المساعدة يكتب : إلى أبي، "خلف " في الذكرى العاشرة لرحيله


رم -

كتب الوزير الاسبق الدكتور احمد مساعده في الذكرى العاشرة لرحيل والده :

عشر سنوات مضت يا أبي، وما زلتُ أبحث عنك في تفاصيل حياتي، في ملامحي التي أرى فيها بعضًا منك، في صوتي حين أتحدث بما كنت تؤمن به، في مواقفي حين أقف على ذات المبادئ التي غرستها فيّ. عشر سنوات، وما زالت يد الفقد تمسك بروحي، وما زال صوتك يأتيني في هدوء الليل، كأنك هنا، كما كنت دومًا، تسندني حين يميل كل شيء من حولي.

كيف لي أن أختصر رجلاً مثلك في كلمات؟ كنتَ أكثر من أب، كنتَ وطنًا، كنتَ جدارًا يستند إليه المظلوم، وميزانًا لا يميل، ورجلًا لا يعرف إلا طريق الحق، وإن كان وعرًا. كنت المحامي الذي لا يخشى في العدل لومة لائم، كنت القاضي الذي لم يجلس يومًا على منصة القضاء، لكن كلمته كانت حكمًا، وموقفه كان فصلاً بين الحق والباطل.

أما عروبتك، فقد كانت دمًا يجري في عروقك، لم تكن شعارًا تردده، بل كانت عقيدة تعيش بها ولها. كنت ترى فلسطين في كل قضية تبنيتها، في كل كلمة ألقيتها، في كل موقف وقفته، كنتَ تحلم بوطن عربي مُوَحَد تحكمه المبادئ، وكنتَ على يقين أن فلسطين لن تبقى أسيرة الاحتلال إلى الأبد، لأنها ببساطة الحق، والحق لا يموت او يتقادم. ولو كنت بيننا اليوم، ورأيتَ ما يجري في غزة، لرأيتُ في عيونك تلك النظرة الصارمة التي عرفتها جيدًا، نظرة الرجل الذي لم يهادن الظلم، ولم يَنْحَنِ للقهر.

أبي، لم يكن رحيلك مجرد خسارة لشخص، بل كان غيابًا لزمن جميل، لرجال من طينتك، لحقبة من الصدق والصلابة والشرف. لكنك لم ترحل تمامًا، لأنك تركت لنا إرثًا من القيم لا ينهار، وتركت لي اسمك الذي أحمله بكل فخر، ومسؤولية أن أكمل الطريق الذي مشيته بثبات حافظاً لعهد الحق والعروبة والمبدأ.

رحمك الله يا أبي، وأكرم مثواك، وأسكنك فسيح جناته، وجزاك عن كل ما قدمت خير الجزاء.

 




عدد المشاهدات : (7462)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :