رم - نضال المجالي
في موضوع المنح الدولية حاسب المجتمع المحلي والعربي وكثير من الدولي افرادا وكتابا ومحللين وسياسيين وأنا منهم قرارا صدر في أول أيام رئيس لدولة أجنبية، حقق في بلده نجاحا رئاسيا أقرب إلى الوصف بأمواج تسونامي في الشدة والأثر بعد أن ضمن مكاسب ومقاعد في كل أركان دولته، ليؤكد قبول سياسته بلا منازع بين ناخبيه وإلا لما اختاروه، فهو من يحقق الأفضل لمصلحته ولمصالحهم أفرادا ولدولتهم العظمى، فجلس حينها على كرسي دولة يصفونها بأقوى دولة اقتصاديا وعسكريا وتحالفات كبرى، أي لم نكن نحن يوما ناخبيه لنحاسب سياسته ونستغرب وصوله لموقعه أو أن نملك أكثر من العتب على قراراته وندعو بانقضاء فترة رئاسته لنعود بعدها للمسار التصالحي من جديد.
لا أصدقاء ولا حلفاء لدولته سلموا من قراراته وتصريحاته، والتي هي أقرب للخيال بمستوى إطلاقها وسقف مطالبها، حتى لحقتنا نحن من نسمي انفسنا أصدقاء دون جوار معه، لنسمع أن دولا تشاركه في الحدود والسياسات قد لحقها الضرر في سياسته غير المتزنة بنظر الجميع، جمارك ورسوم وضرائب وترسيم حدود وضم جزر وانتهاك سياسات دول ومناطق بكيانات قائمة، كلها اهتزت وترصد الضرر لقرارات الرئيس الذي يسعى لمكاسب واضحة عنوانها الاستثمار، وامتدادها ملعب جولف يهوى رياضتها، وشريك مضمون من محتل متطرف يقابله في الفكر والسياسة والضرر واتخاذ القرار.
انطلقنا جميعا في الأيام الماضية دون تردد لنحاسب قرار رئيس أجنبي لم ننتخبه، وان كنا نملك كامل الحق في محاسبته ونحن كذلك، حتى بدأنا نفكر بقائمة لا تطول من الإجراءات للتخفيف من آثارها أو إيقافها، حتى وصل الأمر لتسمع عجوز في قرية وهي تقول بعد نفخ دخان "سبيلها" - ما بطلعله طرمب -، وأخرى رسالة من سياسي بعد ان شد ربطة عنقه يقول -سنسير وفق الدبلوماسية الحاسمة-، وكاتب عض على سيجاره الكوبي الفاخر يهتف وينادي إلى عقد مؤتمر جماهيري، وتناسينا في بناء موازنات لا يغيب عنها بند المنح الخارجية أن نحاسب ونساءل كل من كلفه جلالة الملك في كل كتاب تكليف سامي منذ أول حكومة أن يركز على بناء منظومة اقتصادية واجتماعية متينة تحقق المنعة وطنيا لا اللحاق والتأثر في كل قرار وسياسة دولية، حتى أصبحت معادلاتنا الحسابية تابعة في قيم كل المتغيرات دون ثوابت مالية، وان قال أحدهم هو العالم وقوانينه! اسأله لماذا مدخلات معادلاتنا دائما أرقاما مفروضة أو منسوخة على مقاس الخارج، باستثناء الحد الأدنى للأجور كونها -أدنى- كنا نملك إقرارها؟
في العلاقات مع دولة عظمى نملك معها رصيدا سياسيا واقتصاديا وعسكريا طويلا، لن تخدمنا ردات الفعل والأمثال الشعبية والسرد لبطولات تاريخية، بل نحتاج عاجلا إلى العودة إلى القواعد الأساسية من ثبات شعب خلف قرار القيادة بكافة أشكاله وتوجهاته، فلا حنكة ووعيا وعلاقات كما يملكها الملك في المنطقة، وثانيا ضرورة الحصول على دعم وإسناد كل الأصدقاء في بيئة صاحب القرار المرفوض، فلغتهم وتصريحهم أقرب له من ألف لقاء وتحليل كتبناه، وثالثها اللحاق بالمتغيرات الدولية وتنويع تحالفاتنا العالمية دون اقتصارها باتجاه واحد، ورابعها العودة الجريئة لتأميم كل مورد لدخل وطني بعناه أو جددنا عقوده قبل موعده بتوصية أو سمسرة شخصية، وخامسها صدق المشاريع وأدوات النجاح والتوقف عن التقاط الصور عند توقيع عقود واتفاقيات لحجر أساس دون بناء يتبعه، وسادسها أن نضمن التزام حكوماتنا ونسألها عن مشاريع تنموية في الزراعة والصناعة والتعدين وخطوط اللوجستيات وأخرى جميعها، فسبيل الاستقرار وعنوان القوة يبدأ داخليا، ولنعلم أن الفوضى التي يخلقها المحيط من حولنا تساهم في استقراره فقط دوننا، وتزيد من أعباء الوطن ومتطلبات أمنه وسلامته، وان كنا سنرتكن على دعم عربي أقول إنها تضع مصالحها مع الحليف الأميركي قبل أي رابط أو قضية عربية.
وأما في فكرة التهجير فهو تفجير للمنطقة لا أقوى على الكتابة فيه، فالمنوي تهجيرهم هم أصلا اشبه بالغرباء في بلدهم، وأن كانت أرض غزة وسواحلها مشروعا عقاريا في عقله كما أعلنها صراحة فلتكن قرى الغزيين الأصلية في فلسطين الداخل أولى ليعودا لها فهم أهل الأرض واصل القضية، وأما الوجهة المقترحة للتهجير فهي لا تتسع بالقدرة ولا الفكرة ولا يقبل عقل مواطنيها تفريغ أرض فلسطين ليس رفضا لهم بل حماية لهم وتثبيتا لحقوقهم وصونا لقدسيتها.