رم - "رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة" مثل صيني، فكيف إن بدأت الرحلة بعد سنوات من العمل الإبداعي الجاد، فحينها ستكون رحلة الألق ونشر الفكرة وشرح أهدافها وغاياتها للجميع، ليكون النجاح محصلة لعمل متفرد بدأه الفنان والخطاط الأردني غازي خطاب بتأسيسه متحف آرمات عمان بجهد فردي، وصنع له مكان وإسم في وسط العاصمة الأردنية قبل أن يقرر الترويج لهذا المتحف الذي يؤرخ للتاريخ بصورة جديدة وأنيقة وفريدة ليتزايد زوار المتحف بشكل ملفت للأنظار، وبما أن خطاب يبحث عن الترويج لمتحفه عند جميع فئات الشعب فقد بدأ رحلته باحثا عن شمولية الحضور للتسهيل على ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولن تتوقف الرحلات في العاصمة عمان وبقية المحافظات الأردنية، بل ستمتد لعديد العواصم العربية لنقل التجربة بصورة قومية شمولية للحفاظ على تاريخ العواصم العربية التاريخية منها والحديثة، لتكون البداية بنقل تجربة خطاب المتميزة والفريدة صوب غاليري بنك القاهرة عمان ليتشارك ومتحف آرمات عمان في انتاج رؤية "ذاكرة المدينة" لغاية الثامن عشر من آذار القادم، قبل الانتقال من محافظة لمحافظة لتشجيع كل منها على إقامة متحف للآرمات خاص بها والإنتهاء بمتحف شمولي لآرمات الأردن، لحفظ تاريخ المملكة بطريقة حديثة تسهم في الإرتقاء والاعتزاز بالوطن ونهضته، ولتعزيز هذا الهدف عمل خطاب وفريق عمله على تصوير الآرمات بالحجم الطبيعي وتزيد عن ألف آرمة وتنظمها وترتيبها بما يتناسب مع عرضها بصورة تمكن مشاهدها من قراءة تاريخ عمان كأنه عاش اللحظة كما هي.
وولدت الفكرة الرائدة لدى الفنان المبدع خطاب ولم يؤدها بل نهض بها واستجمع شجاعته ليخوض المغامرة بالغوص في أسبار التاريخ لينمو المستقبل بجذور قوية ضاربة ، وقام بجمع الآرمات النادرة والنفيسة ودفع ثمناً كبيراً من جهده وماله الخاص ليحافظ على ذاكرة المكان والعاصمة التي يعشقها الأردنيون، وترنوا إليها عيون الأشقاء العرب بفضل تاريخها وجمالها وأمنها وأمانها، ويقبل الأجانب على زيارتها لهدوء الحياة فيها ولتنوع المطبخ الأردني والآثارات المتعددة لمجموعة كبيرة من الحضارات القديمة، ليكون المتحف خطوة سبق فيها خطاب الجميع لترسيخ عشق عمان في قلب كل أردني وعربي وأجنبي، ويقدمها لهم بالمجان ودون رسم دخول.
وشهد حفل افتتاح المتحف حضوراً جماهيرياً كبيراً بسبب غرابة الفكرة وندرتها وتفردها، ليعش الحضور من خلال خطاطين وفنانين وشخصيات مجتمع ورجال وسيدات ماضي العاصمة وتاريخها بكل تفاصيلها، فهذه آرمة أحد أوائل الأطباء، في الأردن والأخرى لأولى الشركات والمصانع والبنوك وما تلاهم من مؤسسات وشركات، ليتذكر الكبار جمال تاريخ عمان ويتعايش الجيل الجديد مع التجارب القديمة بكل فخر واعتزاز كون بعض المصانع والشركات يصل عمرها لمئة سنة ولا تزال تدعم الاقتصاد الأردني، وشكل المتحف نقطة إنطلاق لجميع أبناء الوطن صوب مستقبل وثقافة وحضارة ومدنية نابعة من جذور الوطن لتصل أغصانه المورقة بالمحبة لجميع العالم.
وبمناسبة رحلة المتحف صوب المحلية الشمولية والعربية القومية والعالمية، تحول سفير الخطاطين غازي خطاب إلى ذاكرةُ مدينةٍ تتجمع في ذاكرةِ شخص، ليصبح الحُلم مشروعاً، كبر وترعرع فأصبح واقعاً ملموساً بعد أن كان حلماً لعاشقي عاصمة المدن، ليوقرها غازي كجدة لكل أردني يشمخ بهيبتها وترتقي بقيمتها ومكانتها، لتفرح عمان بأحفادها البررة فنحتار من هو الطفل فهل هي عاصمة المحبة أو محبي عمان؟، لترتقي بهامتها بتفردها كزهرة شامية لا تذبل، وارتقيت معها كريح طيب جال عبقة الآفاق.