسطينية قد أصبحت نسيًا منسيًا، وكان يتوقع أن الاحتلال سيبتلع الضفة خلال أسابيع، أن ينكر اليوم ما فرضته المقاومة على الأرض؟.
وأكد أن المقاومة استطاعت إعادة ترتيب المشهد السياسي والعسكري، مشددًا على أن ما قدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات، في البشر والشجر والحجر، لم يكن بلا ثمن، بل كان ضرورة لحماية الوجود الفلسطيني من محاولات الطمس والإقصاء.
وأضاف أن قضية الوجود التي تدافع عنها المقاومة لا تُقاس بالمكاسب السياسية أو الاقتصادية، بل هي مسألة مصير لا تُقدر بثمن.
أشاد الرنتاوي بالصمود الشعبي في غزة، مشيرًا إلى أن “طوفان العودة” الذي شهدته الأيام الأخيرة كان تجسيدًا عمليًا لأسمى معاني التمسك بالأرض، حيث أثبت الفلسطينيون مجددًا أن التهجير ليس خيارًا، وأن المقاومة ليست مجرد فعل مسلح، بل هي إرادة حياة وكرامة ووجود.
فريحات: مواجهة العنصرية والمخططات الصهيونية مسؤولية الجميع
واستهل النائب ينال فريحات كلمته بالتأكيد على أن اليمين الصهيوني متمسك بالضفة الغربية أكثر من غزة، معتبرًا إياها الركيزة الأهم في مشروعه الاستيطاني والتوسعي.
وأضاف: تصريحات ترامب الأخيرة ليست مجرد آراء عابرة، بل تمثل توجهًا استراتيجيًا خطيرًا، وهو ما يتطلب ردًا قويًا ورسائل حازمة جديدة غير المألوفة لتردع هذه الطروحات.
وأوضح فريحات أن ترامب يحاول طرح سيناريو جديد لمرحلة ما بعد الهدنة، يقوم على استبعاد حماس من المعادلة السياسية، مشددًا على أن هذا الأمر مستحيل، لأن المقاومة جزءًا أساسيًا من المشهد الفلسطيني ولا يمكن تجاوزها.
وتحدث فريحات عن شخصية محمد الضيف، مشيرًا إلى أن أسرته وصفت مكانته بأنها في مرتبة الصحابة، مضيفًا أن سيرته وتضحياته جعلت منه رمزًا نادرًا في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
وأكد النائب على ضرورة تقدير وتقديم الشكر الدائم لأهل غزة ومقاومتها، التي وصفها بأنها الدفاع الأول عن شرف الأمة بأكملها، داعيًا إلى تعزيز دعم صمودها بكل السبل الممكنة.
وشدد فريحات على أن الأردن بحاجة إلى استراتيجيات اقتصادية واضحة لتقليص الديون، حتى لا يكون عرضة للابتزاز الاقتصادي الذي قد يُفرض عليه في قضايا تتعارض مع العقيدة والثوابت الوطنية.
وأنهى النائب كلمته في الندوة بترديد ما يقوله أبو عبيدة في نهاية خطاباته العسكرية: وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.