رم - بلال حسن التل
كان يوم الجمعة الماضي يوما مشهودا، فقد خرج فيه الاردنيون عن بكرة ابيهم، شيبا وشبابا وصبيانا، ذكورا واناثا،من العقبة الى الهضبة، ومن النهر الى عمق الصحراء، مدنا وقرا، وبوادي مخيمات، متحملين البرد والمطر والصقيع ، ومن مختلف طبقاتهم الاجتماعية،و الاقتصادية، ومن كل مستوياتهم العلمية اساتذة جامعات وطلبة من كل المراحل التعليمية،ومن الاميين. ومن كل انتماءتهم الحزبية، ومن كل تياراتهم الفكرية والسياسبة ، كل هؤلاء تحدوا عائق الامطار والبرد والصقيع، ليقولوا كلمتهم قوية مدوية تطرق اسماع العالم كله، بان الاردنيين على قلب رجل واحد، بلتفون حول قائدهم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في رفض تهجير اهلهم من ابناء فلسطين، مدافعين عن حقهم في الحرية والاستقلال وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. وليقولوا للعالم ان فلسطين هي فلسطين، وهي لاصحابها الشرعيين منذ الآلاف السنين، وأن الاردن هو الاردن وهو للاردنيين اهله واصحابه منذ الآلاف السنين، وان الأوطان لاتباع ولاتشترى.
يوم الجمعة الماضي استل الاردنيون سلاحهم الذي ماخذلهم في الانتصار على كل تحد واجههم خلال مائة عام من عمر دولتهم الهاشمية، وهو سلاح وحدتهم الوطنية، الذي يلمع وقت الشدائد، فينسون اختلافاتهم، وتبايناتهم، ويتسامون على اوجاعهم وجراحهم ولايتذكرون الا هويتهم الوطنية، ووطنهم الجامع، وقيادتهم المعبرة عن تطلعاتهم، وهو سلاح تحطم عليه تحالف حفر الباطن، وانهزمت امامه صفقة القرن، وحصن الاردن من اعاصير (الخريف) العربي الذي عصف باقوى دول المنطقة، لكنه تكسر على جدار وحدة الاردنيين ووعيهم.
خروج الاردنيين يوم الجمعةالماضي ليقولوا كلمتهم، يجب ان يكون قد وضع الدول التي تؤمن بالديمقراطية، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، أمام مسؤوليتها بان تقف مع الاردن في رفض التهجير، ومع حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم واقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني.
يوم الجمعة قال الاردنيون كلمتهم، متحملين البرد، ليعلنوا انهم قادرون على تحمل الجوع والعطش والحصار رافضين الابتزاز الإقتصادي، في سبيل ان لا يفرطوا بحقيقة الاردن هو الاردن وهو للاردنيين، وفلسطين هي فلسطين وهي للفلسطينيين، وظل على العالم ان يبرهن على انه يسمع صوت الشعوب وينحاز الى حقها.
يوم الجمعة كان وسيظل يوما مشهودا لقدرة الشعوب على قول (لا) في وجه من يريد الاعتداء على حقيقة من حقائقها.